اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٨ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
تحدث أمس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في توقيت له دلالاته؛ فهو توقيت يأتي في لحظة لها وضعية أن لبنان يقف على ثلاثة مفارق:
مفرق ما ستحمله أورتاغوس إلى لبنان وما سيطرحه توم براك بشأن مستجدات مبادرته..
ومفرق التباين الأميركي الفرنسي حول التمديد لليونيفيل..
ومفرق التداعيات الداخلية التي تفاعلت بعد خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم..
والحق يقال أن الرئيس عون نجح أمس بجعل اللبنانيين يثقون – وهذا أمر مهم – بأن أزمة كيف يجتازون الثلاثة مفارق دفعة واحدة وعلى نحو آمن؛ هو أمر ممكن؛ وهو أمر يوجد لدى رئيس الجمهورية وصفة مقبولة ومنطقية وعملية له.
.. وعليه كانت إطلالة الرئيس عون ناجحة لكون توقيتها أجاب عن حاجة كانت ملحة للرأي العام اللبناني؛ وهي مقاربة قلقه بهدوء وبوطنية وبثقة بالقدرة على النجاح؛ فبعد الإطلالة ليس كما قبلها؛ وذلك لجهة إيضاح أمر غاية في الأهمية وهو أن الدولة وبخاصة موقع رئاسة الجمهورية لا يتعامل مع نفسه على أنه طرف في تباين داخلي، بل بوصفه جهة مسؤولة ومؤتمنة على حماية الدستور؛ وجهة تقود عملية سياسية وطنية لها ثلاثة أهداف: سحب الاحتلال الإسرائيلي؛ إعادة الأسرى اللبنانيين؛ كسر الحصار الخارجي على لبنان وإطلاق الوضع الاقتصادي..
.. أضف أن إطلالة الرئيس عون وضعت البلد أمام طريق وخيار وليس أمام ضياع ورهان؛ وهو خيار يؤكد على لبننة حل سلاح حزب الله ضمن مقولة تبني كل اللبنانيين لحصرية السلاح بيد الدولة؛ وأيضاً ضمن مسار الإجابة بشكل وطني عن السؤال الدولي وبخاصة الأميركي عن ملف سلاح الحزب؛ ولكن أيضاً ضمن مطالبة لبنان للمجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الضغط على إسرائيل ليس فقط لتنفيذ تعهداتها باتفاق وقف النار، بل أيضاً لتنفيذ هذه التعهدات ضمن السير بحل 'خطوة مقابل خطوة..'.
لقد أظهر كلام الرئيس عون أن ذهابه لخيار الورقة الأميركية اللبنانية لم يكن مجانياً؛ بل هو بمقابل إعطائه أجوبة على الأسئلة الدولية، حصل بالمقابل على أجوبة دولية وأميركية على الأسئلة اللبنانية؛ وهو وضع الإصبع اللبناني على الجرح من خلال الملاحظات الملحقة بالورقة ومفادها أن تنفيذها – أي الورقة – يحتاج إلى التزام الطرف الآخر بها.
والواقع أن لبنان يعرف معاناة الوسطاء العرب في موضوع غزة مع نتنياهو؛ ويعرف لعبته التي لا تهدف فقط لعض الأصابع خلال المفاوضات؛ بل لممارسة لعبة قطع الأصابع: فكل قصة مفاوضات غزة منذ بدئها حتى الآن متوقفة على نيل تعهد من نتنياهو بأنه بعد أخذه للمحتجزين الإسرائيليين لن يعود للحرب؛ بينما هو يصر على أكل العنب وقتل الناطور؛ والناطور هنا ليس حماس بل كل غزة.. آخر شيء يفكر فيه الرئيس جوزاف عون هو السماح لنتنياهو بأن يأخذ مسعى براك إلى مربع مفاوضات غزة ولعبة قطع الأصابع؛ ولذلك هو ينزع ذرائع نتنياهو من خلال وضع العالم أمام واجب الرد على الإيجابية اللبنانية بالضغط على إسرائيل لنيل إيجابية منها.
وكما قال الرئيس عون أمس: لا يوجد خيار آخر؛ ومن كان عنده خيار آخر فليضعه على الطاولة.. الجواب واضح وهو أن الخيار هو الاستمرار بخيار الرئيس عون الذي يضمن للجميع الوصول للهدف المركزي وهو انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية.