اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
شهدت سلطنة عُمان مؤخّرًا استضافة الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي استمرّت لأكثر من ثلاث ساعات وجمعت ممثلين للطرفيْن بوساطةٍ عمانيةٍ. ووُصِفَتْ هذه الجولة بأنها 'صعبة ولكن مفيدة'، حسب تصريح المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الذي أشار إلى أنّ المباحثات ساعدت على 'فهم مواقف بعضنا البعض بشكل أفضل'، من دون أن تُفضي إلى نتائج حاسمة.
مصدرٌ رفيعٌ في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تحدّث إلى شبكة 'CNN'، فاعتبر أنّ الجولة الرابعة حملت طابعًا مشجعًا على الرَّغم من التباين العميق بين مواقف الجانبيْن. المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، ترأس الوفد الأميركي في هذه المحادثات، فيما قاد وزير الخارجية عباس عراقجي الفريق الإيراني، مع تمسّك كلّ طرف بـ'خطوطه الحمراء'، خاصةً في ما يتعلق بحقّ طهران في تخصيب اليورانيوم.
التصريحات الأميركية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال جولته الخليجية التي شملت زيارةً لقطر، ألمح إلى قرب التوصل إلى اتفاقٍ نوويّ جديدٍ، معتبرًا أنّ 'إيران باتت قريبةً من القبول بشروطٍ معيّنةٍ'، مشدّدًا على أنّ 'الاتفاق ربما يوشك أن يتمّ من دون اللجوء إلى عملٍ عسكري'.
في تصريحات صحافية على متن الطائرة الرئاسية، قال ترامب: 'لديهم مقترح، والأهم من ذلك، أنّهم يدركون ضرورة التحرّك بسرعة وإلّا سيحدث أمر سيء'. كما صرّح لاحقًا من المكتب البيضاوي: 'لم نتخذ بعد القرار النهائي بشأن السماح لإيران بامتلاك برنامج لتخصيب اليورانيوم'.
ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، أوضح في تصريحات لقناة 'فوكس نيوز' أنّ 'الولايات المتحدة لن تسمح أبدًا لإيران بامتلاك سلاح نووي'، مشيرًا إلى أنّ الرئيس ترامب 'قدّم عرضًا لإيران، لكنّه لن يدوم إلى الأبد'.
كما أضاف روبيو أنّ الرئيس ترامب 'منح إيران فرصةً كي تصبح دولةً مزدهرةً ومسالمةً، ويأمل أن تنتهز هذه الفرصة'، مضيفًا أنّ ترامب قال إن العرض الأميركي لإيران' لن يستمرّ إلى الأبد'.
الموقف الإيراني
على الجانب الإيراني، أعلن علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، استعداد بلاده لإبرام اتفاق نووي جديد مقابل رفعٍ فوريّ للعقوبات الأميركية، وفقاً لما نشرته 'NBC News'. كما أبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مرونةً غير مسبوقةٍ بإعلانه أنّ بلاده لا تمانع في دخول الشركات الأميركية إلى السوق الإيرانية، وخصوصًا في قطاعات النفط والغاز، مع تحميل واشنطن مسؤولية الغياب الاقتصادي الأميركي عن إيران بسبب 'العقوبات الذاتية'.
على الرَّغم من هذا الانفتاح، بقي الملف الأكثر تعقيدًا مرتبطًا بتخصيب اليورانيوم، حيث أكد عباس عراقجي في تصريح لـوكالة 'فارس' أنّ إيران واضحة في مواقفها ولن تتجاوز حدودها.
إسرائيل تراقب بقلق
في خضمّ هذه التطورات، نقلت 'القناة 12' الإسرائيلية قلقًا متصاعدًا داخل الأوساط السياسية والأمنية في تل أبيب إزاء تقدم المحادثات الأميركية – الإيرانية. أحد المسؤولين الإسرائيليين صرّح بأنّ 'الولايات المتحدة تستعجل التوصّل إلى اتفاق، وقد يكون ذلك على حساب أمن إسرائيل'.
