اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
لا ينتهي الكلام عن أهل الجنوب وتحديدا أهالي المنطقة الحدودية التي لا يزال جزء منها إن لم يكن تحت الاحتلال هو اليوم تحت السيطرة النارية للعدو الإسرائيلي الذي يَعتدي على سكان المنطقة ويقتل أبناءها ويحاول منع عودة الحياة إليها، هذا عدا الدمار الكبير الذي ألحقته آلة الحرب الإسرائيلية بهذه المناطق، لكن رغم هذا المشهد الحافل بالمخاطر والقتل والدمار وعدم الاستقرار، ما زال أهالي المنطقة الحدودية يُصرّون على العودة إليها إن لم يكن للسكن الدائم فيها رغم صعوبة الوضع الأمني، وصعوبة الحياة فيها، على الأقل يقومون بالتردد إليها دائماً إما لتفقُّد أرزاقهم إن كانت موجودة أو لزراعة أراضيهم التي اعتادوا على العيش منها كمصدر رزق لهم.
في عيتا الشعب إحدى القرى الحدودية الملاصقة لفلسطين المحتلة يقول رئيس بلديتها أحمد سرور إن رغم صعوبة الوضع في البلدة أمنيا وحياتيا أصرّ أهلها أن يغامروا ويخاطروا بحياتهم بالتردد إليها دائما كتعبير عن تمسّكهم بأرضهم وصمودهم فيها، فكانت إحدى أشكال هذا الصمود المحافظة على الزراعة التي تُعتبر مهنة أساسية لسكان هذه البلدة التي باتت عامرة بأهلها بعد تحرير عام 2000 وبالتحديد زراعة التبغ المعتَمَد عليها بشكل أساسي في قرية يشتهر أهلها بزراعتها وحتى الآن فشل الاحتلال بثنيهم عنها، صحيح أن نسبة المزارعين تراجعت عن الأعوام السابقة باعتبار أن هذه الزراعة تحتاج الى متابعة من لحظة زراعتها حتى قِطافها وهذا ما يَستلزم السكن في القرية، إلا أن سكنهم في مناطق النزوح لم يمنعهم عن زراعتها رغم العوائق والصعوبات التي يواجهونها بزيارة القرية بشكل مستمر.
بدأت زراعة التبغ هذا العام بين شهريْ شباط وآذار وبسبب ظروف العدوان الإسرائيلي لم يستطع الأهالي التهيئة لها والتي تبدأ عادة خلال شهر ١١ باعتبار أن هذه الزراعة تتم على مراحل ما اضطرهم الى جلب 'الشتلة' من خارج البلدة وزراعتها في أرضهم يقول رئيس البلدية الذي عمل بدوره على تقديم بعض التسهيلات المقدور عليها من مساعدة البعض للوصول الى أرضهم والعمل على معالجة مشكلة المياه في البلدة باعتبار أن العدو دمّر البنى التحتية من مياه وكهرباء وإصلاحها يفوق قدرة البلدية التي قدّمت دراسة حول المياه والآبار الارتوازية والطاقة الشمسية والبُرَك الزراعية والكهرباء لمجلس الجنوب خلال زيارة طُرحت فيها كل هذه المشاكل.
أما في الخيام، قال رئيس بلديتها الحالي المهندس عباس السيد علي أن البلدية السابقة هيَ مَن بدأت العمل مع المزارعين بتأمين المياه والكهرباء لكي ينطلقوا بالمشروع الزراعي لهذا الموسم، وعندما انتُخبت البلدية الجديدة التي هو يرأسها استكملت المشروع وتعاونت مع الجمعيات الداعمة لهذا القطاع من أجل تأمين الأدوات الأساسية التي يحتاجها المزارعين لتسهيل عملهم، ففي الخيام حوالى سبعين مزارعا يزاولون عملهم في أرضهم ويبيعون منتوجاتهم.
رئيس البلدية قال إن بلديته تُعِد خطة لعام 2026 وسيكون أحد أولوياتها الملف الزراعي كجزء من الدورة الإقتصادية.
وهنا يجب ذكر أن مؤسسة جهاد البناء والريجي قامتا بزرع مجموعة من مشاتل التبغ في بعض القرى الجنوبية كعيترون وغيرها من أجل مساعدة المزارعين وإعادة الدورة الإقتصادية في تلك المنطقة.
اللافت أنه خلال البحث عن واقع الجنوب وتحديدا قرى الحافة الأمامية هناك غياب تام للدولة فحتى مسح الأضرار الزراعية قامت به 'جهاد البناء' أي الجهة نفسها التي قامت بمسح الأضرار التي تتعلّق بترميم البيوت وإعادة إعمار ما هدّمه العدو الإسرائيلي، بحيث يقول مسؤول جهاد البناء بمنطقة جنوب النهر 'سليم مراد' إنه تم مسح الأضرار الزراعية التي تشمل الإنتاج الزراعي والحيواني من خلال كشف فِرق مختصة على الأرض، وحتى اللحظة قطعت شوطا كبيرا وما يُعيقها عدم القدرة على الوصول الى بعض الأراضي في قرى الحافة الأمامية، فهناك جزء من عيترون ومن عيتا الشعب ومن كفركلا ومن ميس الجبل لا يمكن الوصول إليه بالوقت الحالي بسبب الاحتلال الإسرائيلي فيمكن الاستعاضة عن الكشف الميداني بالإعتماد على المعلومات المعروفة عن هذه الأراضي من أصحابها، لذا يحتاج الملف الى بعض الوقت لإنهائه والتدقيق فيه لتقديمه من أجل البدء بالسعي لتأمين التمويل، هذا ويؤكد 'مراد' أن 'جهاد البناء' هي الجهة الوحيدة التي قامت بهذا العمل وستستمر فيه ليصبح بين يديها ملف متكامل حول منطقة جنوب النهر.