كمين الزيتون: عملية نوعية للمقاومة تهزُّ جيش الاحتلال وتعيد خلط الأوراق الميدانية

الجزائر - شهاب 

اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي، الدكتور أحمد ميزاب أن عملية المقاومة الفلسطينية في حي الزيتون شرق مدينة غزة، شكّلت تحولاً ميدانياً مهماً، بعد أن أسفرت عن قتلى من قوات الاحتلال وإصابة 11 آخرين بجروح متفاوتة، إضافة إلى فقدان أربعة جنود خلال كمين منظم نفذته كتائب القسام.

وأكدت الكتائب في بيانها أن الاحتلال 'سيدفع ثمناً باهظاً' إذا واصل محاولات التوغل، في وقت فرض فيه جيش الاحتلال قيوداً على نشر تفاصيل الحادث خشية انعكاساته على الرأي العام الداخلي.

وأوضح ميزاب في تصريح لوكالة شهاب للأنباء، ان الاشتباك وقع في منطقة حضرية ضيقة المسارات داخل حي الزيتون، وهو ما حدّ من حرية حركة قوات الاحتلال، فقد اعتمدت المقاومة على كمين محكم مدعوم بمعلومات استخباراتية دقيقة، الأمر الذي أربك وحدات الاحتلال وأجبرها على طلب تدخل مروحيات للإخلاء، لتصبح بدورها عرضة للنيران المباشرة.

كما ساهم انتشار القناصة وزرع الألغام المضادة للآليات في رفع مستوى المخاطر أمام الوحدات المتوغلة، ما يهدد بشل قدرات ميدانية كاملة خلال فترة وجيزة.

تداعيات عسكرية مباشرة

يرى ميزاب أن فقدان الجنود غيّر أولويات جيش الاحتلال، إذ باتت مهام البحث والإنقاذ أولوية قصوى، الأمر الذي يعطل خطط التوغل شرقي غزة. وأشار إلى أنه سيضطر لإعادة تقييم مسارات التقدم وتوسيع الغطاء الناري، ما يزيد من كلفة الخسائر البشرية والميدانية.

من جانب آخر، برزت قدرة المقاومة على شن هجمات تكتيكية منظمة داخل بيئة حضرية معقدة، رغم التفوق الناري الهائل للاحتلال.

ضغوط داخلية وخارجية

على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، تشكل خسائر الجنود والمفقودين ضغطاً مباشراً على القيادة السياسية والعسكرية، إذ يهدد الملف بفقدان شرعية العمليات الميدانية ويغذي التوترات داخل الرأي العام. أما على المستوى الاستراتيجي، فيمنح نجاح الكمين المقاومة ورقة قوة تفاوضية في أي مباحثات مستقبلية حول ملف الأسرى أو التوصل إلى هدنة.

إقليمياً، يتوقع أن تدفع هذه التطورات مصر إلى تكثيف جهود الوساطة لمنع انفجار الميدان، فيما تتابع إيران وحلفاؤها الموقف بدقة لرصد انعكاساته على جبهات لبنان وسوريا. أما الولايات المتحدة والدول الغربية فتتعامل مع الحدث من زاوية الحاجة إلى تدخل سياسي ودبلوماسي، دون تغيير جوهري في مواقفها العسكرية.

ثلاثة سيناريوهات محتملة

بحسب ميزاب، فإن السيناريوهات القصيرة المدى تدور بين:

تصعيد واسع من قبل الاحتلال لاستعادة المفقودين، ما يرفع حصيلة الضحايا المدنيين ويستجلب ضغوطاً دولية.

تثبيت ميداني عبر عمليات استخباراتية دقيقة مع فتح باب التفاوض غير المباشر.

تصعيد إقليمي محدود من خلال إشارات دعم أو هجمات ردعية لفصائل أخرى.

وختم ميزاب بالقول إن 'كمين الزيتون' يمثل دليلاً جديداً على قدرة المقاومة على فرض معادلات ميدانية معقدة، ويؤكد أن حرب المدن تمنحها فرصة دائمة لإلحاق خسائر مباغتة بقوات الاحتلال، فيما تبقى قضية الجنود المفقودين العامل الأكثر حساسية في تحديد مسار الصراع خلال المرحلة المقبلة.