اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
جاء في 'المدن':
تجاوز الأمر تفكيك محور 'الممانعة'. إنها مرحلة تفكيك المنطقة ككل وإعادة رسمها. فالضربات الإسرائيلية على إيران تأتي على مسافة من استحقاقات كثيرة، أولها نهاية الموعد الافتراضي لجولة التفاوض السادسة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وعلى مسافة أيام من المؤتمر الذي سيعقد في الأمم المتحدة في نيويورك، حول حلّ الدولتين، والذي يفترض فيه أن تعلن دول أوروبية عديدة اعترافها بالدولة الفلسطينية.
أرادت إسرائيل توجيه ضرباتها لكل هذه المسارات. فهي لا تريد اتفاقاً أميركياً مع إيران إلا وفق شروطها، ولا تريد لأي دولة أن تعلن اعترافاً بالدولة الفلسطينية. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد أعلن أنه في حال أرادت فرنسا إقامة دولة فلسطينية فلتقمها على أراضيها.
الهيمنة على المنطقة
أطلق الإسرائيليون على عمليتهم العسكرية ضد إيران إسم 'الأسد الصاعد' وهي كافية لتحمل المؤشرات التي تقول إن إسرائيل تعلن بداية هيمنتها أو نفوذها على المنطقة. هو العصر الإسرائيلي الذي يُراد له أن يخيم على المنطقة بشكل كامل. ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون دعم أميركي مطلق. وهو ما ظهر من خلال التنسيق الأميركي- الإسرائيلي بشأن الضربة التي وجهت إلى إيران. وقد قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إيران أُعطيت فرص كثيرة لإبرام الاتفاق، وعليها القيام بذلك قبل أن تتلقى ضربات أكثر قوة. يوضح الكلام المُراد الأميركي- الإسرائيلي، وهو إلزام إيران بالاستسلام لكل الشروط.
تأتي هذه الضربات بعدما كانت إسرائيل قد خاضت حرباً واسعة وطويلة في المنطقة ضد حلفاء إيران، وإضعاف قواهم العسكرية، وخصوصاً حزب الله في لبنان. في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط، أو تعيد تفكيك المنطقة، عملت على إسقاط معادلة وحدة الساحات. كانت اللحظة الفاصلة عند اغتيال إسماعيل هنية في طهران وعدم إقدام إيران على توجيه ردّ معتبر. بعدها سقطت المعادلة مجدداً مع اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والذي وصفه نتنياهو بأنه محور المحور.
قلب المعادلة
طوال السنوات الماضية، كانت المعادلة الواضحة بأن أي ضربة ستتعرض لها إيران فإن حلفاءها هم الذي سيعطلونها أو يردون عليها نيابة عن إيران، من خلال إشغال إسرائيل في الحروب معهم. لكن إسرائيل قلبت المعادلة، ولم تتدخل إيران في الحرب مسبقاً إلى جانب حركة حماس وحزب الله، فوصلت الحرب إليها. عملياً ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية وإسرائيل هو إنهاء دور إيران في المنطقة، وتحجيم نفوذها وتصفيته.
لتداعيات هذه الضربة ونتائجها انعكاسات ضاغطة بقوة على لبنان. وهو ما سيضعف موقفه التفاوضي أمام الشروط الإسرائيلية والأميركية، في حال لم يكن هناك عمل عربي واضح قادر على وضع إطار سياسي لموقف يعيد انتاج بعض التوازن. حتماً كان هناك رهان لدى حزب الله وحلفاء إيران على المفاوضات ونتائجها لإعادة تشكيل توازن معين. ولكن ما بعد هذه الضربة فإن الأمور قد انقلبت، خصوصاً أن إسرائيل تريد للنتائج أن تتحقق بناء على ما أحدثته الضربات، ولا تريد ترك أي مجال للمفاوضات. ذلك سيفتح الباب أمام المزيد من الشروط والضغوط على لبنان وعلى حزب الله، لدفعه إلى التنازل الكبير وتسليم سلاحه، وإلا سيكون لبنان عرضة للمزيد من الضربات.
التداعيات على لبنان
هنا، وبنتيجة الوقائع الجديدة، وعلى الرغم من كل المحاولات لتحييد لبنان عسكرياً عن المواجهة، فإن التداعيات السياسية ستتفاعل، وسيستمر السجال حول سلاح الحزب. وسيخرج من يقول إن حزب الله غير قادر على الرد على الضربات التي يتعرض لها في لبنان، ولا الردّ على استهداف إيران، فماذا تبقى للسلاح من وظيفة؟ ما يعني سيزداد الضغط بقوة على الحزب من الداخل اللبناني لسحب السلاح وتفكيك البنية العسكرية بشكل كامل.
لا يمكن فصل ذلك عن الضغوط الدولية والأميركية بالتحديد التي سيتبلغها لبنان في المرحلة المقبلة للتعاطي مع الاستحقاقات، لا سيما أن كل المعلومات تفيد بأن الموفد الأميركي توم باراك سيزور لبنان بلهجة حاسمة جداً، وينتظر أجوبة من لبنان حول الخروج من معادلة الصراع وتفكيك السلاح، وإلا سيكون عرضة للمزيد من الضربات.