اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ان لبنان يتطلّع «الى قبرص كونها البلد الذي لطالما كان الداعم له وسيبقى». وقال: «تحوّلنا معاً مستقراً لكل من يسعى إلى السلام والحرية، وهذا هو أكثر ما يجمعنا اليوم وأعمقُ ما نريده لبلدينا وشعبينا ومنطقتنا والعالم. السلام العادل، عبر الحوار، لتبادل كل الحقوق، والحرية المسؤولة، الحاضنة لكل ازدهار وإبداع، وتطور لحياة البشر وخيرهم».
فيما أكد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس أن رخاء لبنان وإستقراره هما ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لقبرص والاتحاد الأوروبي. وحيّا الجهود التي يقوم بها الرئيس عون للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وأيضا إتفاق وقف الأعمال العدائية بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024.
مواقف الرئيسين عون وخريستودوليدس جاءت خلال مؤتمر صحافي مشترك أعقب لقاء القمة بينهما في قبرص أمس التي وصلها رئيس الجمهورية تلبية لدعوة رسمية من نظيره القبرصي، والتي تلتها محادثات موسّعة.
وكان الرئيس عون انتقل الى القصر الرئاسي القبرصي من لارنكا التي وصلها على متن طوافة عسكرية للجيش اللبناني، يرافقه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي وعدد من المستشارين، وكان في استقباله في المطار وزير الدفاع القبرصي Vasilis PALMAS الذي رحّب به بإسم الرئيس القبرصي، وسفيرة لبنان في قبرص كلود الحجل، والقنصل زياد كوسا، ومدير المراسم في قبرص وعدد من الدبلوماسيين.
وفور وصوله الى القصر الرئاسي في نيقوسيا، كان في استقباله الرئيس خريستودوليدس، وأقيمت له مراسم التشريفات الرسمية، وعرض الرئيسان ثلة من حرس الشرف، وعُزف النشيدان اللبناني والقبرصي، ووضع الرئيس عون إكليلا من الزهر أمام تمثال مكاريوس الثالث رئيس أساقفة الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية وأول رئيس لجمهورية قبرص.
ثم انتقل الرئيسان عون وخريستودوليدس الى مكتب الرئيس القبرصي حيث عقدا لقاء ثنائياً، رحّب في مستهله الرئيس خريستودوليدس بالرئيس عون، مثمّناً المحادثات التي عقدها معه خلال زيارته الى بيروت في اعقاب انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية، وفي لقائهما في باريس.
وأعرب عن حرصه على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال الدفاع، والأمن، والطاقة، والتجارة والسياحة.
وإذ لفت الى ان قبرص ستترأس مجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام 2026، فإنه أوضح انها ستعمل ما في وسعها من أجل تأكيد أهمية لبنان والمنطقة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مشيرا في هذا السياق، الى الاجتماع المزمع عقده العام المقبل بين قادة الاتحاد ودول المنطقة. وأعاد التأكيد على موقف بلاده لجهة احترام سيادة لبنان ووحدة أراضيه.
وردَّ الرئيس عون معبّراً عن تقديره العميق لحفاوة الاستقبال، لافتاً الى ان اللبنانيين تطلّعوا الى قبرص لا كبلدهم الثاني بل كبلدهم الآخر، ولا سيما ان البلدين لا تفصلهما إلّا الجغرافيا ولهما مصالح مشتركة في ظل مواجهتهما العديد من التحديات، مثمّناً وقوف قبرص الدائم الى جانب لبنان الذي يتطلّع إليها كونها البلد الذي لطالما كان الداعم له وسيبقى.
وبعد اللقاء الثنائي، انتقل الرئيسان اللبناني والقبرصي الى قاعة المناسبات حيث عقدت محادثات موسّعة حضرها عن الجانب اللبناني الوزير رجّي، والسفيرة الحجل، ومستشارا الرئيس العميد اندريه رحال وجان عزيز.
أما عن الجانب القبرصي فحضر المحادثات وزير الدفاع Vasilis Palmas والمتحدث باسم الحكومة Konstantinos Letymbiotis، ومستشار الأمن القومي Tasos Tzionis، ومدير المكتب الديبلوماسي في مكتب الرئيس Doros Venezis.
وبعد المحادثات الموسّعة، عقد الرئيسان عون وخريستودوليدس مؤتمرا صحافيا استهله الرئيس القبرصي بكلمة رحّب فيها بالرئيس عون والوفد المرافق، منوّها بالعلاقات بين قبرص ولبنان وما يربطهما من جذور تاريخية، مشدّدا على «ان البحث تناول كيفية تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والسياحة، والدفاع، والأمن والطاقة، وغيرها. وتحدثنا عن التطورات في المنطقة التي تؤثِّر بشكل مباشر على بلادنا، وعن مواقفنا تجاه القضايا التي ترتبط بالمنطقة».
