اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٢٦ تموز ٢٠٢٥
كتبت غادة حلاوي في 'المدن':
ينتظر لبنان زيارة الموفد الأميركي توم باراك إلى إسرائيل، ليحمل جواباً حول المقترحات التي تسلّمها من الجانب اللبناني. ولا توجد توقعات إيجابية. فالمعلومات الأولية تشير إلى أن إسرائيل لن تقبل بما عُرض عليها، أي بنود الورقة التي سلّمها رئيس الجمهورية إلى الموفد الأميركي، والمستقاة من روحية اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تتضمّن أساساً طلب ضمانات أميركية لأي اتفاق مع لبنان. وقد أضاف إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري اقتراحاً بوقف الاعتداءات لستة أشهر، تُفتح خلالها قناة حوار جدّي مع حزب الله حول سلاحه.
تسود الجواب المنتظر إشكاليتان: ماذا لو وافقت إسرائيل على فترة الستة أشهر؟ وهل سيكون حزب الله جاهزاً لفتح حوار جدّي أو اتخاذ خطوات فعلية تجاه هذا الأمر؟ وماذا لو رفضت إسرائيل، وبقي حزب الله مُصراً على أن تكون الخطوة الأولى من جانبها، مع ضمانات حيال تنفيذ أي اتفاق، مع رفضه المطلق لأي خطوة استباقية ما لم تتعهد إسرائيل بالانسحاب ووقف الاعتداءات على لبنان؟
دولة بين رفضين
وفي ظل الرفض الأميركي للضغط على إسرائيل أو أن تكون جهة ضامنة لأي اتفاق، ورفض حزب الله تقديم أي خطوات تتعلّق بسحب السلاح أمام المجتمع الدولي، تجد الدولة اللبنانية نفسها أسيرة هذا الواقع.
خلال اجتماعه برئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، طلب الرئيس عون من حزب الله تسليم السلاح الثقيل الذي لا تحتاجه المقاومة في عملياتها. وقد طلب رعد مهلة للرد، ولغاية اليوم لم يتسلّم الرئيس جواباً على هذا المقترح، علماً أن الحوار مع الحزب لم يتوقف، لكنه يسير ببطء ولا يرقى إلى مستوى الضغوط المفروضة على لبنان. وبينما المطلوب حوار مباشر مع أصحاب القرار الفعليين في الحزب، فإن حواراً كهذا لا يبدو ممكناً حالياً، ربما لأسباب أمنية بحسب تبريرات الحزب.
ويربط حزب الله بحث ملف السلاح بالاستراتيجية الدفاعية، في حين ترغب الرئاسة الأولى بحوار ثنائي ريثما يتم الاتفاق على الآلية التي سيُعلن عنها لاحقاً.
في هذا الوقت، تواصل إسرائيل عدوانها واستهدافها لمخازن أسلحة حزب الله أينما وُجدت، ما يطرح السؤال: لماذا لا يسلم الحزب سلاحه للجيش، طالما أن النتيجة واحدة، وهي تدمير هذا السلاح؟
من وجهة نظر رسمية، فإن الحوار حول السلاح قد بدأ مع حزب الله، ويتسم بالإيجابية وإن كان بطيئاً. لكن لبنان في سباق مع الوقت، بين الضغوط الدولية لسحب السلاح، والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة. ومع وجود بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية، تبقى التطورات مفتوحة على كل الاحتمالات.
يتعامل حزب الله بإيجابية مع رئيس الجمهورية ويُقدّر تفهّمه، لكنه لم يقدّم له ورقة تدعم موقفه أمام المجتمع الدولي. في المقابل، ترفض الولايات المتحدة أن تكون جهة ضامنة لإسرائيل لحثها على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أو لتشجيعها على اتخاذ خطوة تدعم موقف عون تجاه حزب الله.
رويّة عون والمعالجة
ومع ذلك، يُصرّ رئيس الجمهورية على معالجة الملف بهدوء وتروٍ، وبعيداً عن المزايدات. ويبدو كمن يقبض على الجمر في ظل الاستحقاقات الداهمة، والتي كان آخرها تطورات الوضع في سوريا وتأثيراتها المحتملة على لبنان. يثق الرئيس بالجيش ثقة عمياء، وهو مطمئن إلى الوضع الداخلي والتفاف اللبنانيين حول رئاسة الجمهورية. كما يسود تناغم تام بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصاً في ملف سلاح حزب الله، حيث يتولى بري نقل ما لا يقوله الرئيس مباشرة للحزب، وبطريقته الخاصة.
يوجد توافق كامل بين الرئيسين حول موضوع السلاح والمقاومة. ولم يسلم بري ورقة جديدة للموفد الأميركي، بل تحدث معه عن اتفاق وقف إطلاق النار القائم وضرورة تنفيذه، وهو ما ترفضه إسرائيل.
يحمل رئيس الجمهورية العديد من الملفات الشائكة، أبرزها موضوع السلاح، كمدخل لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان. وهو يرغب بتسريع الخطوات، لكن الأمر يتطلب وقتاً. لذلك، رفض بري الالتزام أمام باراك بمهلة زمنية، كما رفض اقتراحه القاضي بأن تعمل الدولة على سحب السلاح في مهلة أقصاها نهاية العام الجاري.
وتضمنت ورقة باراك ما هو أبعد من موضوع السلاح، حيث اقترح أن تتولى لجنة أمنية دبلوماسية لبنانية-إسرائيلية، من دون أي وسيط، مهمة التفاوض على تنفيذ أي اتفاق مستقبلي. كما شملت الورقة مهلًا زمنية تفصيلية لمراحل تنفيذ الاتفاق، وهي مراحل معقدة، في وقت لم يحصل فيه لبنان بعد على أي برنامج زمني من حزب الله بشأن السلاح، ولا حتى تصور يتعدى النقاش في إطار استراتيجية دفاع وطني.
التعهد الوحيد من الحزب هو أنه لا يريد حرباً، حتى وإن رفع من لهجته التهديدية، فخيار الحرب ليس مطروحاً لديه.
يتعرض لبنان لضغوط شديدة في ملف السلاح، وثمة من يدفع خلف الكواليس الولايات المتحدة إلى تشديد الخناق على حزب الله سياسياً وعسكرياً، لدفعه إلى تسليم سلاحه. ويعوّل حزب الله على حكمة عون في إدارة الحوار. لكن، ماذا عن احتمالية ترجمة هذه الضغوط بعدوان إسرائيلي كردّ على المماطلة في سحب السلاح؟ الجواب لدى الجهات المطلعة هو: كل شيء وارد.