اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تحمل الرؤية الأمريكية في مجلس الأمن الدولي، للفلسطينيين ما يشبه 'الوصاية الدولية' بأدوات أميركية خالصة، وسط تحذيرات من أنها ليس مسارًا للحل، بل مدخلا جديدا لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
فبعد عامين كاملين من تعطيل واشنطن لجهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومنحها غطاءً مفتوحًا لعمليات الإبادة الإسرائيلية، تعود اليوم لقيادة مسار سياسي يُخشى أن يُستخدم لاستكمال الأهداف التي فشلت (إسرائيل) في تحقيقها عسكريًا.
وبين ما يسمى 'مجلس سلام' برئاسة دونالد ترامب، وقوة دولية بصلاحيات قتالية تحت الفصل السابع، يرى خبراء أن الجهد الأميركي في مجلس الأمن يفتح الباب لفرض وصاية مباشرة على غزة، وخلق واقع سياسي قد يكون أسوأ من 'أوسلو' وبصلاحيات دولية تتجاوز كل ما عرفه الفلسطينيون سابقًا.
وتشتمل رؤية واشنطن في مجلس الأمن على 11 فقرة، ترتكز على خطة الرئيس ترامب ذات البنود العشرين لوقف الحرب في غزة، وتمنح واشنطن تفويضاً بإنشاء قوة استقرار دولية تحل محل جيش الاحتلال فور دخولها القطاع. وتنص أيضاً على تشكيل ما يسمى 'مجلس سلام' انتقالي يرأسه ترامب لإدارة غزة مؤقتاً حتى ديسمبر 2027، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار والحفاظ عليه من الأطراف الموقعة.
وكانت الفصائل الفلسطينية قد حذرت الأحد الماضي، من خطورة هذه الخطوة الأمريكية، والخاصة بإنشاء قوة دولية في قطاع غزة، معتبرة أنه يشكّل محاولة لفرض وصاية دولية على القطاع وتمرير رؤية منحازة للاحتلال.
مخاوف فلسطينية
ويؤكد الباحث السياسي سليمان بشارات أن المخاوف الفلسطينية من هذا التوجه الأميركي 'حقيقية وموضوعية'، نابعة من التجارب السابقة مع المسارات السياسية السابقة التي قادتها واشنطن منذ اتفاق 'أوسلو' وحتى اليوم.
ويشير لـ 'فلسطين أون لاين'، إلى أن الولايات المتحدة، التي عطلت على مدار عامين من الحرب كل محاولات وقف إطلاق النار، وقدمت غطاءً سياسيًا وعسكريًا لـ(إسرائيل) في عمليات الإبادة، تعود اليوم لتقود مسارًا سياسيًا يُخشى أن يُستخدم لاستكمال أهداف لم تحققها (إسرائيل) في الحرب.
ويشرح بشارات أن أخطر ما في المشروع الأميركي يتمثل في إنشاء ما يسمى 'مجلس السلام' برئاسة واشنطن ودونالد ترامب، ليكون المرجعية العليا لأي إدارة أو لجنة فلسطينية قد تُشكّل في قطاع غزة، وهذا يعني عمليًا فرض وصاية مباشرة على غزة، ونزع أي مظهر من مظاهر السيادة الفلسطينية.
وتتسع المخاوف لتشمل طبيعة مهام القوة الدولية التي تدعو إليها واشنطن، والتي قد تُكلف بملفات حساسة مثل التعامل مع سلاح المقاومة. كما يلفت إلى مقايضة خطيرة بين الواقع الإنساني والإعمار من جهة، وبين القبول بمسار سياسي ترسمه الولايات المتحدة و(إسرائيل) من جهة أخرى، حيث يمكن تعطيل أي خطوة بدعوى 'عدم التزام الطرف الفلسطيني'، مشددًا على أن واشنطن تمنح (إسرائيل) أفضلية واضحة في تحديد مستقبل القطاع انطلاقاً من الأهداف الإسرائيلية.
