زيارة الغباش إلى لبنان تمهيد لشراكة إستراتيجية متجددة بين بيروت وأبوظبي

رأى مصدر سياسي رفيع لـ «الأنباء» أن «زيارة رئيس المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة صقر الغباش إلى لبنان اكتسبت أهمية استثنائية، نظرا إلى توقيتها عشية الزيارة المنتظرة لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى أبوظبي».

وأكد المصدر أن «هذه الزيارة تعكس عمق الالتزام الإماراتي بمساندة لبنان في مرحلة إعادة بناء مؤسساته وتعزيز استقراره الداخلي، وأن الرسائل التي حملها الغباش أظهرت وضوحا في الموقف الإماراتي لجهة دعم العهد الرئاسي الجديد والتطلع إلى تعزيز العلاقات الثنائية».

وأوضح المصدر أن «المواقف التي أطلقها الغباش، ولاسيما نقله تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الرئيس اللبناني جوزف عون، تشكل مؤشرا قويا على الثقة المتجددة التي تمنحها أبوظبي للبنان قيادة وشعبا، وتؤكد حرصها على متابعة ما يتحقق من خطوات إصلاحية في الداخل اللبناني. وأن الإشادة الإماراتية بما أنجز خلال الفترة القصيرة الماضية اعتبرت بمثابة تثمين للجهود الحكومية في ظل التحديات الكبرى، وهذا ما يعكس ارتياحا خليجيا وعربيا متزايدا تجاه المسار اللبناني الجديد».

وأشار المصدر إلى أن «الجانب اللبناني بدوره أبدى حرصا على إعادة ترميم العلاقات مع الإمارات، مستفيدا من المناخ الإيجابي السائد، حيث برز توجه واضح لدى القيادة اللبنانية إلى تجاوز ما علق في الأعوام الماضية من شوائب والتركيز على بناء مستقبل مشترك يقوم على الثقة والدعم المتبادل. وأن الرئيس عون، بحسب ما نقل، يعول كثيرا على عودة الانفتاح العربي إلى لبنان، ويرى أن المساعدات المنتظرة من الدول العربية، وفي طليعتها الإمارات، ستكون ركيزة أساسية في عملية الإعمار وإعادة النهوض بالاقتصاد الوطني».

وأكد المصدر أن «رئيس الجمهورية يعتبر أن استعادة الثقة الإقليمية والدولية بلبنان تمر عبر تحقيق خطوات ملموسة في ملفات الإصلاحات المالية والإدارية والقضائية، وهذا ما بدأت الحكومة بتجسيده عبر إقرار مشاريع قوانين أساسية مثل السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، فضلا عن التعيينات الأمنية والقضائية، في خطوة تستهدف ترسيخ الأمن وتعزيز مبدأ دولة القانون».

ووفق المصدر «فإن الجانب الإماراتي أعرب خلال الزيارة عن تقديره الكبير للكفاءات اللبنانية، سواء داخل لبنان أو في دول الاغتراب، حيث يشكل اللبنانيون في الإمارات نموذجا ناجحا في الإسهام ببناء الاقتصاد المحلي. كما شدد المسؤولون الإماراتيون، وفق ما نقل عنهم، على أهمية الاستقرار الأمني والاقتصادي في لبنان باعتباره قاعدة أساسية لأي مشروع إنمائي مستقبلي».

وفي سياق متصل، أشار المصدر إلى «أن الإمارات تتابع باهتمام ملف ضبط الحدود الشرقية للبنان والتطورات في العلاقات اللبنانية -السورية، معتبرة أن أي جهد لبسط السيادة اللبنانية وتعزيز قدرات الجيش والأجهزة الأمنية يصب في مصلحة استقرار لبنان والمنطقة. كما أن ملف الجنوب اللبناني وضرورة استكمال تنفيذ القرار 1701، خاصة ما يتعلق بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المتبقية، لا يزال بندا أساسيا في المقاربة اللبنانية - العربية المشتركة».

وشدد المصدر على «أن كل الملفات الداخلية الشائكة، سواء المرتبطة بسلاح حزب الله أو بالوضع المالي والاقتصادي أو بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، تعالج اليوم من قبل القيادة اللبنانية تحت سقف الحوار الوطني الشامل، وهي رسالة تلقفها الجانب الإماراتي بإيجابية».

وختم المصدر بالإشارة إلى «أن ما حمله الغباش إلى بيروت من مواقف وما ينتظر أن تحمله زيارة الرئيس عون إلى أبوظبي، يؤسسان لمرحلة جديدة من الشراكة والثقة والانفتاح بين البلدين، وأن لبنان مقبل على نقلة نوعية تتطلب الكثير من الدعم، والصبر، والحكمة، وهي عناصر يبدو أن القيادة الإماراتية مستعدة لتوفيرها، انطلاقا من محبتها التاريخية للبنان وشعبه»