اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
لأول مرة منذ عامين من القصف المتواصل والدمار والمآسي، عاشت شوارع قطاع غزة لحظات فرح استثنائية بعد الإعلان رسميًا عن وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
رغم الركام والأنقاض وآثار الحرب التي غطّت ملامح المدن، خرج المواطنون إلى الشوارع والساحات العامة وهم يكبّرون ويهتفون للمقاومة، يرفعون الأعلام الفلسطينية ويغنون للوطن، في مشهدٍ اختلطت فيه الدموع بالابتسامات، والحزن بالأمل.
وأكدت حركة حماس أنها خاضت مفاوضات جادة ومسؤولة مع فصائل المقاومة الفلسطينية حول مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شرم الشيخ، بهدف الوصول إلى وقف شامل للحرب الإسرائيلية على غزة، وانسحاب الاحتلال من القطاع، ودخول المساعدات، وتنفيذ صفقة لتبادل الأسرى.
وأمام مجمع ناصر الطبي، قال محمد السطري: 'انتصرت المقاومة بعد عامين من العدوان والبطش والمجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد أهالي القطاع في محاولة لإبادتهم.'
وأضاف السطري لصحيفة 'فلسطين': 'الناس انتظرت هذه اللحظة على أحرّ من الجمر، بعدما ذاقت كل صنوف القهر والتجويع والمجازر، والآن سننام دون صوت طائرات أو قنابل. فرحتنا اليوم ممزوجة بالدموع على من رحلوا من أهالينا وجيراننا وأحبابنا.'
وقال أحمد قديح من بلدة خزاعة شرق خان يونس: 'نشعر بالفرحة لأن الموت توقف، لكن قلوبنا ما زالت حزينة على الشهداء وعلى بيوتنا التي دُمّرت بالكامل. بعد نزوح طويل ومرير، سنعود إلى أرضنا ولو في خيمة، فالوطن لا يُستبدل.'
وأوضح قديح أنه اشتاق لأرضه التي كان يزرعها بالزيتون والليمون والخضروات، قبل أن يدمرها القصف الإسرائيلي، مؤكدًا أن فرحة وقف إطلاق النار تعبّر عن عطشٍ طويل للحياة الطبيعية، لكنها تحتاج إلى تعويضٍ حقيقي لإعادة البناء.
أما مريم أبو موسى، الخمسينية من مدينة غزة، فقالت وهي تبتسم والدموع تملأ عينيها: 'نحن شعب يحب الحياة، واليوم خرج الأطفال إلى الشوارع يضحكون ويركضون لأول مرة منذ عامين. لكن فرحتنا لن تكتمل إلا برفع الحصار وبدء الإعمار وتعويض الناس، والإفراج عن الأسرى.'
وقال أحمد المهتدي، نازح من مخيمات المنطقة الوسطى فقد منزله في القصف: 'أشعر بكثير من الأمل. قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لإنهاء الدمار ورؤية غزة تعود كما كانت. نرجو أن يكون وقف إطلاق النار دائمًا، لأننا تعبنا من الموت والنزوح.'
وأضاف المهتدي: 'سنعود إلى مناطقنا حتى لو كانت مدمرة. خيمة بجوار منزلنا المهدّم أفضل من خيمة في أرض طينية نغرق فيها كل شتاء.'
ورغم الأمل الذي يملأ القلوب، لا تزال مشاعر الحذر والقلق تراود كثيرين ممن يخشون أن تكون الخطة الأمريكية مجرد حلّ مؤقت يخدم مصالح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وقال الشاب هيثم علي (25 عامًا) من مدينة غزة: 'أعيش شعورًا متناقضًا بين الفرح والشك. لا أستطيع أن أصدق أن الحرب انتهت فعلاً، لكن الأمل موجود في أن ينجح الجميع بإجبار نتنياهو على عدم العودة للحرب بعد استعادة أسراه. نحن نريد فقط أن نعيش بأمان مثل سائر البشر.'
وفي المدارس والملاجئ المؤقتة التي تؤوي آلاف العائلات، سادت حالة من الترقب الحذر، بينما تتطلع الأسر إلى العودة لمنازلها التي صارت أثرًا بعد عين، بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات المقبلة بشأن إعادة الإعمار.
وقالت هالة أهل، نازحة من حي التفاح: 'هناك فرحة خفيفة في قلبي، لكني لا أستطيع تصديق أن الحرب انتهت فعلاً. بيتنا صار ذكرى وسط الركام، ومع ذلك نأمل أن تعود الحياة كما كانت، وأن نتمكن من لملمة جراحنا.'
أما ابتهال ديب، التي فقدت طفلها أحمد (7 أعوام) في قصف استهدف منزل جده بحي تل الهوى، فقالت بصوتٍ متهدج: 'كل ما نتمناه أن يكون هذا الاتفاق بداية حقيقية لإنهاء العدوان وفتح باب الإعمار، لا هدنة مؤقتة جديدة. تعبنا من الوعود.'
وختمت فاطمة المنيراوي، النازحة من حي الشيخ رضوان، بقولها: 'إذا تغيّر الحال هذه المرة، سنعود إلى بيوتنا لنستعيد الأمان. أكثر ما أفتقده هو رائحة بيتنا وصوت الجيران. نريد فقط أن ينتهي هذا الكابوس إلى الأبد.'