اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاتب: عوني المشني
لست متفائل واهم إلى حد الغاء العقل وموازين القوى ، ولست متشاؤم عدمي إلى حد الغاء حتميات التاري ومعادلات الصراع ، فمهما كان مستوى المجاز اللغوي والدهاء في الخطاب والتلاعب بالكلمات ، ومهما كانت درجة الاجادة لسياسات الابواب المواربة ، ومهما تفهم العالم رد حماس ، ومهما كتب او قال المحللون عن عبقرية الرد او او ردائته ، كل ذلك سيبقى ترف سياسي لا يسمح الوقت به ……. مهما كانت استجابتنا لرد حماس وكيف كانت فان المعيار الوحيد للتعاطي معه هو قدرته على انهاء حرب الابادة والتهجير ، وكل ما عدا ذلك تفاصيل لا اهمية لها . الوقت من دم وجوع ومعاناة والم ولا يحتمل اي هدر له .
الخطة والرد يأخذان قيمتهما من مسألة واحدة وحيدة : هل ستتوقف حرب الابادة والتهجير ام لا ؟؟؟؟ إذا استطاعت حماس عبر مفاوضتها الوصول إلى نتيجة مؤكدة انها وافقت على ما يحقق ذلك بدون اي شكوك او احتمالات اخرى سيكون ردها جيدا وعظيما ورائعا وسنصفق له ونقول فيه شعرا ايضا ، واذا ما كان هناك احتمال ولو واحد بالمائة للعودة للإبادة والتهجير فكل البلاغة اللغوية لا تشفع لحماس ولا تعفيها من المسئولية ، وسيكون قبولها مغامرة غير محسوبة كما كانت بداية الحرب .
اما لماذا هذا الموقف فذلك لأكثر من سبب ، فاشتغال هذه الحرب كان بقرار حماس وحدها ودون اي مشاركة ، صحيح ان الابادة هي مسئولية اسرائيل جيشا وحكومة ودولة ، ولا يفترض تحميل الضحية مسئولية الجاني ، لكن هناك عقل سياسي يجب ان يقرأ عقل العدو. قبل فتح معركة كهذه ، وثانيا لان حماس فاوضت وحدها دون اي محاولة لإشراك الكل الفلسطيني ، تستشير في مراحل فاصلة ولكنها تفاوض وتقرر وحدها وينصاع الكل الفلسطيني لقرارها ، من هنا فان من اختار ان يقرر لوحده عليه ان يتحمل مسئولية قراره ، وثالثا لاننا كشعب تجرعنا كاس الاتفاق المر من اجل انهاء الابادة والتهجير فلا يمكن تقبل تجرع هذا الكاس من اجل ان تعود الابادة من جديد .
صحيح ان حماس لا تستطيع سبر أغوار نتنياهو وترامب ، وصحيح ان هذا التاكيد على عدم العودة للإبادة والتهجير هي برسم الوسطاء العرب والدول العربية والإسلامية التي اجتمعت مع ترامب في واشنطن وكانت عرابا لهذه الخطة ، ولكن الصحيح ايضا ان حماس قبل ان تلزم نفسها بالموافقة كان يجب ان تتاكد بما لا يدع مجالا للشك من انتهاء الحرب والابادة . كيف تتاكد ؟؟ هذه مسئوليتها الحصرية والتي لا تستوي الامور بدونها ، وايضا هذه لعبة المفاوضات التي سبقت اعلان حماس موقفها والتي يفترض ان حماس تجيدها .
هذا ليس تعجيزا ولا محاولة اختلاق مبررات لإغفال ذكاء الرد ، هذه محاذير اساسية لها ما يبررها على ضوء فهمنا لتلاعب نتنياهو ولدعم ترامب له واللذان كانا واضحين في اكثر من تجربة عبر السنة الماضية ، عدم رؤية تلك المحاذير وأخذها في الاعتبار قبل اعطاء ردود نوع من السذاجة السياسية .
انهاء حرب الابادة والتهجير ليس معيارا لتقييم موقف حماس من الخطة فحسب ، بل هو ايضا معيار لتقييم نتائج الحرب ايضا ، فقد كان التهجير ولا يزال احد اهم اركان استراتيجيات اليمين الإسرائيلي التوسعي وبدونه ستتقوض الفكرة التوسعية برمتها لهذا فان فشل التهجير او نجاحه يشكل معيارا لصراعنا التاريخي مع الاسرائيليين .
ننتظر لنرى وكلنا ثقة بان شعبنا سينتصر حتى لو كان دمه هو وقود الانتصار .