اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ ناجي شربل وبولين فاضل
طغى الاعتداء الإسرائيلي على منطقة مدنية اقتصادية في المصيلح في الجنوب فجر أمس، على ما عداه من أحداث لبنانية وسط خشية من أن تكون إسرائيل في صدد رفع وتيرة اعتداءاتها على لبنان بعد اتفاق وقف النار في غزة.
وسارع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى الإدانة بشدة، وقال: «مرة أخرى يقع جنوب لبنان تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية بلا حجة ولا حتى ذريعة. لكن خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة، وبعد موافقة الطرف الفلسطيني على ما تضمنه هذا الاتفاق من آلية لاحتواء السلاح وجعله خارج الخدمة، وهو ما يطرح علينا كلبنانيين وعلى المجتمع الدولي تحديات أساسية، منها السؤال عما إذا كان هناك من يفكر في التعويض عن غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل؟».
وتساءل عون عن أنه «مادام تم توريط لبنان في حرب غزة، تحت شعار إسناد مطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها، خصوصا بعدما أجمعت الأطراف كافة على تأييدها؟!».
من جهته، رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال تعليقا على الاستهداف: «العدوان الإسرائيلي السافر في شكله ومضمونه وفي زمانه ومكانه وبالأهداف التي طالها، لن يغير من قناعاتنا وثوابتنا وثوابت وقناعات أهلنا، الذين، مجددا، بأرواحهم ومنازلهم ومصادر رزقهم يدفعون ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم المشروع في حياة كريمة».
وتابع: «المشهد يحكي عن نفسه ويعكس الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي، فهو كما في كل مرة ليس عدوانا على المصيلح وأهلها وأصحاب المنشآت الصناعية فيها، إنما هو عدوان على لبنان وأهله كل أهله. هناك استهدف المسيحي كما المسلم واختلط الدم بالدم، فلنتوحد من هناك من أجل لبنان في مواجهة العدوان».
ويلاحظ أن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يلاقي في مواقفه أكثر فأكثر ثوابت الرئاسة الأولى ومقاربتها لحساسية الوضع اللبناني، اذ كتب على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: «ان إلغاء المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني خطوة متقدمة على طريق العلاقات الطبيعية بن لبنان وسورية، لكن متى ستطالب بعض الأصوات السيادية في لبنان بالانسحاب الاسرائيلي الكامل والالتزام باتفاق الهدنة؟».
وتعليقا على الضربة الإسرائيلية في المصيلح، أجرى جنبلاط اتصالا هاتفيا برئيس مجلس النواب مطمئنا ومستنكرا.
كما استنكرت وزارة الخارجية والمغتربين «بأشد العبارات استمرار إسرائيل في اعتداءاتها المتكررة على سيادة لبنان، وآخرها العدوان الذي استهدف منطقة المصيلح.
وتفقد وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني مكان الغارات الإسرائيلية رفقة النائب هاني قبيسي. وقال رسامني: «لا كلام أمام هول ما نشاهده من دمار، فهذا المشهد يؤكد همجية العدو الذي لا يريد للبنان ان ينهض ولكن سننهض». وأكد أن «هذا العدوان على كل لبنان وليس الجنوب فقط.. ومواجهته تكون بوحدتنا وكرامتنا المرفوعة».
كما كانت جولة على المنازل القريبة المتضررة، حيث استمع الوزير إلى الأهالي والعائلات. وشدد على ان «أولويات الحكومة الوقوف مع الجنوب وإعادة الإعمار مهما كلف الثمن، وان رئيس الحكومة كان ليتواجد هنا لولا سفره إلى فرنسا».
وفي حصيلة لاعتداء المصيلح، صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة أن «غارة العدو الإسرائيلي التي استهدفت منطقة المصيلح أدت إلى سقوط شهيد من الجنسية السورية وإصابة سبعة أشخاص بجروح، أحدهم من الجنسية السورية وستة لبنانيين من بينهم سيدتان».
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية أن الطائرات الحربية الاسرائيلية شنت قرابة الرابعة من فجر أمس سلسلة غارات جوية تجاوزت العشر مستهدفة بشكل مباشر مجموعة من معارض للجرافات والحفارات على طريق المصيلح ـ الزهراني أو ما يعرف تحديدا بـ«كوع المصيلح». وألقت الطائرات المغيرة عددا كبيرا من الصواريخ التي حول انفجارها المنطقة إلى كتلة نارية أشبه بزلزال، دمرت بلحظات أكثر من 300 آلية بين جرافات وحفارات، إضافة إلى دمار واسع بمنشآت المعارض من مبان وخيم حديدية وسيارات كانت مركونة بالمنطقة.
وأضافت الوكالة الرسمية ان «الخسائر قدرت بمئات ملايين الدولارات، وإن الغارات تسببت بأضرار جسيمة بشبكة التوتر العالي 66 فولت، وبتحطم زجاج عشرات المنازل والمحال والمؤسسات التجارية على مسافة مئات الأمتار من موقع العدوان».
وقد قطعت الطريق على أوتوستراد المصيلح ـ دير الزهراني للمرة الأولى بعد الحرب الإسرائيلية الموسعة الأخيرة. وسادت حالة من القلق لدى المواطنين في تلك البقعة الجغرافية، خصوصا في ضوء ما يتردد عن نيات إسرائيلية بتوسيع «الحزام الأمني». وبعد ظهر امس نفذت مسيرة اسرائيلية غارة في حي الطبالة في بلدة قلاوية وافيد عن سقوط قتيل.
على صعيد آخر، ومع انطلاق الاجتماع السنوي المشترك لصندوق النقد والبنك الدولي الأسبوع المقبل، عبرت مصادر اقتصادية عن خشيتها ان تكون نتائجه سلبية على لبنان مع تعطل التشريع، الأمر الذي يجعل حجة المفاوض اللبناني ضعيفة بحيث لا يستطيع إقناع الجانب الدولي الذي عقد اجتماعات عدة مع المسؤولين اللبنانيين، بأن هناك إرادة فاعلة لدى الأطراف اللبنانية للخروج من حال المراوحة والسير على طريق النهوض.