أضاف: «تحدثنا أيضا عن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، وأستطيع القول بكل تأكيد ان قبرص قولا وفعلا لاعب متحمّس لتوطيدها. وعلاقاتنا حتما تتأثر بالتحديات المشتركة التي علينا أن نواجهها في منطقتنا، حيث تختار قبرص بكل إدراك الوقوف الى جانب لبنان، لأنه جزء لا يتجزأ من منطقة شرق البحر المتوسط، كما وأن رخاء لبنان وإستقراره هما ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة إليها. وهذه هي الرسالة التي نرسلها الى بروكسل. وطبعا إٍستقرار لبنان ليس لمصلحة قبرص فقط لكن أيضا لمصلحة الاتحاد الأوروبي».
وقال الرئيس القبرصي: «انني على يقين بالغ ان لبنان الذي يتمتع بالإستقرار والسلام والقوة، من الممكن أن يقود منطقة شرق المتوسط لكي تكون أقوى وأكثر سلاما..».
وفي ما يتعلق بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، قال: «إن قبرص تقوم بدور رائد ليس فقط من خلال دعم العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، وإنما أيضاً كقناة للتواصل والتعاون. ونحن نُعَدُّ سفير لبنان لدى الاتحاد الأوروبي ممَّا يسهِّل ضرورة التعاون والحوار الاستراتيجي بين لبنان والاتحاد. وفي هذا النطاق، وعندما نتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي سوف نقوم بمبادرات محددة لدعم العلاقات بين الاتحاد ولبنان. وقد أتيحت لنا الفرصة لمناقشة هذا الأمر معكم، الى جانب دور الجمهورية القبرصية في هذا الإطار. وانني أذكر زيارتي الى بيروت بمبادرة منا، برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، وكانت أول زيارة لرئيس للمفوضية للبنان الدولة المجاورة لأوروبا. وأقرّ في ذلك الوقت دعم مادي يصل الى مليار يورو، ونحن في المرحلة الأخيرة لإتاحة هذا الدعم، ونعترف بالجهود التي تبذلها حكومتكم، وندعمها بشكل ثابت، كما نؤيد تقديم هذه الموارد المادية، لدعم قطاعات عدة في لبنان».
ثم ألقى الرئيس عون كلمة قال فيها: «بعد أحد عشر يوماً بالتمام، تحتفلون بالذكرى الواحدة والخمسين لولادة دولة قبرص الحديثة، لكنّ العلاقات بين بلدينا وشعبينا عمرُها قرون طويلة،لأننا كنا منذ نحو ألف سنة، شبه توأمين يجمعنا - ولا يفصلنا - هذا الأبيض المتوسط...
منذُ القرون الوسطى جمعتنا سياقات الجغرافيا والتاريخ، لأننا كنا معاً، ممراً لزحفِ الإمبراطوريات للتوسّع والنفوذ، ووُجدنا معاً على طرق التجارة العالمية في كل الأزمنة، فصرنا معاً، محطّ مصالح وحساباتِ سيطرة ونفوذ.
وفي المقابل، تحوّلنا معاً، مستقراً لكل من يسعى إلى السلام والحرية، وهذا هو أكثر ما يجمعنا اليوم، وهذا هو أعمقُ ما نريده لبلدينا ولشعبينا ولمنطقتنا وللعالم. السلام العادل، عبر الحوار، لتبادل كل الحقوق، والحرية المسؤولة، الحاضنة لكل ازدهار وإبداع، وتطور لحياة البشر وخيرهم».
أضاف: نحن نؤمنُ أنّ ما يجمعه التاريخ والجغرافيا، لا تفرّقه الأرقام والأعداد والحسابات، من أي نوع كانت، وهذا ما أثبتته هجراتنا المتبادلة منذ قرون. فكلما هبّت لدى أي منا عاصفة، وجد كل منا ملجأ كريماً لدى الآخر، حتى صرنا بلدين وشعبين كل ما بينهما، قضايا مشتركة. البحرُ ومسألة حدوده، قضية مشتركة، مأساة هجرات البائسين من منطقتنا، قضية مشتركة، حتى أحرام الجامعات اللبنانية هنا، وكابلات الإنترنت بيننا والتي تؤمّن تواصل العلم والمعلومة بيننا، قضايا مشتركة. وتجمعنا خصوصاً عشرات آلاف اللبنانيين المقيمين هنا، في أرض بوابتنا إلى أوروبا والغرب والمجندين ليفتحوا لقبرص بوابة لبنان صوب الشمس.
ولفت الى انه «يعودُ اسمُ قبرص لغوياً، إلى معدن النحاس الصلب الثمين، ويعودُ اسمُ لبنان إلى البخور الزكي المقدّس، والاثنان معاً أعطيا العالم الأداة لنشر عطر الرجاء، وهذا ما نعملُ له معاً، كل يوم».
ثم انتقل الرئيسان عون وخريستودوليدس الى مبنى بلدية نيقوسيا.
بعد ذلك، عاد الرئيس عون والرئيس خريستودوليدس الى القصر الرئاسي حيث أقام الرئيس القبرصي مأدبة غداء على شرف نظيره اللبناني في القاعة الوزارية، استكملت في خلالها المحادثات حول القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك.
وعصر أمس عاد رئيس الجمهورية الى بيروت آتياً من لارنكا، على متن طوافة عسكرية للجيش اللبناني، يرافقه وزير الخارجية والوفد المرافق.