اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
عهد جديد بخزينة فارغة. بلادٌ تحتاج كل دولار للنهوض وتحتاجه 'دولة قانون' لفتح صفحة جديدة من الشفافية والمحاسبة وملاحقة ناهبي مقدراتها. عهد جديد يستحقه لبنان وكل مواطن لبناني. عقود من الفساد والمافيات وسرقة المال العام. آن الأوان لوضع حدّ لكلّ ذلك. هذا التقرير يُعتبر إخباراً أمام القضاء ويسطّر سرقة واضحة نضعها على مكاتب المعنيين ليتحركوا.
منذ بداية العام الحالي أدخلت Betarabia التابعة لكازينو لبنان 17،5 مليون دولار إلى خزينة الدولة تتوزع بين ضرائب و'حصة الدولة' من المراهنات الشرعية. هذا الرقم يمكن أن يرتفع إلى 50 مليون دولار مع نهاية العام إذا نجح 'العهد الجديد' بوضع حد للسوق السوداء أو سوق المراهنات غير الشرعية في لبنان.
عصابات السوق السوداء
على الرغم من التفاؤل الملحوظ في لبنان بالنهضة والانتعاش والازدهار، إلا أنّ ذلك لن يكتمل طالما 'مزراب' الفساد والمافيات لم يقفل، طالما الاقتصاد الموازي لا يزال ينبض وطالما السوق السوداء لا تزال حيّة.
إذ تبرز تحديات كبيرة تتمثل في محاولات البعض التعدي على حقوق الخزينة اللبنانية عبر المواقع غير الشرعية التي لا تزال تعمل في لبنان، إن عبر مواقع عالمية أو مشغلين لمواقع داخلياً.
ويؤكد رئيس مجلس إدارة Betarabia جاد غاريوس أنهم أبرقوا لموقع Bet 365 رسميًّا وتجاوب أصحاب الموقع العالمي وأقفلوه في لبنان فيما لم تتجاوب شركة stake (التي يملكها رجل أسترالي) لغاية هذه اللحظة مما سيضطر Betarabia للجوء إلى القنوات الدبلوماسية عبر وزارة الخارجية لمراسلة السفارة الأسترالية وإن لم تستجب أستراليا سيتم رفع القضية في المحاكم الدولية المعنية.
أما داخليًّا، وهنا بيت القصيد. فقد تقدّم كازينو لبنان بدعوى أمام القضاء وبالأسماء لأشخاص لا يزالون يشغّلون مواقع مراهنات غير شرعية فيما كل تأخير بتوقيفهم يزيد من الأموال المنهوبة من خزينة الدولة ومن أمام مائدة كل مواطن لبناني يدفع ضرائبه لهذه الدولة نفسها. فهؤلاء يملأون جيوبهم ولا يدفعون دولارًا واحدًا لدولة لبنانية تحتاج كل دولار للنهوض مجدّدًا. فمن يدعمهم ومن يعرقل توقيفهم؟ الساسة وراء هذا الدعم معروفون لدى الجهات المعنية، وكل تأخير في إقفال هذه السوق غير الشرعية هو جريمة جديدة يرتكبها هؤلاء بحق البلاد وأي فرصة لقيام دولة حقيقية وقادرة في لبنان.
تشير التقارير إلى أنّ سوق القمار والمراهنات غير الشرعية كانت تجني ما بين 15 مليون دولار و19 مليون دولار شهريًا بين 2007 و2023، أي ما يعادل 180 مليون دولار إلى 228 مليون دولار سنويًا. منذ عام 2007، قدّرت الإيرادات المتراكمة لهذه السوق بأكثر من 3.5 مليار دولار. هذا يعني خسارة كبيرة للخزينة اللبنانية التي تُحرَم من عائدات ضريبية مستحقة.
اليوم، لا تزال تقدَّر الأموال التي تستحصل عليها هذه السوق السوداء بما يعادل قرابة 7 ملايين دولار شهريًا، وهي حق حصري للدولة اللبنانية، ومن الواجب العمل على إدخالها إلى خزينة الدولة عبر كازينو لبنان، وهو الجهة الرسمية الوحيدة لألعاب القمار الإلكترونية.
Betarabia.. عشرات ملايين الدولارات إلى خزينة الدولة
تعمل شركة Betarabia المشغلة الشرعية لألعاب الميسر في لبنان على تعزيز إيرادات الدولة، معربة عن ثقتها في القضاء والقوى الأمنية للمساعدة في القضاء على السوق السوداء، مما قد يزيد من إيرادات الدولة اللبنانية بنسبة تصل إلى 30%, بعد خصم حصص العملاء.
ومع ذلك، لا تزال مكاتب السوق السوداء قائمة ومزدهرة، مما يشكل تحديًا كبيرًا أمام الجهود المبذولة للقضاء على ظاهرة المراهنات غير الشرعية.
مواقع المراهنات غير الشرعية.. تتحدى 'العهد الجديد'
في بلد يترنح تحت وطأة محاولة النهوض من أزماته، تشكّل المراهنات غير الشرعية والسوق السوداء تحديًا خطيرًا للدولة اللبنانية، وسببًا مباشرًا في استنزاف الموارد العامة وتقويض الاقتصاد الرسمي. ورغم التحذيرات المتكررة، لا تزال هذه الظواهر تتوسع في ظل غياب رقابة فعالة وإصلاحات جذرية.
وتشهد المراهنات غير الشرعية انتشارًا واسعًا، سواء عبر شبكات محلية أو من خلال تطبيقات ومواقع إلكترونية لا تخضع لأي سلطة تنظيمية.
ولا يمكن فصل هذه السوق السوداء عن غيرها، فكما التهريب والتهرب الضريبي وتجارة المخدرات والسلاح وغيرها، كذلك تنضوي مواقع المراهنات غير الشرعية تحت الخانة نفسها. كيف لساسة تحت قبة البرلمان اللبناني أن يحموا من ينهبون الدولة التي انتخبهم الشعب لتمثيلها؟
فالخسائر لا تُحسب بالأرقام فقط، إذ تنعكس هذه الظواهر بشكل مباشر على الخزينة العامة، التي تخسر عائدات طائلة من الضرائب والرسوم. كما تؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة، وتآكل ثقة المواطنين بالنظام المالي، وترسيخ الفساد وضعف الشفافية.
هل من إرادة سياسية للحل؟
التصدي لهذه الظواهر يتطلب:
تفعيل الرقابة القضائية والمالية على أنشطة المراهنات.
إطلاق حملات توعية تحذّر من مخاطر المراهنات والسوق الموازية.
تحديث القوانين لمواكبة التطورات الرقمية التي تستغلها هذه الأنشطة.
بالخلاصة، وفي بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية مزمنة، لا يمكن لممارسات خارجة عن القانون كالمراهنات غير الشرعية والسوق السوداء أن تستمر دون تكلفة باهظة. إنها ليست مجرد مخالفات، بل تهديدات وجودية للنظام المالي، تتطلب مواجهة جادة، قبل أن ندفن الاقتصاد الرسمي نهائياً ويصبح هو الاستثناء، لا القاعدة.