اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
في ظل التحدّيات الاقتصادية واللوجستية التي يشهدها لبنان، يبرز مرفأ صيدا كمرفق واعد يُعيد رسم دوره في الخارطة البحرية والتجارية الوطنية. وضمن رؤية طموحة يقودها رئيس مصلحة الاستثمار في المرفأ، المهندس عماد الحاج شحادة، يشهد المرفأ سلسلة من الإنجازات النوعية خلال فترة قياسية لم تتجاوز الستة أشهر، تضمنت استقدام شحنات جديدة من المواد الأساسية، وتطوير البنى التحتية، والانطلاق بمشاريع مستقبلية تضعه على سكة التنافسية الإقليمية والدولية.
موقع استراتيجي ودور تكاملي
يؤكد شحادة أن مدينة صيدا، بعراقتها وموقعها المطلّ على البحر الأبيض المتوسط، لطالما لعبت دورا اقتصاديا حيويا، مشيرا إلى أن مرفأها يتمتع بموقع استراتيجي يتيح له لعب دورا تكامليا مع المرافئ الكبرى الأخرى في لبنان كطرابلس وبيروت، لا سيما في خدمة المناطق الممتدة من بيروت إلى الناقورة والحدود السورية.
وأضاف أن شبكة الطرق المتصلة بالمرفأ تمنحه إمكانية واسعة لتسهيل حركة البضائع، سواء نحو الجنوب اللبناني (النبطية، مرجعيون، البقاع الغربي، جزين، الشوف) أو عبر المعابر الحدودية السورية، ما يعزز من إمكاناته في مجال الترانزيت والتبادل التجاري، خصوصا مع الحديث المتزايد عن إعادة إعمار بعض المناطق الإقليمية.
تطوّر في نوعية الشحنات
وشدّد شحادة على أن جهود الإدارة منذ انتقالها إلى المبنى الجديد ركّزت على رفع كفاءة التشغيل وزيادة الإيرادات عبر تحصيل الرسوم بالدولار الأميركي، وتشجيع إدخال بواخر محمّلة بمواد غير الخردة مثل الحديد، الزجاج، والخشب، وهي مواد أساسية في عمليات البناء والإعمار.
وأشار إلى أن أرصفة المرفأ الجديد قادرة حاليا على استقبال ثلاث بواخر في آن واحد، فيما تنتظر خمس بواخر إضافية في الخارج، في مشهد لم يكن مألوفاً سابقاً، حيث كانت الحركة تقتصر على باخرتين للخردة. وتم العمل أيضاً على تنظيف حوض المرفأ للمرة الأولى منذ تشييده، ما يتيح دخول بواخر ذات حمولات أكبر.
وجهات دولية وشراكات لوجستية
وأوضح شحادة أن السفن التي ترسو في مرفأ صيدا تأتي من دول مثل ليبيا، مصر، تركيا، سوريا، وأحياناً أوروبا والبرازيل، ما يعكس تنوّع الشراكات التجارية. ولفت إلى أن خطة التطوير المستقبلية تتضمن توسيع الأرصفة لرفع القدرة الاستيعابية إلى عشر بواخر، بالتوازي مع إنشاء مستودعات حديثة لزيادة قدرة التخزين وتحفيز حركة التصدير والاستيراد.
مشاريع بنى تحتية بتمويل ذاتي
من أبرز إنجازات المرحلة الحالية، بحسب شحادة، إنجاز المرحلة الثالثة من المشروع بتمويل ذاتي من إيرادات المرفأ، وقد رست مناقصتها على شركة دنش للمقاولات. وتشمل هذه المرحلة تنفيذ طرقات، مداخل، أرصفة مشاة، غرفة تحكم مركزية، وتصوينة أمنية كاملة تغلق حرمه البالغ 180 ألف متر مربع بسور بطول 1300 متر، مع بوابة رئيسية للدخول وخدمات أمنية متكاملة، على أن تُنجز خلال ستة أشهر.
بنية تحتية مستقبلية: هنغارات، منطقة حرّة، ومعارض
وفي إطار تعزيز القدرات اللوجستية، كشف شحادة عن مشاريع مستقبلية تشمل إنشاء هنغارات للتخزين والترانزيت، محطة حاويات، منطقة حرّة، مساحات مخصصة للمعارض، واستيراد مواد نفطية، مشيراً إلى وجود أرض مساحتها 550 ألف متر مربع مستأجرة من بلدية صيدا، جُهّزت لها خرائط ودراسات، ويُعوّل على التعاون مع البلدية الجديدة لإطلاقها.
مهرجانات على رصيف المرفأ القديم
انطلاقاً من الرؤية السياحية للمنطقة، أعلن شحادة عن تحويل رصيف المرفأ القديم إلى مساحة للمهرجانات، في موقع مميّز محاط بجزيرة الزيرة وقلعة صيدا البحرية والمرفأين القديمين للصيادين والمدينة القديمة. وأوضح أن هذا المشروع بدأ التحضير له سابقا مع وزير الأشغال السابق علي حمية، ويُنتظر أن يُنظم أول مهرجان مطلع شهر آب القادم بمبادرة من لجنة مهرجانات صيدا برئاسة نادين كاعين، وبسعة استيعابية تصل إلى 2000 شخص.
صعوبات التنفيذ والمضي في الجدول الزمني
من جهته، أكد مهندس المساحة في شركة دنش للمقاولات، علي الحاج، أن العمل يسير بحسب البرنامج المقرر رغم بعض العقبات، أبرزها الحركة الكثيفة للشاحنات وتراكم النفايات في أرض المشروع، مما يتطلب أعمال حفر لإعادة تأهيل الأرض للتزفيت. وأعرب عن ثقته في تسليم المشروع في موعده المحدد وبجودة عالية.
دعوة لتشكيل مجلس إدارة مستقل
وفي الختام، شدّد شحادة على أهمية التعاون القائم مع فاعليات المدينة والبلدية، لكنه أشار إلى ضرورة انتخاب مجلس إدارة خاص للمرفأ بدلاً من الاعتماد على الإدارة المركزية للوزارة، بهدف تسريع اتخاذ القرارات وتفعيل آليات العمل الإداري والاستثماري لصالح مرفق حيوي يمثل بوابة الجنوب البحرية.