اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
وجّه القادة السياسيّون الإسرائيليون أصابع الاتهام بعضهم إلى بعض، مشيرين إلى أنّ خصومهم مسؤولون عن تصاعد معاداة السامية والانتقادات الموجّهة لإسرائيل.
تفاعل الإسرائيليّون بصدمة ورعب أمس مع مقتل اثنَين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، وهو ما وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنّه «جريمة قتل معادية للسامية مروّعة».
وقع إطلاق النار بينما كان الموظفان يغادران فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية- الأميركية» في «متحف العاصمة اليهودي» مساء الأربعاء. وأعلنت الشرطة أنّها ألقت القبض على مشتبه فيه على صلة بعملية القتل، وقد صاح المتهم «حرِّروا، حرِّروا فلسطين» بعد اعتقاله.
ويُتوقع أن يَزيد هذا الهجوم من حدّة المخاوف المتزايدة لدى الإسرائيليِّين من أنّ العالم بات أكثر عدائية تجاههم أثناء إقامتهم وسفرهم إلى الخارج منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عام ونصف. وقد حدّدت وزارة الخارجية الإسرائيلية هوية الضحيّتَين، وهما: سارة لين ميلغريم، المسؤولة عن تنظيم المهمّات والزيارات إلى إسرائيل، ويارون ليشينسكي، الباحث في القسم السياسي. وكشف يحيئيل لايتر، السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، أنّهما كانا ثنائياً على وشك إعلان خطوبتهما.
وصف ديفيد شيف (31 عاماً)، صديق ليشينسكي في الجامعة، صديقه الراحل بأنّه «شاب موهوب للغاية، لكن الأهم من ذلك، كان شخصاً طيّب القلب. كان يُريد العمل في مجال الديبلوماسية. كان متحمّساً جداً للعمل في السفارة بواشنطن، وكان يُحبّ العاصمة الأميركية. الأمر صادم بكل معنى الكلمة».
أمّا وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، فقد وصف الهجوم بأنّه نتيجة «للتحريض السام المعادي للسامية ضدّ إسرائيل واليهود في جميع أنحاء العالم»، منذ اندلاع حرب إسرائيل ضدّ «حماس» في تشرين الأول 2023.
وأشار بأصابع الاتهام إلى منتقدي الحكومة الإسرائيلية في المنظمات الدولية والمسؤولين الحكوميِّين، «خصوصاً من أوروبا»، الذين وجّهوا لإسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية في غزة. وقد نفت إسرائيل هذه الاتهامات بشدّة.
أثار الهجوم موجةً من الاتهامات المتبادلة بين السياسيِّين الإسرائيليِّين، إذ سارع عدد منهم إلى تحميل خصومهم مسؤولية غير مباشرة عن المناخ المعادي لإسرائيل، معتبرين أنّه كان السبب وراء عملية إطلاق النار.
واعتبر بعضهم أنّ سياسات نتنياهو تُسهِم في تأجيج المشاعر المعادية لإسرائيل في الخارج، في حين ألقى آخرون باللوم على منتقدي اليسار.
وكانت «حماس» قد شنّت هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص واختطاف حوالي 250 آخرين نُقلوا إلى غزة كرهائن. ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 53,000 شخص في قطاع غزة في سياق سعي إسرائيل إلى تدمير «حماس» وتحرير الرهائن، وفقاً لما أعلنته السلطات الصحية المحلية، التي لا تُميِّز بين القتلى المدنيِّين والمقاتلين.
في البداية، حظِيَت الحملة الإسرائيلية ضدّ «حماس» وغزو غزة البري بدعم واسع. لكن مع استمرار الحرب وارتفاع أعداد القتلى بشكل حاد في غزة، اندلعت حملات تضامن واسعة مؤيّدة للفلسطينيِّين في أوروبا والولايات المتحدة، إلى جانب تصاعد الاستياء والغضب بين حلفاء إسرائيل.
وبات العديد من الإسرائيليِّين أكثر حذراً بشأن السفر إلى الخارج، خوفاً من أن تكون جنسيّتهم سبباً في تعرّضهم للخطر. وقد حذّرت السلطات الإسرائيلية أحياناً المواطنين من إظهار الرموز الإسرائيلية واليهودية، خشية أن يتحوّلوا إلى أهداف محتملة. واعتبر شيف أنّه «منذ 7 تشرين الأول وهذا الأمر في خلفية ذهني، إنّ أمني كيهودي وكإسرائيلي قد تضرّر».
من جانبه، ألقى يائير غولان، زعيم حزب «الديمقراطيِّين» اليساري، باللوم على حكومة نتنياهو اليمينية التي تعهّدت بالسيطرة على كامل قطاع غزة، قائلاً إنّها «تؤجّج معاداة السامية والكراهية لإسرائيل. النتيجة هي عزلة سياسية غير مسبوقة، وخطر يُهدّد كل يهودي في كل زاوية من زوايا العالم». أمّا إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف، فأشار إلى أنّ الساسة اليساريِّين الذين يعارضون الحرب، مثل غولان، شجّعوا الهجوم عبر تصريحاتهم المنتقدة للسياسات الإسرائيلية. واستشهد بتصريح أدلى به غولان هذا الأسبوع جاء فيه، أن القوات الإسرائيلية «تقتل الأطفال كهواية» في غزة.
وكتب بن غفير على وسائل التواصل الاجتماعي: «دماء الضحايا على أيديهم». لطالما كانت البعثات الديبلوماسية الإسرائيلية في الخارج هدفاً لهجمات من جماعات تعارض وجود الدولة اليهودية. ففي عام 1982، أطلق مسلحون فلسطينيّون النار على السفير الإسرائيلي في بريطانيا.
في عام 1992، وقع تفجير في السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس بالأرجنتين، أسفر عن مقتل 29 شخصاً، معظمهم من المدنيِّين الأرجنتينيِّين. وفي العام الماضي، قضت محكمة أرجنتينية بأنّ جماعة «حزب الله» اللبنانية المسلحة هي مَن نفّذت ذلك الهجوم.
الشهر الماضي، اتهمت الشرطة البريطانية بالإرهاب رجلاً حاول اقتحام السفارة الإسرائيلية في لندن حاملاً سكّينَين. ولم تقع إصابات. ووفقاً للمسؤولين الأمنيِّين البريطانيِّين، سعى المشتبه فيه إلى «إرسال رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية لوقف الحرب» في غزة.