اخبار سوريا
موقع كل يوم -عكس السير
نشر بتاريخ: ٢٧ أب ٢٠٢٥
بعد مضي أكثر من ثمانية أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، وخروج كثير من أسرار القصر الخفية ودوائر السياسة الضيقة إلى العلن، بعدما ظلت طي الكتمان فترة طويلة، ما زالت هناك حلقة مفقودة عن ليلة سقوط 'الرئيس الابن' الذي يعيش في حي فاخر بموسكو الروسية.
منذ ذلك الوقت لم يخرج الأسد للحديث عبر أية وسيلة إعلامية لا هو أو أي من أفراد عائلته، سوى مشهد سريع لابنه البكر حافظ ببث عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي. في هذا الوقت لا بد من معرفة ما دار في الأيام والساعات الأخيرة من تهاوي حكم عائلة الأسد ونجاح الانتفاضة وقوات المعارضة بالوصول إلى السلطة.
تنشر 'اندبندنت عربية' وثيقة مصنفة بـ 'سرية للغاية' عن تلقي رئيس جهاز الاستخبارات العامة السورية في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2024 أي قبل يومين فقط من سقوط النظام، وتلقي اللواء حسام لوقا الذي يترأس إدارة الاستخبارات العامة اتصالاً هاتفياً من رئيس جهاز الاستخبارات الإيطالية، الفريق جيوفاني كارافيللي، أبدى فيه حسب ما تشير الوثيقة 'تضامنه مع سوريا في هذه اللحظة الصعبة'.
وكشفت الوثيقة ما أبداه من ضرورة الدعم الروسي لسوريا وأنه سيكون أمراً مهماً في هذه المرحلة، وذكر في الاتصال عن إجرائه اتصالات مع مجموعة من رؤساء الأجهزة الأمنية في المنطقة.
كذلك قدم رئيس الاستخبارات الإيطالية اقتراحاً لافتاً للنظر يتضمن تعليق العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على البلاد، ومن بينها 'قانون قيصر' وهو أشد قانون عقوبات يسمى أيضاً بـ 'سيزر' والذي وضع حيز التطبيق في عام 2019، وفيه تشديد بفرض عقوبات على النظام وعلى من يتعامل مع النظام من أفراد وشركات ودول.
وكشفت الوثيقة المسربة قول رئيس الاستخبارات الإيطالي كارافيللي في الاتصال، أنه 'جرى التلميح إلى فكرة تعليق العقوبات ومنها قانون قيصر المفروض على سوريا، ولو لمدة تتراوح ما بين أربعة وستة أشهر. وعلم من أحد قادة أجهزة الاستخبارات العربية عن اقتراح مفاده بأن يكون هناك تفاهم بين الحكومة السورية و‘قسد‘، وذلك لكسبها كحليف ولو بشكل موقت، ويعلمون بأن ذلك صعب قبوله من قبل الدولة السورية'.
الوثيقة التي ترصد ما دار ما نقاش، حملت تصنيف 'سري للغاية' برقم 969 وتاريخ الخامس من ديسمبر 2024 أي قبل يومين فقط من سقوط الأسد وهروبه من دمشق إلى العاصمة الروسية موسكو في طائرة خاصة.
واستعرض رئيس الاستخبارات الإيطالية في حديثه مع نظيره السوري، انشغال بلاده بما يحدث في سوريا، وأنهم 'يضغطون على الإدارات الغربية، موضحين لها أن ما يحدث حالياً لعبة في غاية الخطورة، وستكون لها انعكاسات سلبية على أوروبا والولايات المتحدة'، وقال 'إنها ليست مهمة سهلة لكنهم سيقومون بهذا الواجب'.
في المقابل، كشفت الوثيقة حديث رئيس الاستخبارات العامة اللواء حسام لوقا في ذلك الوقت، عن تحديده تركيا وإسرائيل وأوكرانيا والغرب التي تولت ترتيب التنظيمات المقاتلة التي تمكنت من اجتياح مدينة حلب شمال سوريا، وعملت على عملية تحرير أطلق عليها 'رد العدوان' انطلقت في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.
وجاء في الوثيقة بحسب لوقا 'توحيد التنظيمات الإرهابية المسلحة الموجودة في شمال شرقي سوريا بقيادة ‘جبهة النصرة‘ المصنفة على لوائح الإرهاب الدولي، وبدء الهجوم في الوقت نفسه الذي توقفت فيه العمليات العسكرية في جنوب لبنان للتغطية على جرائم إسرائيل في غزة ولبنان'.
وتكشف الوثيقة السرية المسربة عن حديث رئيس الاستخبارات العامة لوقا لنظيره الإيطالي، 'كان هجوم التنظيمات الإرهابية بأوامر من مشغليها بعد تدريبهم في تركيا وتجهيزهم بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة والطائرات المسيّرة الحديثة، وفتحت تركيا لهم حدودها لدخول أرتال المسلحين في خرق واضح لما جرى الاتفاق عليه في سوتشي وأستانا بخصوص خفض التصعيد'.
رجل الاستخبارات السوري ورئيس هرم إدارتها ألقى باللوم على الرئيس التركي وأضاف في الاتصال الهاتفي ما يلي 'نقض أردوغان (المقصود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) جميع العهود، حيث بدأ الهجوم بجبهة على نطاق واسع بلغ طولها نحو 100 كيلومتر دفعة واحدة باستخدام الأسلحة الحديثة والطيران المسيّر بكثافة. حينها نزح من مدينة حلب وريفها فقط أكثر من مليوني مواطن إلى باقي المحافظات السورية خوفاً وهرباً من بطش التنظيمات الإرهابية (حسب وصفه)، ولم يتم حتى الآن إحصاء الذين نزحوا من مدينة حماة، وهذا يدل على كذب تركيا والدول الغربية الذين يدعون حرصهم على النازحين'.
أسهب لوقا في شرحه لنظيره الإيطالي عن تفاصيل سياسية ترافقت مع المعركة التي تخوضها 'القوات المهاجمة'، وجلّها من قوات المعارضة لنظام الأسد بعضهم عسكريون متمردون انشقوا عن صفوف الجيش وآخرون مدنيون اكتسبوا خبرة قتالية بعد توقف الحراك الشعبي في عام 2013 والانتقال إلى العمل العسكري بغية إسقاط نظام الحكم الأسدي، الذي امتد أكثر من نصف قرن، حكم حافظ الأسد سوريا من (1970 ـ 2000) وورث ابنه بشار الأسد، (يعمل طبيب عيون) الحكم من (2000 ـ 2024)، وقال 'نلاحظ أن الإدارة الأميركية الحالية تحاول تعقيد المشكلات في المنطقة'، وفق ما ذكرته الوثيقة.
وأردف في حديثه، 'نخوض معركة شرسة في محاور عدة، كنا نأمل في وجود موقف أوروبي واضح تجاه ما يحصل بسوريا ولكنه لم يحصل، وكان الدعم يصل لـ‘جبهة النصرة‘ ولا يصل للحكومة الشرعية'.
وفي نهاية الاتصال الهاتفي ذكرت البرقية طلب المسؤول الإيطالي برغبة فريق إعلامي من بلاده الوصول إلى سوريا وإجراء لقاء صحافي، يعده الفريق الإعلامي من التلفزيون الرسمي الإيطالي، ويضم كلاً من الصحافيين لوناردوا زيلينو وإيليا تورتوريني، وتحديد موعد السابع من ديسمبر (كانون الأول) كموعد إجراء الوفد الإعلامي المقابلة.
* صحيفة إندبندنت السعودية