اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢١ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
نشرت أمس صحيفة معاريف الإسرائيلية مقالة لافتة في توقيتها وأيضاً في مضمونها وملخصها يقول أن هناك اتفاق سلام بين إسرائيل ولبنان موجود وهو الاتفاق الذي وقع في ١٧ أيار ١٩٨٣ بعد مفاوضات عليه بين الحكومة اللبنانية وتل أبيب وبعد التصديق عليه من قبلهما..
المهم أن هذه المقالة التي تنقل وجهة نظر إسرائيلية تطالب بعودة بيروت وتل أبيب للسير باتفاق ١٧ أيار ١٩٨٣ القائم والذي تم إلغاؤه تحت ضغط إقليمي سوري إيراني كما تقول مقالة المعاريف؛ يتم نشره في اللحظة التي تتفاوض فيها أورتاغوس مع نتنياهو في القدس المحتلة وبراك مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية في باريس حول الخطوة التالية التي يجب اتخاذها بخصوص لبنان..
.. وعليه فإن هذه المقالة تبين بنسبة معينة كيف تفكر إسرائيل على مستوى المعنى الجديد من وجهة نظرها لوقف الحرب على لبنان وكيفية تنفيذ القرار ١٧٠١:
أولاً- تعكس المقالة فكرة موجودة في إسرائيل ومفادها أنه لن يكون هناك حاجة للتفاوض العميق ومن جديد على اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل؛ وسبب ذلك بحسب الخطاب الإسرائيلي هو أن اتفاق ١٧ أيار موجود ونال حينها موافقة البرلمان اللبناني بأغلبية ٦٥ صوتاً؛ وقد اضطر لبنان لتجميده ومن ثم لإلغائه تحت الضغط السوري حينها وأيضاً الإيراني.. وحالياً تقول مقالة معاريف التي تسرب المنطق الرسمي الإسرائيلي: حالياً تمت إزالة هذين العنصرين الإقليميين حيث سقط نظام الأسد وتم تحييد التأثير الإيراني على لبنان؛ ما يعني أنه لم يعد هناك من مانع للعودة لاتفاق أيار ١٩٨٣!!.
ثانياً- تقول مقالة معاريف أمراً ملفتاً ومستهجناً بنفس الوقت: 'بعد مراجعة بنود اتفاق أيار ١٩٨٣ يتبين أن إسرائيل لم تنتهكه حتى الآن!!؛ ويتبين أن مبادئ هذا الاتفاق لا تزال موجودة في القرار ١٧٠١ وبمهام قوات اليونيفيل وباتفاق ترسيم الحدود البحرية سنة ٢٠٢٢ ويجب أن يستكمل إدراج هذه المبادئ في الاتفاق على الحدود البرية!!.
بين السطور تكشف مقالة معاريف عن أمر يجب التنبه له وهو أن إسرائيل تعتبر أن كل ما تم الاتفاق عليه مع لبنان من القرار ١٧٠١ حتى اتفاق ترسيم الحدود البحرية قبل ثلاثة أعوام كان تنفيذاً بالتتالي لأجزاء من مبادئ اتفاق أيار ١٩٨٣، والمطلوب الآن استكمال تنفيذ ما تبقى من مبادئ اتفاق أيار ١٩٨٣ على مستوى ترسيم الحدود البرية وعلى مستوى إنجاز لجان ارتباط مشتركة، الخ..
أغلب الظن أن براك وأورتاغوس سيسمعان من إسرائيل كلمة السر التالية: نحن لسنا بحاجة لاتفاق جديد مع لبنان لأن هذا الاتفاق موجود وهو اتفاق أيار ١٩٨٣؛ ولبنان أسقط هذا الاتفاق آنذاك لأسباب تتعلق بفقدانه سيطرته على سيادته وهو أمر لم يعد موجوداً اليوم؛ اما إسرائيل فهي لم تنتهك اتفاق أيار ١٩٨٣ بل راعت اعتباره مرجعية قانونية لها التزمت بتطبيق بنوده في خلال الاتفاقين الإثنين السابقين مع لبنان سنة ٢٠٠٦ (القرار ١٧٠١) وسنة ٢٠٢٢ (الاتفاق البحري)؛ وعليه كل المطلوب الآن هو استكمال تنفيذ اتفاق أيار ١٩٨٣.
ثالثاً: انطلاقاً من هذه السردية عن رؤية إسرائيل للحل المطلوب مع لبنان ترسم مقالة معاريف رؤية تل أبيب للحل مع لبنان على النحو التالي (الاقتباس حرفي): 'حان الوقت لتجديد الاتفاق [اتفاق أيار ١٩٨٣]، ليس بصيغته في سنة ١٩٨٣، بل بنسخة حديثة، من دون مجرد كلام معسول، بل مع ثمن فوري وواضح: آليات إنفاذ حقيقية.
أولاً، آلية 'سناب، آلية 'سناب باك': إن أي خرق جوهري، من نوع إدخال سلاح متطور إلى جنوب الليطاني، وإطلاق صواريخ، أو رفض نشر الجيش، سيؤدي إلى تعليق المساعدات وفرض عقوبات تلقائية. وعند الضرورة، سيستتبع ذلك أيضاً عملية من الجيش الإسرائيلي لا تُعتبر خرقاً.
ثانياً، نموذج 'الوحدة' الطاقوية-الأمنية: يخصَّص جزء من عائدات الغاز اللبنانية، بموجب القانون، لتمويل انتشار الجيش في الجنوب، كميزانية مرتبطة بالتنفيذ، فغاز لبنان لم يُعَد لتمويل الصواريخ الإيرانية، بل للبنان الحقيقي، ذاك الذي يحمي حدوده وسيادته، لا من إسرائيل، بل من حزب الله ومَن يشغّله.
'هاتان الآليتان تخلقان معادلة واضحة: أمن مضبوط وقابل للتنفيذ، وقائم على الوقائع، ليس تطبيعاً، أو 'سلاماً دافئاً' قد يأتي لاحقاً، بل هو واقع يعيد المسؤولية إلى الدولة اللبنانية، لا إلى ميليشيات. إسرائيل لن تقبل بأقل من هذا، ولبنان سيكون مضطراً إلى الاختيار بين السيادة وبين الوكيل'.
مقالة معاريف ليست مجرد وجهة نظر بل هي مقالة مسربة من قبل الجهات العليا الإسرائيلية بهدف تمهيد الأجواء أمام مناخ تفاوض حام ويمتاز بأن سقفه ليس انتظار أجوبة إسرائيل على أسئلة لبنان بل أن يقدم لبنان جوابه الآن وتحت ضغط المسدس الإسرائيلي الموضوع على طاولة كل الشرق الأوسط، عن سؤال إسرائيلي عمره من أيار ١٩٨٣!!.