اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
تقرير - شهاب
أثار الخطاب المسجل الذي ألقاه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً موجة واسعة من التحليلات والانتقادات بالساحة الإسرائيلية، حيث أجمع عدد من المراقبين السياسيين على أن كلمته لم تحمل جديداً سوى تكريس المأزق الذي يعيشه على المستويين السياسي والشخصي، في ظل إخفاق عسكري متواصل وضغوط داخلية غير مسبوقة.
كما تجاهل نتنياهو قضية الأسرى لصالح مشروع توسعي يخدم اليمين المتطرف، كما كشف خطابه ملامح الانهيار السياسي والشخصي في ظل غضب الشارع وتصاعد الفشل العسكري.
ووفق محللين، فإن خطاب نتنياهو الأخير لم يحمل سوى محاولة للهروب من لحظة الحساب، عبر خطاب شعبوي وإيديولوجي يتجاهل الواقع العسكري والسياسي، ويستغل الحرب الجارية للبقاء في الحكم.
وفي ظل تصاعد الغضب الشعبي داخل الكيان الإسرائيلي وتزايد الضغوط الدولية، يبقى السؤال مفتوحاً: إلى متى يمكن لنتنياهو أن يواصل هذه المعادلة المعقدة بين الحرب والسياسة، دون أن يدفع الثمن في النهاية؟
'محاولة للهروب'
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو اعتبر أن خطاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاء كمحاولة يائسة للهروب من أزمة سياسية وشخصية خانقة، أكثر منه خطاباً موجهاً للجمهور الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الخطاب عكس حالة ارتباك سياسي عميقة في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية.
وقال سويرجو إن توقيت الخطاب جاء في لحظة حساسة يشهد فيها الكيان الإسرائيلي أزمات متداخلة، لافتاً إلى أن نتنياهو كرّر مصطلحات مألوفة مثل 'القضاء على حماس' و'تحرير الرهائن' و'معركة وجود'، لكن دون تقديم أي معطيات جديدة أو مقنعة، حتى لمؤيديه التقليديين.
وأشار إلى أن نتنياهو يواجه عزلة سياسية واجتماعية غير مسبوقة، إذ تتزايد احتجاجات عائلات الأسرى التي تطالبه بإبرام صفقة تبادل عاجلة، بينما تعبر القيادات العسكرية عن تراجع جدوى الخيار العسكري. في المقابل، تواصل المعارضة اتهامه بإطالة أمد الحرب لأسباب تتعلق ببقائه السياسي وليس بدوافع استراتيجية.
وأضاف أن نتنياهو يحاول إنقاذ روايته الرسمية بشأن الحرب، رغم افتقارها للدعم الواقعي، حيث لم يُحرّر أي رهينة بالقوة، وكل عمليات الإفراج تمت عبر وساطات وتفاوض، ما يتناقض مع مزاعمه بأن الضغط العسكري وحده هو الحل.
وأوضح سويرجو أن نتنياهو، بعد 17 عاماً في الحكم ونحو نصف عام من الحرب، لم يحقق أياً من الأهداف المعلنة، لا على مستوى الأمن أو الردع أو تحقيق النصر العسكري، فيما تزداد عزلة إسرائيل الدولية بسبب صور التدمير الواسع وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في غزة.
وشدد سويرجو على أن الخطاب لم يكن استعراض قوة، بل محاولة لتأجيل لحظة السقوط، مشدداً على أن نتنياهو يدرك أن لحظة المحاسبة آتية، سواء أمام القضاء في قضايا الفساد، أو أمام الشارع الإسرائيلي بسبب فشله في إدارة الحرب.
وأكد أن استمرار الحرب لا يخدم أمن الإسرائيليين، بل يمدد عمر نتنياهو السياسي، 'ولو على حساب دماء الجنود الإسرائيليين والمدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء'، على حد تعبيره.
