اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
بيروت – اتحاد درويش
جدد مجلس النواب الثقة بحكومة الرئيس نواف سلام في نهاية الجلسة التي خصصت لمناقشة الحكومة في سياساتها العامة. وطرحت الثقة بناء لطلب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، فنالت 69 صوتا في مقابل حجب الثقة من 9 نواب، وامتناع 4 عن التصويت.
وكان تحدث في اليوم الثاني من الجلسة عدد من النواب. وأثار كلام البعض منهم غضب زملاء لهم وصل إلى حد المشادات الكلامية. وبعد أن توزعت المواقف المنتقدة لأداء الحكومة في موضوع التعيينات وآليتها لاسيما تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان، ووصف النائب أحمد الخير الحكومة بغير العادلة وأبدى خشيته أن يصبح شعار الحكومة في الإصلاح والإنقاذ مثل شعار «الإصلاح والتغيير»، رد عليه النائب سليم عون بالقول: «لسنا مكسر عصا والتيار الوطني الحر تاج راسك». وحاول عون التوجه نحو المنصة حيث كان يقف الخير، وسادت الفوضى ما دفع عددا من النواب إلى قطع الطريق على عون وحالوا دون وصوله إلى الخير. واستخدم الرئيس نبيه بري المطرقة عدة مرات مطالبا بالتوقف عن السجالات.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فوصف النائب فراس حمدان في مداخلته ما اعتبره «التعطيل الممنهج للرئاسة والحكومة كرمى عيون الصهر»، ما أثار غضب النائب سليم عون الذي رد عليه بحدة. وطلب الرئيس بري شطب كلمة «الصهر» من محضر الجلسة.
ثم رد الرئيس نواف سلام على مداخلات النواب، وقال: «استمعت وزملائي الوزراء، باهتمام كبير إلى السادة النواب جميعا. وأصغيت بصورة خاصة إلى الملاحظات والانتقادات التي سنأخذها كلها على محمل الجد. ولا يخفى عليكم أن ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري ليس مجرد اعلان نوايا، إنه التزام، بل قرار لا لبس فيه ولا رجعة عنه. وأن بسط سيادة الدولة على أراضيها كافة وبقواها الذاتية وحصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيدها واحترام القرارات الدولية، لاسيما القرار 1701 وترتيبات وقف الأعمال العدائية الذي أقرته الحكومة في نوفمبر من العام الماضي، مسؤوليات متلازمة تحقق الصالح اللبناني العام، وتستعيد السيادة، وثقة اللبنانيين والأشقاء والأصدقاء في العالم».
وتابع سلام: «كلكم يعرف أن الجيش اللبناني أنجز الكثير من حيث بسط سيادة الدولة على أراضيها جنوب الليطاني. وأذكركم أن ترتبيات وقف العمليات العدائية تنص على«البدء» من جنوب الليطاني. ولا يعيق استكمال ذلك إلا الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس وغيرها من أراض لبنانية، لذا فإن الحكومة مصرة على احترام وقف العمليات العدائية الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي التي تحتلها. وهي مصرة، بالتلازم مع هذه المسؤولية الوطنية، على مواصلة العمل من أجل بسط سيادة الدولة على المناطق اللبنانية شمال الليطاني كما في جنوبه. وهي تعي أن من شأن هذا السعي أن يتم على مراحل. وهي تتطلع إلى تحقيق أهدافه في مدى زمني غير بعيد».
وأضاف: «ستعمد الحكومة بعد نضوج المداولات الجارية حاليا، إلى اتخاذ موقف واضح في القضية إياها وتضع الخطة التنفيذية الملائمة. والحقيقة أننا لم نكن بحاجة إلى من يذكرنا فنحن نعرف الدستور جيدا، لاسيما فيما يتعلق بدور مجلس الوزراء. فهو السلطة التنفيذية في البلاد، وله القرار وحده في أي قرارات إجرائية. أما وقد ترددت عبارة «إملاءات» أكثر من مرة بالأمس، فصدقا لا أعرف ما المقصود بها. نحن حريصون على سيادة قرارنا، والإملاء الوحيد الذي سنقبل به وننصاع اليه هو ما يقرره مجلس الوزراء.
أعرف ما المقصود بها، فنحن حريصون على سيادة قرارنا، والإملاء الوحيد الذي سنقبل به وننصاع اليه هو ما يقرره مجلس الوزراء. أما بشأن إعادة الإعمار، فإننا لم نوفر جهدا لحشد الدعم المالي لهذه المهمة الوطنية الكبيرة. ونحن مستمرون بذلك رغم كل الصعوبات، ونجدد القول ان إعادة الإعمار التزام منا وليس وعدا».
