اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
من هي الطبقة الوسطى العليا التي ظهرت جديدًا في لبنان؟ في الواقع، ما نراه اليوم ليس ظهور طبقة وسطى عليا جديدة، بل تراجع ملموس للطبقة الوسطى الحالية، بما فيها الفئة التي كانت تُصنّف ضمن 'الوسطى العليا' سابقًا. فما الذي حدث في السنوات الأخيرة؟
قبل عام 2019، كانت الطبقة الوسطى العليا تضم من يكسب بين 6,000 و7,000 $ شهريًا. وبحسب دراسة ESCWA (اللجنة الاقتصادية لـ الأمم المتحدة غربي آسيا)، فإنّ نسبة هذه الفئة انخفضت من 11.5 % عام 2019 إلى 4.5 % عام 2020 . وعلاوة على ذلك، تقلص إجمالي الطبقة الوسطى (بما في ذلك العليا) من حوالى 45.6 % عام 2019 إلى 35.2 % عام 2020. وهذا التحول يُظهِر أن الفئة الأكثر تضررًا كانت من ضمن ما يُعتبر 'الوسطى العليا' سابقًا، وليس فئة جديدة تتشكل.
من هم 'الوسطى العليا' في السياق الحالي؟
أولًا: الأفراد الذين يتقاضون رواتب بالدولار الأميركي (سواء من تحويلات، شركات أجنبية، أو مهن حرة مرتبطة بالدولار الفريش): هؤلاء حافظوا على شرائحهم الاقتصادية الأعلى نسبيًا، وكلما كان دخلهم بالدولار كان تأثير التضخم والليرة أقل .
ثانيًا: صغار رجال الأعمال وأصحاب الشركات الصغيرة الذين يحققون أرباحًا بالدولار أو من خلال التسعيرة بالدولار.
ثالثًا: العائدون من الخارج أو المستفيدون من تحويلات المغتربين، إذ باتوا يشكلون 'طبقة وسطى أعلى من العليا' مقارنةً بمن يعتمد فقط على راتبه داخل الوظيفة.
وهذه ليست 'طبقة وسطى عليا جديدة' بقدر ما هي مجموعات مقاومة بشكل نسبي للانهيار، إذ لا تزال الطبقة الوسطى ككل في حالة تآكل شبه كامل. لذلك، ما نراه هو تفكك وانكماش الطبقة الوسطى، حيث بقي فقط من لديه دخل بالدولار أو استفاد من تحويلات خارجية نسبيًا قادرًا على الحفاظ على مستوى معيشي 'أعلى'. أما الفئة التي كانت تُصنّف كالوسطى العليا سابقًا، فقد انحدرت إلى شرائح دنيا أو فقيرة، حسب المصادر الاقتصادية والأمم المتحدة.
مقاربة نقدية ومالي
في الاقتصاد النقدي، يُحدَّد تصنيف الطبقة بناءً على عناصر منها: الدخل الشهري المتاح، القدرة الشرائية، الثروة الصافية، نمط الإنفاق والتراكم (مثلاً القدرة على الادخار، الاستثمار، التعليم الخاص، الترفيه، التملك العقاري). ولكن كيف أصبح الوضع بعد عام 2019؟
فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها، فأي شخص يتقاضى راتبه بالليرة أصبح فعليًا من الطبقة الفقيرة أو المسحوقة. أما من بقي يحصل على دخل بالدولار (أو ما يعادله) فقد حافظ على جزء من قوته الشرائية. وهؤلاء تحديدًا، يشكلون الشريحة التي يُنظر إليها اليوم على أنهم 'الطبقة الوسطى العليا الجديدة' مقارنة بالمنهارين.
مثال رقمي:
الفئة الدخل الشهري توصيف نقدي
موظف قطاع عام 8 مليون ل. ل. = ~90$ تحت خط الفقر
موظف في شركة خاصة بالدولار 2,000$ وسطى عليا أو مريحة
طبيب أو فريلانسر بالدولار 4,000$–8,000$ وسطى عليا أو أغنياء
مغترب متقاعد تحويل شهري 2,500$ وسطى عليا
بالمجمل، الطبقة الوسطى العليا الجديدة تُبنى على 'العملة الصعبة' ولا يمكن قياس هذه الطبقة بالليرة، لأن الليرة أصبحت 'رمزية'. أما القوة الشرائية فهي مرتبطة بالدولار النقدي أو بطاقة مصرفية خارجية. والطبقة الوسطى العليا الجديدة' في لبنان تُحدَّد اليوم بالدخل بالدولار لا بالنشاط الاقتصادي التقليدي. واعتبرها البعض، طبقة نقدية لا إنتاجية، أي تعتمد على تدفّقات العملة الصعبة لا على القيمة المُضافة.
المشكلة في النظام الضريبي
يعاني النظام الضريبي في لبنان تشوهات عديدة، بحيث بقيت السياسة الضريبية المعتمدة في السنوات الأخيرة مجرد أداة في خدمة السياسة المالية من دون أيّ جدوى. ما أدّى إلى خفض العجز في الموازنة، من دون الأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذه السياسة.
وعن دراسة أجرتها الباحثة ليديا أسود حول تفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء في لبنان، توزّع الدخل على جميع القاطنين في لبنان بين عامي 2005 و2016، على الشكل الاتي:
* أغنى 10% من السكان يحصلون على ما بين 49 و54 % من الدخل القومي السنوي
* الطبقة الوسطى تشكل 40% من السكان، وتحصل على 34% من الدخل القومي السنوي
* أفقر 50% من السكان، يحصلون على ما بين 12 و14% من الدخل القومي السنوي.