اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
كشف الحقوقي علاء سكافي، مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في غزة، عن انتهاكات غير مسبوقة ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، وخصوصا المعتقلين من قطاع غزة، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر 2023.
واتهم سكافي المجتمع الدولي بالتقاعس، محملا الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة المسؤولية الكاملة عن الصمت المخزي والعجز عن الضغط على سلطات الاحتلال لوقف جرائمها بحق المعتقلين.
ووصف الحقوقي الفلسطيني، أداء المنظمات الدولية، خاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالفشل الذريع، مؤكدا أن هذه المؤسسات لم تنجح في الدخول إلى المعتقلات أو الوصول إلى الأسرى، مما ساهم في تعميق مأساة المحتجزين وغياب الرقابة الحقوقية على ما يحدث خلف الجدران.
وأكد سكافي لـ 'فلسطين أون لاين'، أن سجون الاحتلال تحولت منذ بداية العدوان إلى ساحات للتنكيل الجماعي، تمارس فيها أساليب انتقام ممنهجة بحق الأسرى من مختلف الفئات، بما يشمل الحرمان من الطعام والعلاج، ومنع التعرض للشمس، والاحتجاز في ظروف لا تليق بالبشر.
وشدد على أن هذه السياسات لم تفرق بين طفل أو امرأة، مريض أو مسن، بل طالت الجميع دون استثناء، في حملة منظمة تبدو كجزء من سياسة العقاب الجماعي التي تنفذها سلطات الاحتلال.
وأوضح أن التقارير الحقوقية التي جمعتها مؤسسة الضمير، بناء على شهادات مباشرة من الأسرى، وثقت قيام سلطات الاحتلال بممارسات وصفت بـ'السادية' داخل السجون، من بينها الاعتداءات الجنسية والاغتصاب، والإهمال الطبي المتعمد، والتجويع، والعزل، والضرب المبرح، إلى جانب استخدام وحدات قمع خاصة مدعومة بالكلاب البوليسية.
وحمل سكافي الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية استشهاد ما لا يقل عن 78 معتقلا منذ بداية الحرب، من بينهم 46 شهيدا من قطاع غزة، مؤكدا أن الوفاة جاءت نتيجة مباشرة للتعذيب، أو الإهمال الطبي المتعمد، أو ترك الأسرى يصارعون المرض دون تدخل طبي ينقذ حياتهم.
وأشار إلى أن ما تم توثيقه ما هو إلا جزء محدود من الحقيقة، في ظل استمرار التعتيم ومنع المؤسسات الحقوقية من أداء دورها.
وأضاف أن عدد المعتقلين الفلسطينيين بلغ حتى اليوم حوالي 11100 أسير، بينهم نحو 6000 معتقل من قطاع غزة، بقي منهم قرابة 3100 رهن الاحتجاز. كما شملت الاعتقالات أطفالا ونساء، حيث سجلت المؤسسات الحقوقية وجود 400 طفل أسير و53 امرأة معتقلة، إلى جانب أطباء وصحفيين وأكاديميين لا تتوفر عنهم أرقام دقيقة بسبب رفض الاحتلال تقديم أي معلومات رسمية.
وندد سكافي بما وصفه 'جريمة التعتيم الكامل' على ملف المختفين قسريا، مشيرا إلى أن الاحتلال يرفض الكشف عن مصير مئات المعتقلين، ولا توفر أي بيانات عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية. وأكد أن بعض المعتقلين فقدت آثارهم منذ الأيام الأولى للحرب، دون أن يتسنى لعائلاتهم أو المؤسسات معرفة إن كانوا على قيد الحياة أم سقطوا شهداء تحت التعذيب.
وكشف أن الاحتلال تعمد إخفاء جثامين عدد كبير من الشهداء، حيث تشير التقديرات الحقوقية إلى قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بجمع نحو 3000 جثمان في الأيام الأولى للعدوان، ونقلها إلى مناطق مجهولة داخل أراضي 1948، في خرق فاضح لأحكام القانون الدولي التي تلزم بتسليم الجثامين ومعاملة الموتى بكرامة.
وأوضح سكافي، أن مؤسسة الضمير، بالتعاون مع شركاء حقوقيين، قدمت تقارير موثقة إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ورفعت شكاوى إلى المقررين الخاصين، وسلمت ملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية تتضمن توثيقا لجرائم قتل وتعذيب ممنهج بحق الأسرى الفلسطينيين، بما فيها جرائم قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وانتقد بشدة الصمت الدولي المتواصل، مؤكدا أن المجتمع الدولي لم يفشل فقط في حماية الأسرى، بل تركهم يواجهون الموت البطيء دون تدخل أو مساءلة، رغم أن الوقائع موثقة، والانتهاكات مكشوفة، والعدالة الدولية على المحك.
وشدد على أن هذا التقاعس يعد تواطؤا ضمنيا مع الاحتلال، ويضع علامات استفهام كبرى حول صدقية المنظومة الحقوقية الدولية.
ودعا سكافي الجهات القانونية والحقوقية حول العالم، إلى تحرك جاد وسريع لإنقاذ من تبقى من الأسرى، وفتح تحقيق دولي مستقل حول ما يجري داخل سجون الاحتلال، ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم. وقال إن ما يحدث ليس تجاوزا فرديا، بل سياسة متكاملة هدفها إذلال الأسرى وكسر إرادتهم، وإن السكوت عنها يفتح الباب لمزيد من الجرائم بحق شعب بأكمله.