دام برس :

تتعهد الهند بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2070، والذي حددته البلاد نفسها في مؤتمر المناخ COP26، طموح وضروري، نظراً لدورها كثالث أكبر مصدر للغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.

لتحقيق أهداف المناخ المؤقتة بحلول عام 2030، تواجه الهند فجوة تمويلية تقدر بتريليون دولار، كما أوضحت الحكومة وخبراء الصناعة المختلفون.

يأتي هذا المتطلب المالي الهائل في وقت يستعد فيه اقتصاد الهند للنمو بسرعة، بهدف أن يصبح اقتصادًا بقيمة 5 تريليون دولار بحلول منتصف عشرينيات القرن الحادي والعشرين، ويتطلب هذا النمو الاقتصادي مع أهداف إزالة الكربون تمويلًا مبتكرًا وإصلاحًا هيكليًا واستراتيجيات استثمارية تعاونية.

إن هدف الهند في تحقيق صافي صفر من الانبعاثات مبني على مراحل محددة لإزالة الكربون، بما في ذلك خفض كثافة الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030 والدفع نحو تركيب 500 جيجاوات من القدرة على توليد الطاقة من غير الوقود الأحفوري، تتطلب هذه الأهداف تحولاً هائلاً عبر قطاعات مثل الطاقة والنقل والتصنيع والزراعة.

يبلغ متوسط التمويل السنوي الحالي للمناخ في الهند حوالي 20 مليار دولار، وهو أقل بكثير من المتطلبات السنوية البالغة حوالي 100 مليار دولار لتلبية هدف 2030.

أصدرت الحكومة الهندية سندات خضراء سيادية تهدف إلى جمع الأموال لمشاريع الطاقة النظيفة وكفاءة الطاقة ومكافحة التلوث، ففي الربع الأول من عام 2024، جمعت الهند حوالي 2 مليار دولار من خلال هذه السندات الخضراء، مما يشير إلى ثقة المستثمرين المتزايدة في التزام البلاد بالعمل المناخي، حيث توفر السندات الخضراء ميزة جذب المستثمرين الباحثين عن فرص مسؤولة بيئيًا مع الحفاظ على عوائد تنافسية.

دعت الهند إلى التمويل الدولي للمناخ باعتباره عنصراً حاسماً في تحقيق أهدافها المناخية، وقد التزمت الدول المتقدمة بحشد 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ للدول النامية، على الرغم من أن هذا الهدف لم يتحقق بعد.

فكان التركيز الاستراتيجي على القطاعات لتعظيم التأثير: يتطلب تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية اتباع نهج قطاعي يركز على المناطق ذات الانبعاثات العالية مع إمكانات كبيرة لإزالة الكربون:

1. الطاقة المتجددة: لقد قطعت الهند بالفعل خطوات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومع الهدف الطموح المتمثل في تحقيق 500 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، سيكون قطاع الطاقة المتجددة حجر الزاوية في جهود إزالة الكربون في الهند.

إن الاستثمار في البنية الأساسية للشبكة وتخزين البطاريات وطاقة الرياح البحرية ضروري لتعزيز القدرة والموثوقية، مع تقديرات تشير إلى أن 300 مليار دولار مطلوبة لمشاريع الطاقة المتجددة وحدها بحلول عام 2030.

2. النقل المستدام: يعد قطاع النقل المزدهر في الهند أحد أكبر مصادر الانبعاثات.

إن الانتقال إلى التنقل الكهربائي وتوسيع وسائل النقل العام في المناطق الحضرية وتطوير تكنولوجيا وقود الهيدروجين هي عناصر أساسية في استراتيجية إزالة الكربون من النقل في الهند.

ولهذه الغاية، فإن مخطط التبني السريع وتصنيع المركبات الهجينة والكهربائية (FAME) والحوافز لتكنولوجيا وقود الهيدروجين قد ولّد بالفعل زخمًا.

إن التعاون مع شركات صناعة السيارات الخاصة ومصنعي البطاريات أمر ضروري لتوسيع نطاق هذه المبادرات.

3. الهيدروجين الأخضر: يمثل الهيدروجين الأخضر حلاً واعدًا لقطاعات مثل الصناعة الثقيلة والنقل التي يصعب إزالة الكربون منها باستخدام الطاقة المتجددة وحدها.

كشفت الهند مؤخرًا عن مهمتها الوطنية للهيدروجين، بهدف جعل البلاد رائدة عالمية في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

تستكشف الحكومة التعاون الدولي والحوافز المالية لتعزيز الاستثمار في تكنولوجيا الهيدروجين، والتي من المتوقع أن تتطلب أكثر من 150 مليار دولار بحلول عام 2030.

4. كفاءة الطاقة: يمكن أن يساعد تحسين كفاءة الطاقة في المباني والصناعات والأجهزة المنزلية الهند على تقليل الانبعاثات بتكلفة أقل.

مع إطار تنظيمي أكثر انسيابية، يمكن للهند تقليل الطلب على الطاقة بنسبة 25-30 في المائة، وبالتالي خفض الانبعاثات دون المساس بالنمو، ووفقًا للاقتصاديين، فإن الهند، من خلال استراتيجية تمويل متعددة الأوجه تشمل السندات الخضراء والتمويل المختلط وحوافز رأس المال الخاص، تضع نفسها كاقتصاد مستدام قادر على تحقيق أهدافها المناخية مع الحفاظ على النمو الاقتصادي.