اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
كتب عبدالكافي الصمد في 'سفير الشمال'
حتى يوم أمس كان البعض، من سياسيين ومواطنين ومرشّحين للإنتخابات البلدية والإختيارية ما يزال يعلق آمالاً ضئيلة على إمكانية تأجيلها، لأسباب مختلفة، وأنّ جلسة مجلس النواب التشريعية التي عقدت يوم أمس ستشهد إمراراً لأحد إقتراحات مشاريع قوانين تأجيل الإنتخابات، وبالتالي تطييرها.
لكنّ ما شهدته الجلسة التشريعية العامّة لمجلس النوّاب يوم أمس حسمت أمر إجراء إستحقاق الإنتخابات في مواعيدها، ووضعت الجميع أمام الواقع الذي حاول البعض أن يتهرّب منه، وهو تأجيل الإنتخابات المحلية، الأمر الذي لم يحصل.
فالتضارب في الآراء بين الكتل والنوّاب كان على أشدّه في الجلسة بعد فتح باب مناقشة إقتراحات مشاريع القوانين المعجّلة المكرّرة بخصوص الإنتخابات البلدية سواء بتأجيلها لأربعة أشهر لأسباب تقنية، أو إجراء الإنتخابات في مواعيدها مع إقرار صيغة اللائحة المقفلة إنْ في بلدية بيروت أو تعميم هذه الصيغة على البلديات الكبرى والمختلطة، لكنّ مداخلات أغلب النوّاب التي أخذت طابعاً طائفياً دفعت رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، بعد تعذّر التوصل إلى تفاهمات الحدّ الأدنى، إلى تحويل مناقشة القوانين المتعلقة بالإنتخابات البلدية إلى لجنة مختصّة.
هذا التحويل كان كافياً لأن يرثي الجميع مشاريع القوانين المقترحة، بعدما استيقنوا بخبراتهم وتجاربهم أنّ اللجان هي مقبرة المشاريع، ذلك أنّ أيّ مشروع قانون من هذا القبيل يحتاج إلى سنوات لإقراره، وإلى تفاهم وطني جامع لا يبدو متاحاً في المستقبل المنظور.
إستقرار مشهد جلسة مجلس النوّاب أمس على هذا النحو شكّل دافعاً للرئيس برّي إلى التأكيد أنه “لا تأجيل للإنتخابات”، تزامناً مع موقف رئيس الحكومة نواف سلام الذي اقترح، خلال الجلسة، “تأجيل النقاش في كلّ مشاريع القوانين المرتبطة بالإنتخابات البلدية لأنّها بحاجة إلى الكثير من النقاش”، وختاماً مع حسم رئيس الجمهورية جوزاف عون إجراء الإنتخابات المحلية في مواعيدها، بما فيها الإنتخابات في محافظتي الجنوب والنبطية، على أن تجرى في 24 أيّار المقبل وليس 25 منه، لمصادفته الذكرى السنوية لعيد التحرير.
وكما كان متوقعاً، فقد كان النقاش حول بلدية بيروت والمطالبة بإقرار عُرف المناصفة فيها بين المسلمين والمسيحيين سيّد الموقف، إذ انقسمت الآراء بين فريق (النواب السنة) طالب بربط التعديل وإقرار المناصفة باستعادة الصلاحيات المنوطة بمحافظ بيروت إلى المجلس البلدي مجتمعاً، وفريق آخر (النواب المسيحيون) إقترح حصر التعديل بالمناصفة فقط، ما شكّل إحراجاً للنواب، ووضعهم أمام مشكلة يمكن أن تهدّد المناصفة ما لم يتلازم إقرارها مع استعادة الصلاحيات، بعدما هدّد غالبية النواب من السنّة، خصوصاً بيروت، بالإنسحاب من الجلسة إحتجاجاً على أسموه “الإنتقائية” في التعديل، بعدما اعتبروا أنّ القانون المقترح بشأن إنتخابات بلدية بيروت مجحف بحقّ الأهالي والعائلات ومن حقّهم الإعتراض عليه، لأن الموضوع لا يعالج بهذه الطريقة وبالتالي لا يمكن أن يمرّ.
خلاصة مشهد أمس إستقرت على أنّ الإنتخابات البلديّة والإختيارية ستجري في مواعيدها، وهي سترسم بلا شك في ضوء التطوّرات الكبيرة التي شهدها لبنان منذ آخر إنتخابات محلية قبل تسع سنوات مشهداً سياسياً غير مسبوق، وستنتج تداعيات ستترك آثارها المختلفة على مسرح الحياة السّياسية والعامّة لسنوات طويلة آتية.