اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
منذ أسابيع، تعيش بلدة كفرحونة الجنوبية على وقع تجاذبات سياسية حادة، عنوانها الظاهر كسر عرف تاريخي كان يقضي بأن تبقى رئاسة البلدية بيد أحد أبناء الطائفة المسيحية، لكن خلف هذا العنوان تتشابك خيوط محلية واغترابية وطائفية تضع البلدة على خط مواجهة غير تقليدية، تُختصر بمحاولة الثنائي الشيعي فرض شراكة بلدية جديدة من خارج السياق المتعارف عليه.
بداية المعركة تعود إلى اتفاق بين ممول شيعي من أبناء البلدة، اسمه ابراهيم عجروش يقيم في الولايات المتحدة، وبين أحد أفراد عائلة الهندي وهي عائلة كاثوليكية معروفة في كفرحونة لتقاسم رئاسة البلدية عبر آلية مداورة مدتها ثلاث سنوات لكل طرف. هذه الخطوة أثارت غضب المسيحيين في البلدة الذين رأوا فيها اعتداءً على عرف متوارث وشكلاً من أشكال الهيمنة السياسية.
المشهد تصاعد خلال الأيام الماضية مع تدخل مباشر من مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك في صيدا وجزين، وحزب القوات اللبنانية، اضافةً الى المرشّح السابق للانتخابات النيابية العقيد المتقاعد عصام الحداد، الذين مارسوا ضغوطًا قوية على المرشحين المسيحيين المنضوين ضمن لائحة الثنائي الشيعي. وقد أثمرت هذه الضغوط عن انسحاب أربعة مرشحين حتى مساء أمس الخميس، ما قلّص عدد المرشحين المسيحيين المتبقين على هذه اللائحة إلى ثلاثة فقط، هم: جيمس الهندي، موريس سمعان، وجورج عزو عبد النور.
الثلاثة المذكورون أبدوا حتى الآن تمسكاً بترشيحاتهم، رافضين الانسحاب، رغم تصاعد وتيرة الاتصالات والضغوط عليهم في الساعات الأخيرة، والتي تقودها المرجعيات الدينية والسياسية بهدف دفعهم إلى العزوف. وفي حال استجابتهم لهذا الضغط، فإن انسحابهم سيفرغ لائحة الثنائي الشيعي من الغطاء المسيحي ويُسقط عنها مبدأ المناصفة.
السيناريو المتوقع، بحسب مصادر 'نداء الوطن' في حال نجحت الاتصالات، هو أن يتم تقديم لائحة جديدة توافقية تُرفع إلى الرئيس نبيه برّي لضمان تغطيتها السياسية. هذه اللائحة من المفترض أن تراعي قاعدة التوازن الطائفي 7 شيعة و7 مسيحيين، مع تثبيت رئاسة البلدية بيد أحد أبناء الطائفة الكاثوليكية، بما يرضي المكونات العائلية والدينية في البلدة.
وعليه، فإن كفرحونة تبدو في الشوط الأخير من معركتها البلدية المعقدة. فإما أن يصمد الثلاثة في وجه الضغوط ويُفتح باب المواجهة حتى الانتخابات، أو يتم استيعاب الأزمة عبر تسوية تحفظ المناصفة وتُعيد ترتيب المشهد البلدي بما يضمن الحد الأدنى من التوافق.
وفي ساعات الصباح الأولى، برزت معضلة جديدة تمثّلت برفض القائمقام تسجيل انسحابات المرشحين، مشترطاً أن يتجاوز عدد المنسحبين الـ15 مرشحاً كحد أدنى، حتى يُصار إلى شطب اللائحة رسمياً من السباق البلدي في كفرحونة. هذا التطور أضاف تعقيداً إدارياً إلى المشهد السياسي القائم، وجعل من انسحاب الأسماء الثلاثة المتبقية مشروطاً بعملية أوسع تشمل غالبية المرشحين لضمان إسقاط اللائحة كاملة من الناحية القانونية.
مصادر ادارية معنية بالمحافظة جزمت عبر 'نداء الوطن' أن 'مهلة الانسحابات من السباق الانتخابي انتهت يوم الأحد الماضي، والانسحابات بعد الثلثاء مشروط'.
وقالت المصادر: 'تسجيل الانسحابات يجب ان يكون قبل اسبوع على الأقل'.
وذكرت المصادر بمضمون تعميم وزير الداخلية واليلديات أحمد الحجار المنشور في 10 أيار والدي ينص على التالي:
'يجوز قبول طلبات انسحاب المرشحين في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية من يوم الأربعاء الواقع في 21/05/20205 وحتى الساعة 24:00 من ليل الجمعة الواقع في 23/05/2025، إلا إذا أدى انسحاب عدد المرشحين إلى أن يصبح عدد الأعضاء في اللائحة أقل من عدد المقاعد، بحيث يجري إعلان فوز اللائحة بالتزكية، وإذا كان قد تم إعلان فوز اللائحة بالتزكية بسبب انسحاب عدد الأعضاء بحيث لم يعد عددهم يتوافق مع عدد المقاعد المتنافس عليها، فلا يُعلن فوزهم بالتزكية وتُعتبر كامل المراكز شاغرة وتُعاد العملية الانتخابية وفقاً لطرق الانتخابات الفرعية'.
في الحالتين، ما حصل في كفرحونة لن يمر مرور الكرام. فهو نموذج جديد على كيفية تداخل المال الاغترابي بالنفوذ المحلي، والدور الحاسم الذي لا تزال تلعبه المرجعيات الدينية والسياسية في رسم الخطوط الحمراء في مناطق التماس الطائفي والسياسي.