اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
تُسابق حكومة الرئيس نواف سلام الزمن لإيجاد حل مؤقت لأزمة النفايات في مطمر الجديدة، بعدما أبلغت شركة «رامكو» في السابع من الشهر الجاري قرارها بالتوقف عن جمع النفايات في مناطق بيروت والمتن وكسروان، نتيجة بلوغ المطمر سعته الاستيعابية القصوى. وفي خطوة أولى، وجّهت الحكومة، عبر مجلس الإنماء والإعمار، طلبا إلى الشركة بضرورة استئناف استقبال النفايات وتخزينها بشكل مؤقت حتى مساء الخميس 9 الجاري، ريثما يتم البتّ في قرار توسيع المطمر خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة.
وفي انتظار انعقاد الجلسة الحكومية، تواصل الجهات المعنية البحث عن خيارات بديلة لتفادي أزمة بيئية وصحية محتملة، في حال تعذّر تنفيذ التوسعة في الوقت المحدد.
سوء التنسيق... يفاقم الأزمة
من هذا المنطلق يقول رئيس بلدية الجديدة أوغست باخوس، لـ «اللواء» إن «سوء التنسيق وسوء الإدراك لدى الحكومات المتعاقبة شكّلا عاملا أساسيا في تفاقم أزمة النفايات، إذ اعتبر الطمر الخيار الأنسب والأسهل، من دون الأخذ بعين الاعتبار تداعياته البيئية والصحية والاقتصادية على المدى البعيد. تجاهلت تلك الحكومات وجود حلول أكثر تطورا واستدامة، تعتمد على تقنيات حديثة في الفرز والمعالجة، يمكن للبلديات أو اتحادات البلديات تطبيقها بفعالية، ما يساهم في تقليص كميات النفايات التي تحتاج إلى طمر».
ويتابع: «فبدلا من طمر النفايات العضوية التي تشكّل النسبة الأكبر من إجمالي النفايات، يمكن معالجتها وتحويلها إلى سماد عضوي يستخدم في الزراعة، في حين يمكن استخراج الوقود من النفايات القابلة للاحتراق، مثل البلاستيك والكرتون وبعض المخلّفات الصناعية، ضمن ما يُعرف بتقنية RDF (الوقود المشتق من النفايات)، لكن غياب السياسات التحفيزية، حال دون تطوير هذه الحلول على نطاق واسع، ما أبقى البلاد عالقة في دوامة الاعتماد على المطامر كمصير وحيد للنفايات، بدل الاستثمار في دورة اقتصادية متكاملة تُحوّل النفايات من عبء إلى مورد».
رفض التوسعة دون ضمانات
وعلى صلة بما سبق، يعتبر باخوس أن «المشكلة الراهنة تتمثّل في ضيق الوقت وغياب البدائل الفعلية، إذ لم يتبقَّ اليوم سوى الخلية رقم 8 التابعة لبلدية البوشرية، ما يجعل خيار التوسعة شبه وحيد، وهو ما نرفضه بشكل قاطع ما لم يتم الاستجابة لمجموعة من المطالب الأساسية، كما ونُصرّ على أن أي توسعة يجب أن تكون مؤقتة ومشروطة، ولا سيما أن المطمر القائم تحوّل منذ عام 2016 إلى مشروع تهجيري لأبناء المنطقة، كلّفنا ثمنا صحيا واقتصاديا وسياحيا باهظا».
خطة لمعالجة مستدامة
ويضيف: «لذلك، نطالب بـاستثمار كامل سطح المطمر وتحويله إلى مساحة عامة مفيدة، توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والميثان على نفقة الدولة كجزء من التعويض البيئي، منح التراخيص اللازمة للبلديات لمعالجة نفاياتها محليا، وتحديد سقف واضح ونهائي لتوسعة المطمر، لا يمكن تجاوزه مستقبلا. في المقابل، نعمل على خطة مستدامة لمعالجة ما يصل إلى 300 طن من النفايات يوميا، تغطي حاجات المتن والمناطق الساحلية المجاورة، ما يسمح بالخروج من دوامة المطامر نحو حلّ بيئي متكامل».
تفعيل التبادل:
مبدأ للشراكة الوطنية
بالإضافة إلى ذلك، يرى باخوس أنه «منذ أن باشرت شركة «رامكو» مجددا جمع النفايات، بعد توقفها المؤقت، كنا قد طالبنا عبر مجلس الإنماء والإعمار بتفعيل مبدأ التبادل المتوازن بين المناطق، على أن يبدأ تنفيذ هذا التبادل فورا. فحين واجه مطمر كوستابرافا أزمة استيعابية في وقت سابق، قمنا باستقبال نفاياته لمدة أربعة أشهر، وذلك انطلاقا من مبدأ الشراكة الوطنية والتضامن بين المناطق. واليوم، بعدما واجهنا بدورنا أزمة مماثلة، من الطبيعي أن يتم التعامل معنا بالمنطق نفسه، وأن تتحمّل المناطق الأخرى جزءا من المسؤولية عبر استقبال جزء من نفاياتنا. على هذا الأساس، تم استخدام المطمر مؤقتا لاستيعاب نفايات المنطقة، ما ساهم في منع تكدّسها في الشوارع، وتجنّب أزمة بيئية وصحية كانت ستنعكس سلبا على سكان المنطقة وجوارها».
اختبار النوايا في الجلسة الحكومية
على صعيد آخر، يوضح باخوس أن «في الجلسة الحكومية المرتقبة، سيتّضح ما إذا كانت الحكومة فعلا جادة في اعتماد نهج جديد في التعامل مع ملف النفايات، من خلال إشراك فعلي للقطاع الخاص والبلديات في صياغة وتنفيذ الحلول المستدامة. فالقرار الذي سيصدر عن هذه الجلسة سيكون بمثابة مؤشر حاسم لمسار المرحلة المقبلة، ودليل واضح على توجّه الحكومة، سواء نحو الإصلاح والتعاون، أو الاستمرار في النهج التقليدي القائم على الحلول المؤقتة».
وفي خلاصة الأمر، يختم: «إن ملف النفايات يشكّل قضية مصيرية بالنسبة لقضاء المتن، لما له من انعكاسات مباشرة على صحة الناس، البيئة، والاقتصاد، كما أن تداعياته تطال البلد بأكمله. من هنا، نضع كامل ثقتنا واتكالنا على الحكومة لاتخاذ القرار الصائب، وفتح الباب أمام رؤية متكاملة تعطي البلديات دورها الطبيعي في إدارة هذا الملف، وفق معايير علمية وبيئية مستدامة».