'توقيت سيء'
أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد الكومي، قال إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ظهر في فيديو مسجل بملامح متوترة ووجه شاحب، في مؤشر واضح على حجم الضغوط السياسية والشخصية التي يواجهها، مشيراً إلى أن اختياره لتسجيل الفيديو بدلاً من بث مباشر يؤكد خشيته من مواجهة الشارع الإسرائيلي الغاضب.
وأشار الكومي إلى أن توقيت ظهور نتنياهو كان سيئاً للغاية، إذ تزامن مع إعلان 'أبو عبيدة'، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، عن مصير الأسير الإسرائيلي عيدان ألكسندر، إلى جانب بث شريط فيديو لأسير آخر، وإعلان جيش الاحتلال مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجراح خطيرة في كمين شمال غزة.
ولفت إلى أن الشارع الإسرائيلي يشهد حالة غليان، لا سيما في ظل التظاهرات الحاشدة في تل أبيب، والتصعيد المتواصل في معركة العرائض المطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى، وهو ما يعمّق العزلة السياسية لنتنياهو.
وأوضح الكومي أن خطاب نتنياهو الأخير اتّسم بتوجيه الاتهامات إلى كافة الأطراف، بما في ذلك المعارضة والجيش، مع تصعيد في لهجته تجاه حركة حماس، في محاولة لإلقاء اللوم على الحركة وتحميلها مسؤولية تعثر المفاوضات، خاصة بعد رفض الأخيرة شرط 'نزع السلاح' الذي حاول نتنياهو فرضه.
ورأى أن رد حماس، الذي جاء على شكل إعلان ومواقف مفاجئة، كان بمثابة 'مباغتة سياسية' أربكت حسابات نتنياهو، وأفشلت محاولاته في جلب الرفض الشعبي ضد أي صفقة محتملة.
'أهداف أيديولوجية'
ومن جانبه، رأى الباحث والمحلل السياسي الدكتور أحمد الحيلة أن خطاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير، كشف بوضوح عن نوايا تتجاوز قضية الأسرى في غزة، باتجاه تحقيق أهداف سياسية وأيديولوجية تتماشى مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وأوضح أن نتنياهو لم يظهر اهتماماً فعلياً بملف الأسرى، بل ركّز على ما وصفه بـ'حرب قيامة إسرائيل' و'الحرب الوجودية'، وهي مصطلحات تعبّر عن طموحات تتعلق بالقضاء على المقاومة الفلسطينية والسيطرة على الأراضي، في سياق صهيوني تقليدي يربط الوجود بالسيطرة الجغرافية والتطهير العرقي.
وأشار الحيلة إلى أن نتنياهو تحدث بوضوح عن نيته التحرك في الإقليم، ضمن رؤية أوسع تشمل 'إعادة رسم الشرق الأوسط'، وذلك عبر منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وتبرير استمرار التواجد الإسرائيلي في كل من لبنان وسوريا بحجة 'حماية السكان الإسرائيليين'.
وبحسب الحيلة، فإن هذا الطرح يعكس تطلع نتنياهو للعب دور إقليمي يتجاوز حدود غزة، ويستند إلى دعم أميركي متواصل، رغم تزايد الغضب الدولي وانتقادات الأوساط الحقوقية والدبلوماسية لطريقة إدارة الحرب.
وأكد الحيلة أن نتنياهو تجاوز بشكل ملحوظ الحديث عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، في إشارة إلى تحوّل الاهتمام الرسمي من هدف استردادهم إلى تحقيق مكاسب سياسية وأيديولوجية تخدم أجندة التيار اليميني الحاكم، على حساب الضغوط المتزايدة من الشارع الإسرائيلي الذي يطالب بوقف الحرب وإنهاء معاناة الأسرى وعائلاتهم.
وختم الحيلة بالتأكيد على أن هذا الخطاب يوضح حجم التحول في أولويات الحكومة الإسرائيلية، من الأهداف الإنسانية أو الأمنية إلى أجندة توسعية واستراتيجية، تنذر بمزيد من التصعيد في المنطقة.