اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١ أيلول ٢٠٢٥
أكد خبير عسكري أن تكثيف جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام 'الروبوتات' المفخخة في عدوانه على قطاع غزة يعكس مأزقًا ميدانيًا يعانيه على الأرض، أكثر مما يعكس تفوقًا عسكريًا.
وأوضح الخبير الأردني نضال أبو زيد أن جيش الاحتلال يخشى الزج بقوات المشاة في الميدان بعد تكبده خسائر بشرية وميدانية واسعة، كما يعاني استنزافًا كبيرًا في وحدات الهندسة، وخاصة وحدة 'يهلوم' المسؤولة عن عمليات التفجير.
وبين أبو زيد في حديث مع 'فلسطين أون لاين'، أن طول أمد القتال وكثرة الإصابات والخسائر الميكانيكية في الآليات الهندسية دفع الاحتلال للبحث عن بدائل، فاعتمد على الروبوتات المتفجرة، غير أنه واجه مشكلة في مخيم جباليا تحديدًا، حيث فقدت هذه الروبوتات إشارات التحكم بسبب كثافة المباني والدمار الكبير، الأمر الذي اضطره لاحقًا إلى استخدام الطائرات المسيّرة 'كوادكابتر' التي تحمل صناديق متفجرة وتلقيها من الجو.
وأضاف: 'أن الاحتلال يناور ويبدل في تكتيكاته نتيجة عجزه عن الزج بوحدات الهندسة للتعامل مع هذا النوع من العمليات، فيلجأ إلى بدائل أقل أمانًا وأشد تدميرًا'.
ويعود استخدام جيش الاحتلال الروبوتات المتفجرة خلال حربه المتواصلة على غزة إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024 بالتزامن مع تنفيذ ما سماها 'خطة الجنرالات' في محافظة شمال القطاع وامتدت لأكثر من 3 أشهر.
وتعد الروبوتات المتفجرة ناقلات جند أميركية الصنع من طراز 'إم 113″، واستخدمت لفترة طويلة كناقلات جند حتى حرب عام 2014 قبل أن تتعرض لهجمات من المقاومة، مما أجبر الاحتلال على إخراجها من الخدمة وتحويلها إلى روبوتات مفخخة.
ويتم التحكم بهذه الروبوتات عن بعد، وذلك بعد إعادة تصميم الآلية وإفراغ المقاعد مثل قمرة القيادة وغيرها، ومن ثم إدخال كميات كبيرة من المتفجرات إليها.
حرب 'أقذر' لا 'أنظف'
وحول دقة هذا الأسلوب، شدد أبو زيد على أن الواقع مغاير تمامًا، إذ يجعل الحرب 'أقذر بكثير'، موضحًا أن الروبوتات المفخخة تحمل أحيانًا من 4 إلى 5 أطنان من مادة 'تي إن تي' أو 'سي 4'، وهو ما يؤدي إلى انفجارات هائلة تتسبب بدمار شامل وحريق ممنهج في دائرة قطرها يتراوح بين 50 و150 مترًا، ما يعني سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
وبيّن أن الاحتلال يهدف من وراء هذه الأساليب إلى ممارسة ما يُعرف بسياسة 'الصدمة والترويع' عبر شدة الانفجار واللهب، بما يزرع الرعب في نفوس المدنيين العزل، إلى جانب تعويض نقص القوى البشرية بزيادة 'قدرة النيران'.
وأشار إلى أن حجم التدمير والقتل الممنهج يثير مخاوف بعض جنرالات الاحتلال أنفسهم، ومنهم رئيس الأركان إيال زمير، الذين يدركون أن السياسيين يدفعون الجيش نحو جرائم قد تجرهم إلى مساءلة دولية. وأضاف: 'نلاحظ في المقاطع المصورة للاحتلال أن الجنود يخفون وجوههم ليس لدواعٍ أمنية بل خشية الملاحقة القانونية على الجرائم التي تُرتكب في غزة'.
وفي ما يخصّ إمكانية فقدان الاتصال بالروبوتات، أشار أبو زيد إلى أن المقاومة تمكنت في يونيو/حزيران الماضي من السيطرة على أحد الروبوتات المفخخة الذي كان يحمل ما بين 3 و4 أطنان من المتفجرات، واستخدمته لاحقًا في 'الهندسة العكسية' لصناعة قذائف.
وبين أن الاحتلال يخشى تكرار هذا السيناريو، خصوصًا أن الركام والحواجز قد تؤدي إلى قطع الإشارة، وبالتالي وقوع الروبوتات في يد المقاومة أو فقدان السيطرة عليها. لذلك لجأ الجيش مؤخرًا إلى استخدام الطائرات المسيّرة المفخخة كبديل، معتبرًا أنها أقل عرضة للاختراق وأسهل في التحكم مقارنة بالروبوتات البرية.
وكان المدير العام لوزارة الصحة، د. منير البرش، قال إن جيش الاحتلال بدأ يعتمد بشكل يومي على روبوتات متفجرة داخل مدينة غزة، في تكتيك يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين ويضاعف حجم الكارثة الإنسانية في القطاع.
وأوضح البرش، خلال تصريحات صحفية، الجمعة الماضية، أن هذه الروبوتات تحمل كميات هائلة من المتفجرات تصل إلى سبعة أطنان، ويتم تشغيل ما بين 7 إلى 10 روبوتات يوميًا في أحياء مختلفة من المدينة، ما أدى إلى موجات نزوح واسعة.
وترتكب (إسرائيل) منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 222 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.