اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
تنتهج سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة متعمدة لـ'هندسة التجويع' في قطاع غزة، باعتبارها أداة ضغط سياسي وعسكري منذ بدء حرب الإبادة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعتمد هذه السياسة على السيطرة الكاملة على دخول المساعدات والاحتياجات الأساسية عبر المعابر، واستخدام الغذاء والدواء سلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ورغم محاولات الاحتلال الترويج لاستجابته المزعومة للنداءات الإنسانية، فإن الأرقام الموثقة حول ضحايا الجوع والمجازر المرتبطة بتوزيع المساعدات، إضافة إلى تفاقم المجاعة بين الأطفال والمرضى وكبار السن، تفضح زيف هذه الدعاية، وتؤكد أن ما يجري هو سياسة تجويع ممنهجة ومدروسة.
وأوضح الخبير الاقتصادي د. نائل موسى أن 'هندسة التجويع' تعني تطبيق سياسات منظمة لتجفيف مصادر الغذاء والماء والدواء في منطقة معينة بهدف إخضاع سكانها.
وبيّن موسى لـ 'فلسطين أون لاين' أن هذه السياسة تجسدت في قطاع غزة من خلال الإغلاق الكامل لجميع المعابر، وفرض قيود صارمة على المواد المسموح بدخولها، ومنع إدخال عدد كبير من السلع الأساسية.
كما شملت هذه السياسة تقييدًا حادًا لحركة المساعدات الإنسانية، واستهداف وتدمير البنية التحتية الغذائية والزراعية، بما في ذلك المزارع والمخازن والأسواق وآبار المياه، إضافة إلى منع أو تقنين دخول الوقود والكهرباء، ما أدى إلى انهيار سلاسل الإنتاج والتبريد الغذائي.
وشدد موسى على أن هذه السياسات أدت إلى انعدام الأمن الغذائي لجميع المواطنين، واضطرت آلاف العائلات إلى البحث عن الغذاء في ظروف شديدة الخطورة، حتى لو كان ذلك على حساب حياتهم.
من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي د.هيثم دراغمة أن جميع الوسائل البديلة التي طُرحت لمعالجة الأزمة الغذائية فشلت فشلًا ذريعًا، فقد سقطت كميات من المساعدات عبر الإنزال الجوي في مناطق غير مأهولة أو في البحر، وأخرى داخل مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية.
وأضاف دراغمة لـ 'فلسطين أون لاين' أن بعض عمليات الإسقاط الجوي تسببت في استشهاد مواطنين، بينهم أطفال، بسبب السقوط العشوائي للحاويات، كما أن معظم المواد الغذائية التي تم إنزالها كانت مخصصة للجيوش، ولا تلبي احتياجات سكان غزة الذين يعانون من جوع حاد.
وتطرق دراغمة إلى مشروع 'الممر المائي'، مؤكدًا أنه لم يعمل بشكل منتظم، وأثبت فشله في النهاية بل إن ظهوره تزامن مع تصعيد عسكري، أبرزها مجزرة النصيرات في مارس 2025، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 600 شخص بعد اقتحام قوات الاحتلال للمخيم.
وفي حديثه عما تسمى مؤسسة GIHF الإسرائيلية الأمريكية، التي وصفها بـ'مصيدة الموت'، بين دراغمة أنه ورغم إدخالها بعض الشحنات المحدودة، كان توزيع المساعدات عشوائيًا وغير منظم، مع استهداف للمجوعين أدى لارتقاء مئات الشهداء في مواقع توزيع المساعدات.
وأضاف أن المؤسسة استُخدمت إعلاميًا لتبرير استمرار إغلاق المعابر، في حين لم يتمكن كبار السن والمرضى والنساء من الوصول إلى نقاط التوزيع وسط فوضى قاتلة.
وأكد دراغمة أن جميع هذه البدائل لا تعادل في أسبوع كامل من فتح حاجز كرم أبو سالم.
ويجدر التنويه إلى أن الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة، البنك الدولي، ومنظمات الإغاثة، تؤكد أن سياسة التجويع الإسرائيلية أدت إلى أن أكثر من 470,000 شخص في غزة يواجهون حالة 'جوع كارثي' (المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي للأمن الغذائي) وجميع سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.