اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ خلدون قواص
اللقاء الروحي السياسي الجامع في قصر بعبدا الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون احتفاء بزيارة بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر، خيمت عليه روح المحبة والتلاقي والتواصل والتشاور بين كل المكونات اللبنانية.
وعكس اللقاء حقيقة لبنان ورسالته، وجرت أحاديث جانبية بين القوى السياسية المتناقضة قبيل دخول الرئيس عون وبابا الفاتيكان إلى قاعة الاحتفال «قاعة 22 نوفمبر (الاستقلال)». وأضحت القوى السياسية بتنوعها وتعارضها كتلة واحدة في القصر الجمهوري باعتباره «بيت العائلة اللبنانية» التي تختلف وتتشابك سياسيا حول صورة لبنان التي يطمح إليها كل منهم مستقبلا. غير ان ما حصل في القصر الجمهوري يؤكد ان العائلة اللبنانية واحدة تحت مظلة الرئاسة الأولى، التي تنطلق من كونها حكما بين اللبنانيين تحتضن توجهاتهم وتسعى إلى توحيد صفهم، وتعمل مع الحكومة والسلطة التشريعية على بناء الدولة المحتضنة لجميع أبنائها، والساعية بحكمة وحزم لبسط سلطتها اللبنانية، على رغم الإشكاليات التي تبرز بين وقت وآخر بشأن وحدة الموقف اللبناني في معالجة كل النتوءات والتباينات التي يعانيها لبنان منذ عقود عدة ويسعى بجد واجتهاد للخروج من هذا المأزق.
لقاء القصر الجمهوري للترحيب ببابا الفاتيكان، شكل نقطة انطلاق وعلامة مضيئة لما بعده من مسار متجدد فيه كل مقومات العيش الواحد بين اللبنانيين في ظل دولة وطنية قوية قادرة بامتياز.
ولوحظ ان المراجع الدينية الإسلامية والمسيحية كانت موضع احتضان من كل القوى السياسية على تنوعها. وكان لافتا انتحاء مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان لغرفة جانبية في قصر بعبدا لأداء صلاة المغرب قبيل البدء بالاحتفال الوطني الجامع. ولفت انتباه المشاركين في اللقاء دقة التنظيم على كل الصعد والحفاظ على حيثيات البروتوكول المعتمد لدى رئاسة الجمهورية التي استطاعت من حيث التنظيم والاستقبال والإجراءات الأمنية التي سهلت دخول المدعوين، أن تبدو بصورة متألقة وحضارية تعكس التميز اللبناني في شتى المجالات.
مشهدية اللقاء الإسلامي ـ المسيحي في ساحة الشهداء تكاملت مع اللقاء في القصر الجمهوري حيث تخللها كلمات (في ساحة الشهداء) لمرجعيات إسلامية ومسيحية، في طليعتها كلمة لمفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان والتي جاء فيها: «من دواعي سرورنا أن نكون في استقبال بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر الذي يزور لبنان بلد التعايش والتعدد الطائفي المتنوع وهو غنى وإثراء لإنسانية الإنسان، واعتبار المواطنة أساسا في تحديد الحقوق والواجبات على حد سواء، ومن دون أي تمييز. وفي لبنان نؤكد دائما ثوابتنا الوطنية، في قممنا الروحية، ونحترم الحريات الدينية وحقوق الإنسان، كأساس للعيش المشترك في مجتمعاتنا المتنوعة والمتعددة، ولا نتدخل في الخصوصيات، فبلدنا لبنان يحمي دستوره حق الطوائف في ممارسة شرائعها، مصداقا لقوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).
وأضاف: «الإسلام ليس ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، إنما هو المسيرة الإيمانية بالله الواحد، من آدم إلى نوح وإبراهيم، إلى موسى وعيسى، وانتهاء بمحمد، عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
إن وثيقة المدينة المنورة، التي قامت على أساسها نواة الدولة الأولى في الإسلام، نصت على أن المؤمنين من يهود ونصارى، يشكلون مع المسلمين أمة واحدة».
وتابع: «بهذه الأسس الإيمانية، أرحب بضيف لبنان الكبير، البابا ليو الرابع عشر، متمنيا له التوفيق في قيادة السفينة المسيحية، لما فيه خير الإنسانية، على النحو الذي تجسده وثيقة الإخوة الإنسانية، بين إمام الأزهر الشريف، الشيخ أحمد الطيب، والبابا الراحل فرنسيس».
وختم: «لبنان هو أرض هذه الرسالة، وهو رافع رايتها، والعامل عليها ولها. ولذلك فإننا، نعد أنفسنا مؤتمنين معا، دينيا وأخلاقيا ووطنيا، على حمل مشعل هذه الرسالة، حتى يعم الأمن والسلام في العالم، وحتى تسود المحبة بين جميع الأمم والشعوب».
وبعد الاحتفال توجه رؤساء الطوائف الدينية الإسلامية إلى مقر السفارة البابوية، حيث عقد لقاء خاص مع البابا اتسم بالمصارحة والانفتاح والمرونة، لبناء غد أفضل بين أتباع الشرائع السماوية لتوحيد الخالق وجمع الناس على كلمة سواء.











































































