اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ زينة طباره
قال عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن في حديث إلى «الأنباء»: «تأتي زيارة البابا ليو الرابع عشر إلى لبنان في لحظة مصيرية قوامها مرور لبنان في واحدة من أكثر المراحل تعقيدا في تاريخه الحديث لاسيما على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي. من هنا تحمل الزيارة مضمونا يتجاوز البروتوكول البابوي إلى إعادة ضخ روح جديدة في العيش المشترك، وتشجيع اللبنانيين على التمسك بهويتهم الرسالية وخلق فسحة أمل جديدة في بلد ضاق بأزماته ومآسيه».
وتابع «أما خلفية الزيارة، فتعود إلى متابعة الفاتيكان بدقة للأوضاع اللبنانية. وليس سرا أن الكرسي الرسولي يشعر بالقلق على مصير لبنان، ويرى أن حماية نموذجه وصيغته ضرورة روحية وإنسانية للمنطقة. وقد شاء قداسته انطلاقا من حبه للبنان أن يقوم بهذه الزيارة خصوصا بعدما لمس حجم الآلام والمعاناة التي يعيشها اللبنانيون، وهو الذي لا ينفك يتحدث عن لبنان بنبرة وجدانية تحمل في خلفياتها رسالة سلام ومحبة صادقة».
وأردف في السياق «لبنان في نظر البابوية ليس مجرد بلد صغير على خارطة الشرق الأوسط، بل مساحة نادرة تتلاقى فيها الأديان والحضارات، ونموذج فريد يختصر فكرة الشرق المتعدد والمتنوع، حيث يعيش المسلم والمسيحي في شراكة تتجاوز السياسة إلى الوجود الانساني، الأمر الذي رسخ لبنان في ضمير الكرسي البابوي ووضعه على سلم اولوياته واهتماماته. من يوحنا بولس الثاني إلى بنديكتوس السادس عشر إلى فرنسيس وليو الرابع عشر اليوم، توالت الزيارات البابوية كرسالة واضحة المعالم والأبعاد، الا وهي ان حماية لبنان ومساعدته على القيام من تحت الرماد ليس مجرد تعاطف عابر، بل واجب روحي وإنساني وأخلاقي. وبالتالي فإن توالي الزيارات البابوية إلى لبنان تعبير عن قناعة الفاتيكان بأن سقوط النموذج اللبناني يعني خسارة ركيزة أساسية للتوازن الروحي في المنطقة. من هنا نفهم لماذا يستمر الفاتيكان في اعتبار لبنان جزءا رئيسيا من اهتماماته الإستراتيجية».
ومضى الخازن قائلا «عندما وصف البابا يوحنا بولس الثاني لبنان بالرسالة، كان يعيد تعريف حقيقة هذا الوطن الصغير في المشرق العربي. وهي الرسالة التي تجسدت بأبهى حللها في الصورة التي جمعت البطريرك الماروني الكاردينال انطوانيوس خريش إلى جانب الإمام السيد موسى الصدر والشيخ حسن خالد في مشهد يختصر وحدة اللبنانيين. لكن ما يدعو للأسف هو ان هذه الرسالة النموذجية الفريدة نوعا ومضمونا تعرضت للخدش بسبب اشتداد الانقسامات السياسية والطائفية والمذهبية التي عصفت بلبنان. ومع ذلك تبقى الرسالة نفسها حية لم تمت، متجذرة في وجدان اللبنانيين رغم التعب والإحباط. اللبنانيون قادرون اذا توفرت الرغبة الصادقة على إعادة إحياء هذا النموذج الذي جعل لبنان مصدر إلهام للشرق والغرب. وبالتالي تأتي زيارة البابا في السياق نفسه لتذكير اللبنانيين بأن رسالتهم التاريخية هي ثروتهم الحقيقية في مواجهة التحديات».
وردا على سؤال، ختم الخازن بالقول «وثيقة الاخوة الإنسانية التي أطلقها ووقعها البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر د.أحمد الطيب في أبوظبي (4 فبراير 2019)، شكلت نقلة نوعية في العلاقات الإسلامية ـ المسيحية، ومسارا عمليا يفتح باب التلاقي على أساس إنساني رحب. اما لبنان، فهو بطبيعته بلد الاخوة، لكنه اليوم بحاجة إلى تجديد هذه الروح عبر مبادرة مماثلة تعيد التأكيد على وحدة المصير، خصوصا ان الاختلاف قيمة وليس خطرا، وأن الشراكة قدر وليست خيارا ظرفيا».











































