'الجزيرة' سلّطت الضوء على هذا القلق الإسرائيلي، مشيرةً إلى أنّ واشنطن سعت إلى طمْأنة تل أبيب عبر اتصالات دبلوماسية مباشرة، شدّد خلالها ماركو روبيو على التزام بلاده التاريخي بأمن إسرائيل، في حين أصرّ نتنياهو على ضرورة منع إيران من تطوير أي قدرات نووية.
ترقّب شعبي وإعلامي إيراني واسع
الشارع الإيراني تابع عن كثب تفاصيل المفاوضات مع واشنطن، وسط تغطية واسعة من وسائل الإعلام المحلية والعالمية. وكشفت وسائل إعلام أوروبية مثل وكالة الصحافة الأوروبية (EPA) عن اهتمام شعبي متزايد بمعرفة مصير العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني.
انعكاسات اقتصادية
عقب تصريح ترامب في قطر عن قرب التوصل إلى اتفاق، شهدت الأسواق تحركًا فوريًا تمثل في تراجع أسعار النفط بأكثر من 3%، ما يعكس توقعات بانفراجة محتملة في العقوبات على طهران، الأمر الذي قد يؤدّي إلى زيادة المعروض النفطي الإيراني عالميًا.
غير أنّ المراقبين في 'بلومبرغ' و'وول ستريت جورنال' أشاروا إلى أنّ الأسواق لا تزال متردّدةً في اتخاذ مواقف حاسمة، في ظلّ غياب وضوحٍ كاملٍ بشأن آلية تنفيذ الاتفاق، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستخفّف من ضغوطها القصوى على طهران.
غموض الاتفاق الجديد… ماذا عن التفاصيل؟
وعلى الرَّغم من التفاؤل النسبي الذي يبديه البيت الأبيض، لم تُقدّم واشنطن حتّى الآن مسودةً رسميةً لاتفاق جديد. مصدر في 'CNN' أكّد أن 'الولايات المتحدة لم تشارك إيران بعد أي وثيقة متكاملة تحتوي على التفاصيل النهائية للاتفاق'، في وقتٍ كانت التوقعات تشير إلى احتمال تقديم المقترح في الأسبوع ذاته.
وتؤكد عدّة تقارير أنّ الاتفاق الجديد ما زال محلّ جدلٍ داخل الإدارة الأميركية نفسها، خصوصًا فيما يتعلق بمسألة تخصيب اليورانيوم، والتي تُعدّ نقطة الخلاف الأبرز، إضافةً إلى برنامج إيران الصاروخي ونشاطاتها الإقليمية.
إلى أين تتّجه الأمور؟
المحادثات بين إيران والولايات المتحدة لا تزال قائمةً، على الرَّغم من غياب موعدٍ محدّدٍ للجولة المقبلة. المسؤول الأميركي الذي تحدّث إلى 'CNN'، أشار إلى أنّ 'النقاش حول موعد الجولة الخامسة جارٍ'، في حين تتوقع مصادر دبلوماسية عقدها خلال أسابيع، ربّما في سلطنة عُمان مجدّدًا.
في هذا السياق، وصف رئيس 'الوكالة الدولية للطاقة الذرّية' رافايل غروسي، في حديثٍ إلى صحيفة 'لوموند' الفرنسية، مستوى تقدم إيران النووي بأنّه 'قريب من مرحلة حرجة'، مشيرًا إلى أنّ 'إيران تمتلك بالفعل القطع الأساسية لصناعة قنبلة نووية، وقد تستطيع تجميعها في لحظة ما'.
سباق دبلوماسي بين التصعيد والانفراج
على الرَّغم من التصريحات المتفائلة من واشنطن وطهران، إلّا أنّ مسار المفاوضات يبدو محفوفًا بالعقبات التقنية والسياسية. من جهةٍ، تسعى إدارة ترامب إلى اتفاق يحفظ أمن إسرائيل ويُرضي الداخل الأميركي المحافِظ، ومن جهة أخرى، تصرّ طهران على رفعٍ فوريّ للعقوبات واحترام حقّها في تطوير التّكنولوجيا النووية السلمية.