اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
رأى الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة «الحدث»، ان الموفد الأميركي توم براك خلال زيارته للبنان عبّر بشكل واضح بقوله أن هناك متغيّرات كبرى قد حصلت في لبنان وفي المنطقة، وعلى أكثر من صعيد، بحيث يقتضي على جميع المعنيين، وعلى الأخص في لبنان، أن يدركوا ما تعنيه هذه المتغيّرات والتحوّلات، ولا سيما لجهة ضرورة الإدراك لدى الجميع أن دور الميليشيات المسلحة في المنطقة قد انتهى، ولا يمكن له أن يستمر. كما وأن يدرك الجميع في لبنان حاجتهم إلى أن يغتنموا هذه الفرص الجديدة التي باتت متاحة الآن لما فيه مصلحة سيادة واستقلال بلدهم واستقراره واستعادة نموّه وازدهاره.
ولفت الى ان الموفد الأميركي أكد على ضرورة حفاظ لبنان على المبادئ التي يشدّد عليها، والتي يفترض أن يتمسّك بها الجانب اللبناني، لجهة حصرية السلاح لدى السلطات الشرعية اللبنانية لأن في ذلك مصلحة أكيدة للبنان واللبنانيين. وقال: لذلك، فإن الأمر بات يقتضي من وجهة نظري التجاوب مع المسعى الأميركي، والذي هو أيضا المسعى العربي بالوقت ذاته من أجل التقدم على مسارات وضع الحلول الصحيحة موضع التنفيذ.
أضاف: «صحيح أن براك ذكر صراحة في لقائه مع الصحافيين، أن حزب الله هو حزب سياسي، ولكن بطابع عسكري. وأن هذا الجانب العسكري الذي لدى الحزب قد أثبتت التطورات والتغيّرات الأخيرة الحاصلة أنه لم يعد من المفيد اللجوء إلى هذه الأدوات العسكرية بسبب التفوّق الكبير والشاسع للآلة العسكرية الإسرائيلية. وهو قد أضاف أن الولايات المتحدة لا تضمن للبنان الآن وقفا سريعا لإطلاق النار من قبل إسرائيل. ولكن براك، وبما عرضه على المسؤولين اللبنانيين يمكن أن يتبيّن أن هناك تقدّما من الممكن أن يحصل في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من خلال اعتماد سياسة وأسلوب الخطوة خطوة. ذلك لأن هناك مطالب من قبل الجانب اللبناني ومطالب من قبل الجانب الإسرائيلي. والطرفان عليهما أن يسعيان للتوصل إلى اتفاق».
ولفت الى ان «المطالب التي يتمسّك بها الجانب اللبناني، والتي يجب أن تلتزم بها إسرائيل، هي في الأساس في وقف الأعمال العدائية، والانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، وفي إطلاق الأسرى وعودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وبلداتهم المدمرة والمتضررة، وفي أن تبدأ عملية إعادة الإعمار. ولكن ما هو مطلوب من الجانب اللبناني أيضا هي في أن يتم سحب كامل للسلاح غير الشرعي الذي يحمله ويحتفظ به حزب الله، ليصبح السلاح حصرا بيد الدولة اللبنانية، والحقيقة هو أيضا مطلب لبناني. تجدر الإشارة هنا إلى أن حصرية السلاح في لبنان، قد نص عليها اتفاق الطائف، وهو الآن مطلب أساسي من قبل الغالبية الكبرى من اللبنانيين، وقبل أن يكون مطلبا إسرائيليا وأميركيا. هذه الأمور اعتقد أنه قد جرى إيصالها بوضوح إلى الموفد الأميركي من خلال الورقة اللبنانية، ولم يعد أحد غافلا عن هذه الحقائق، وهو قد سمع هذه المواقف على لسان الرؤساء الثلاثة. وهم بدورهم سمعوا، وبوضح وبصراحة، حقيقة الموقف من الموفد الأميركي، ويعلمون تمام العلم دقة الأوضاع التي أصبح لبنان في بحاجتها».
وعما إذا كان هذا المطلب لبناني، أكد السنيورة انه «مطلب لبناني، وذلك حسب ما اتفق عليه في اتفاق الطائف، أي منذ العام 1989».
ورأى السنيورة أن «هذا الأمر كان واضحا عند صدور القرار 1701 أيضا، ولم تطبقه إسرائيل مثلما أنه لم يطبقه حزب الله. وهذا التقاعس والامتناع عن تطبيق القرار 1701، هو الذي أوصلنا الى هذا الوضع الذي أصبحنا عليه الآن».
وعما إذا كان رئيس الحكومة نواف سلام يحاول تبرير موقف «حزب الله»، قال السنيورة: «لا أعتقد أن رئيس الحكومة في حديثه بعد مقابلة المندوب الأميركي كان يبرر موقف «حزب الله»، ولا أعتقد أن موقف لبنان غير واضح بالنسبة لمسألة سلاح الحزب. فاتفاق الطائف بداية واضح في هذا الشأن وكذلك القرار 1701. كذلك فإن خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون شديد الوضوح، وكذلك أيضا البيان الوزاري للحكومة اللبنانية».
واعتبر ان «ما نحتاجه اليوم في لبنان يتلخص بكلمتين كل واحدة منهما تعني الكثير، وهما بداية الحكمة في التصرف والثانية الحزم في المواقف الثابتة».
أضاف: « على حزب الله الذي قال عنه الموفد الأميركي أنه حزب سياسي ولديه جانب عسكري، أن يتصرف بما يمليه عليه الوضع اللبناني الدقيق، الذي يحتاج بداية الإدراك الصحيح والتصرف الصريح من قبل الحزب بشأن حسم هذه المسألة. لأن الأسلوب المراوغ للحزب والذي يضع أعذارا ربما تكون مفهومة، لتمنعه عن القبول بذلك. وهنا يجدر السؤال: ألم يكن من الأجدر بالحزب أن يتنبه قبل أن يعمد إلى زجّ لبنان في أتون معارك لا طاقة للبنان على تحملها، وهو ما أوصل الأمور إلى حيث ما أصبح عليه لبنان الآن من وضع خطير للغاية؟».
وأشار الى ان «المندوب الأميركي قد أشاد بما تقوم به سوريا الآن. وهنا نحن علينا من جهتنا أن نقتنع بأن علينا أن ندرك مآلات التحولات التي حصلت في سوريا والمنطقة، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار في صياغة المواقف التي علينا أن نعتمدها. ليس معنى ذلك فقط لأن السوريين باتت لديهم مواقف جديدة ومختلفة. ولكن، وفي الأساس، لأن في اتخاذنا لهذا الموقف الذي يشدد على سيادة لبنان وحصرية السلاح بالدولة اللبنانية تكمن المصلحة اللبنانية الحقيقية».
وشدّد السنيورة أن «علينا جميعا أن نستخلص الدروس الحقيقية من القرار 1701 الذي صدر في آب 2006، وأن نعتمد الموقف الذي ينسجم مع هذه الدروس المستفادة»، مستذكرا رئيس الجمهورية الفرنسية الراحل جاك شيراك الذي «قال لي عند التوصل الى إقرار القرار 1701 في مجلس الأمن، وبالحرف الواحد، أننا ما كنا نظن اننا سوف نستطيع وإياكم، أي مع الحكومة اللبنانية، أن نصل الى هذا القرار».