ويتوقع بشارات أن تتجه (إسرائيل) إلى 'تعطيل تنفيذ' القرار حال تبنيه داخل مجلس الأمن، عبر ذرائع متعددة، مستدلًا بتصريحات وزير الحرب إيال زامير حول الاستعداد للعودة إلى العمليات العسكرية، معتبرًا أن (إسرائيل) 'غير معنية بأي حالة هدوء' لأنها تُفقدها كثيرًا من أوراق الضغط في ملفات الاعتراف بالحقوق الفلسطينية أو الانسحاب من قطاع غزة من غزة، وهو ما تعتبره 'خطوط حمراء' التي تريد لأحد الاقتراب منها.
ويشير أيضًا إلى أن (إسرائيل) تسعى إلى تشكيل قوة دولية قد تُستخدم لفرض إجراءات بالقوة ضد الفلسطينيين بحجة 'تعطيل المسار السياسي'، كما تفضل البقاء في المرحلة الأولى من الاتفاق لأنها لا تتضمن أثمانًا سياسية، على عكس المرحلة الثانية التي تفرض عليها التزامات تتعلق بالانسحاب أو القبول بإدارة فلسطينية.
مزيد من التعقيد
من جانبه، حذر أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة، د. إبراهيم فريحات من أن المشهد السياسي المتعلق بغزة يتجه إلى مزيد من التعقيد مع طرح المشروع الأمريكي، مشيرًا إلى المشروع مر بثلاث نسخ، حيث احتجت الدول العربية في النسخ السابقة على غياب أي أفق للدولة الفلسطينية، قبل الإشارة لمسار الدولة الفلسطينية، وهو ما شكل مطلبًا عربيًا أساسيًا، ما بدا وكأن له شرعية عربية وإسلامية.
لكن هذا التعديل لم يُزل المخاوف الرئيسية، إذ يؤكد فريحات أن الولايات المتحدة ستأخذ التفويض من مجلس الأمن دون أن تعود إليه، ما يعني أن مرجعية مجلس السلام' والقوة التنفيذية ستكون أمريكية بالكامل، خلافًا للموقف الروسي–الصيني الذي يصر على أن تكون المرجعية هي مجلس الأمن نفسه.
ويشرح فريحات أن الصفقة الممنوحة للعرب 'جزئية'، بينما حصلت الولايات المتحدة على مقابل كبير: فتح الطريق لتشكيل قوة دولية تدخل غزة بصلاحيات اشتباك تحت الفصل السابع، وهي الصيغة الأقرب لرغبة (إسرائيل) التي تريد قوة يمكنها مواجهة المقاومة وتفكيكها نيابة عنها.
ويضيف أن الجدل العربي كان يدور حول ضرورة أن تكون القوة 'حفظ سلام' لا 'قوة تنفيذية'، أي لا تشتبك مع الفلسطينيين، 'لكن في النسخة الحالية من المشروع، لم يتحقق هذا الشرط، وبقي النص يتحدث عن قوة تنفيذية مسموح لها باستخدام القوة. وهذا أخطر ما فيه'.
ويرى فريحات أن تمرير المشروع سيمنح الولايات المتحدة و(إسرائيل) موقع قوة غير مسبوق، بينما لن يحصل الجانب الفلسطيني إلا على 'جانب رمزي مرتبط بتفاوض مستقبلي' شبيه بـ'أوسلو'، لكن 'بصيغة أسوأ'، على حد وصفه، فالحكومة الانتقالية الجديدة ليست فلسطينية، ومدتها عامان فقط، وتمهد لوجود دولي واسع الصلاحيات يشبه 'نماذج كوسوفو وأفغانستان'.
ويخلص إلى 'أننا أمام مدخل واقعي لفرض شكل من أشكال الانتداب الدولي، قوة تهاجم لا تدافع، واحتلال بغطاء مجلس الأمن'، مشددًا على أننا 'أمام خيارات شديدة القسوة، ومشهد قد يعيد إنتاج أوسلو ولكن بشكل أكثر رداءة، وبصلاحيات دولية واسعة قد تغيّر طبيعة القضية كلها'.

























































