اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
﴿قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ الأنعام162
في قلب النار يُولد التجرد، حين تُطوى الدنيا وتُفضح النوايا، فتكتشف أن أعظم الأعمال ليست في زحام الواجبات، بل في صدق القلب حين يختلي بربه وسط المحرقة. هناك فقط، يتسع الزمن رغم ضيقه، وتصبح اللحظة أثمن من عمر بأكمله، لأنها لله وحده، ولأنها الباقية حين يفنى كل شيء.
التجرد الكامل لله تعالى أساس الفلاح والنجاح، وأن يصاحبنا هذا التجرد في كل عمل حيث ثمة النوايا 'إنما الأعمال بالنيات'، وحيث ثمة الواجبات والمهام بنتائجها وثمارها، وكلما كانت أعظم وأكبر نالت مساحة أكبر في الاهتمام. ومن ذلك التجرد في محرقة غزة بالصبر في أوقات الزلزلة والبأساء والضراء والجوع والعطش والقتل والدمار والتهجير، كلها تجعلها لله وفي سبيله { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } الزمر 10.
قبل الطوفان في 7 أكتوبر، واشتعال النار في محرقة غزة، كانت يوميات الناس بالعموم، والله أعلم، مزدحمة بعديد المهام التي لا تكاد تنتهي. وفي نهاية كل يوم عليك أن ترتب جدول أعمالك حيث المهام والواجبات أكثر من الأوقات، وفي كل مرة تحتاج مزيدًا من الوقت وتريد مضاعفة ساعات النهار علها تفي.
في هذا الجدول المزدحم تتداخل الأعمال وجلها دنيوي حتى أنها تفقدك كثيرًا من الصلة بالله تعالى، حيث العبادات بمعناها المباشر من صلاة جماعة وتلاوة قرآن وصيام وصدقة. ولولا لطف الله تعالى بإصلاح النوايا بأن تكون حياتنا وأوقاتنا وأعمالنا كلها لله تعالى، لكانت الخسارة فادحة، ونسأل الله العفو والمغفرة.
محرقة غزة المستمرة بأيامها الطويلة ولياليها الثقيلة فرصة لتعيد ترتيب الأولويات. فليست خدمة الناس على ضرورتها، ومخالطتهم، والصبر على أذاهم، الأهم في كل الأوقات وأنها الأصح. وتدرك أن هناك سعة بل وضرورة بأن تترك وقتًا خاصًا للعبادات وللأسرة، فهي بمثابة وقود تعيد فيه شحن الهمة وتأكيد النية، وإلا فتقع في أكبر مصيبة بضياع الأجور والعياذ بالله { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا } الفرقان 23.12:52