وعن عودة النازحين السوريين، قال سلام: «سألنا العديد هل لدينا خطة لعودة النازحين وأفيدكم، لاسيما لمن لا يتابع قرارات الحكومة المنشورة، بأننا وضعنا خطة متكاملة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم. وسميناها آمنة ومستدامة، وهذا ما يعني أن العائدين ذهبوا إلى بلادهم ليبقوا فيها لا ليعودوا إلى لبنان. وتقرر، طبقا للخطة التي تبناها مجلس الوزراء في 16 يونيو، أن تشطب أسماء العائدين من سجلات المفوضية السامية للاجئين والأمن العام، مما يفقدهم الصفة التي كانت لهم في السنين الماضية. ومنذ مطلع العام، وقبل البدء بتطبيق الخطة، عادت أعدادا كبيرة من النازحين السوريين إلى بلادهم. ويتزايد العدد يوميا وهو بالآلاف، نعم بالآلاف، منذ بدء تطبيق الخطة. ومن النازحين من يعود بصورة فردية ومنهم من يريد الانضمام إلى مبادرات العودة المنظمة. وفي الحالتين يتلقى العائدون مساعدة في لبنان من قبل المنظمات الدولية تأمينا للانتقال وأخرى اكبر في سورية من المنظمات والدول العربية تسهيلا للاستقرار في بلدهم. وتنفيذ خطة العودة يتم بالاتفاق بين السلطة اللبنانية والمنظمات الدولية وبالتنسيق بين الأجهزة المختصة في سورية ولبنان.
وأضاف: «هذه هي أول خطة حكومية منذ العام 2014، وهي ملتزمة بالدستور والمصلحة اللبنانية العليا وتحترم القانون الدولي الإنساني وتتشدد في تطبيق القوانين اللبنانية. وترى الحكومة أن اللبنانيين جميعا مدعوون لتأييد هذه العودة لأنها تستجيب لضرورة معالجة هذه القضية المهمة بروح الحفاظ على المصلحة الوطنية. لقد شطب 120 ألف نازح من سجلات المفوضية والأمن العام، وبفضل الخطة الحكومية سجل خلال عشرة أيام أكثر من 16 ألف طلب للعودة. ويتضاعف هذا العدد بسرعة منذ الأسبوع الماضي. نحن واثقون انه سيستمر بالتصاعد لنتعاون جميعا في إنجاح العودة، فأمامنا فرصة غير مسبوقة».
وقال سلام: «أنجزت الحكومة عددا من التعيينات، وستواصل هذه العملية الحيوية لأجل تمكين الإدارة العامة ومؤسساتها كافة من القيام بدورها في انتشال لبنان من عمق أزماته وتحمل مسؤولية الإصلاح والإنقاذ. ووضعت بعد مناقشات ومشاورات مستفيضة، آلية لاختيار أفضل المرشحين للوظائف العامة وعضوية المجالس والهيئات الناظمة. وهذه الآلية المعروفة لديكم، تتيح للحكومة أن تقوم بالتعيينات على أسس واضحة معتمدة على معايير الشفافية والجدارة والتنافس وعدم تضارب المصالح والشفافية في اختيار أفضل المرشحين.
وقيدت الحكومة نفسها باحترام مقتضيات الآلية وقواعدها في عدد كبير من التعيينات. والحالات التي كانت التعيينات مستثناة من الآلية، فذلك لأسباب تتعلق بخصوصية أوضاعها والقوانين والأعراف التي تحكم عملها. واتخذ مجلس الوزراء قراراته بالإجماع أو بالتصويت بناء على اقتراحات الوزير المختص. ولا يعني عدم خضوع هذه الفئة من التعيينات للآلية أنها خضعت لمنطق التقاسم أو المحاصصة، بل اننا عملنا على احترام مقتضيات المادة 95 التي تقول باحترام المناصفة».
وأشار سلام إلى أن «مجلس الوزراء لم ينجح إلا جزئيا بتحقيق المداورة في الوظائف، تطبيقا للمادة 95 من الدستور التي التزمت الحكومة صراحة باحترامها. لكنها تؤكد أمامكم أن سنحترم هذه المادة في الدستور احتراما صارما».
وقال ان الحكومة وضعت نصب عينيها حقوق المودعين كأولوية مطلقة، وكانت تعي منذ اليوم الأول أن إحقاق حقوقهم يستدعي مسبقا إدخال الشفافية والانتظام على قطاعنا المصرفي.
وأشار إلى أن الحكومة وضعت لذلك ثلاثة مشاريع قوانين متكاملة لعرضها على مجلس النواب. «لقد وافقتم على أولها المتعلق بالسرية المصرفية، أما ثانيها المتعلق بإعادة هيكلة المصارف فهو لايزال قيد الدراسة في مجلسكم، وتأمل الحكومة أن تتمكنوا من إقراره في أقرب وقت. أما ثالث هذه المشاريع، المسمى بقانون الفجوة، فإننا نعمل عليه دون كلل وسيرسل لمجلسكم فور إقراره بمجلس الوزراء. وتفتح هذه القوانين الباب فور اكتمال إقرارها أمام إنصاف المودعين بالتزامن مع تعافي القطاع المصرفي».