اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٧ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل. …
بقلم: ناصر شرارة
تدخل الاحتجاجات الداخلية الإسرائيلية ضد نهج نتنياهو في تعاطيه مع 'ملف المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس' مرحلة الذروة في خلال هذا اليوم الذي تجري فيه أنشطة شعبية وحزبية مختلفة في كل مدن وبلدات فلسطين المحتلة؛ على أن تختتم عند الساعة الثامنة من هذه الليلة بمسيرة حاشدة يأتي المشاركون فيها إلى تل أبيب من كل نواحي مناطق الكيان الصهيوني.
هناك عدة ملاحظات هامة لا بد من التوقف عندها في سياق قراءة أنشطة احتجاجات هذا اليوم الذي تطلق عليه وسائل إعلام عبرية بأنه يقترب من أن يكون 'يوم الإضراب الكبير' المطالب بعقد صفقة عاجلة تسفر عن إطلاق المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس:
أهم هذه الملاحظات هي أن الاحتجاجات الشعبية والحزبية الإسرائيلية لا تجري تحت شعار وقف الحرب على غزة، أو تحت شعار وقف إبادة غزة أو تجويع أطفال غزة، بل تجري تحديداً وحصراً تحت شعار ضرورة إطلاق الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس. وبشيء من التدقيق يمكن القول أن هذه الاحتجاجات تجري نتيجة تزايد الشعور عند نسبة عالية من الإسرائيليين بأن نتنياهو يكمل الحرب ويطيل أمد الحرب، مخاطراً بذلك بحياة الأسرى الإسرائيليين، فقط لأنه يريد إطالة عمر حياته السياسية.
والفكرة الرئيسة هنا هي أن ضمير الإسرائيليين لم يعد عن ضرورة وقف إبادة شعب غزة؛ بل هو لا يمانع – بحسب نتائج استطلاعات الرأي – باستكمال حرب إبادة غزة، ولكن بشرط أن يسبق ذلك إبرام صفقة مع حماس توقف الحرب فقط لحين ترتيب أمر إطلاق الأسرى الإسرائيليين وضمان حياتهم.
والملفت هنا أن نسبة عالية من الجمهور الإسرائيلي لا تزال مع استكمال الحرب في غزة؛ ولكن بمقابل ذلك ترتفع نسبة الإسرائيليين المطالبين بصفقة سريعة تطلق المحتجزين الإسرائيليين.
الملاحظة الثانية الهامة وهي استكمال للملاحظة الأولى الأهم، ويفيد مضمونها بأن هناك فصلاً كاملاً بين أهداف 'إضراب اليوم'، وبين هدف وقف الحرب الذي تطالب به معظم دول العالم.. وتجدر الإشارة على هذا الصعيد أن حركة الاحتجاجات الإسرائيلية يقودها ويحركها أهالي المحتجزين لدى حماس؛ ثم مع الوقت بدأت تنضم إليها شرائح اجتماعية لديها مطالب أخرى؛ أبرزها شريحة الرافضين لإعفاء الحريديم من التجنيد؛ وأيضاً قوى اجتماعية من المركز تسعى لإسقاط نتنياهو وحكومته اليمينية، الخ..
وأهمية حركة إضراب اليوم (أو ما يبدو أنها أقرب للإضراب) أنها تجمع بداخلها قوى اجتماعية إضافية غير المتعاطفين فقط مع عائلات الأسرى الإسرائيليين.. صحيح أن النقابات لم تشارك بعد بشكل فعلي في الحراك الاحتجاجي الإسرائيلي؛ ولكن هذه النقابات أغلب الظن ستراقب اليوم كيف ستكون حجم المشاركة الشعبية؛ وإذا وجدتها أنها حاسمة وتؤشر لتحولات سياسية عميقة؛ فإنها بلا شك ستلتحق بها؛ وحينها ستدخل حركة الاحتجاج مرحلة قدرتها على تنفيذ إضراب حقيقي ومفتوح قادر على شل الحياة العامة في إسرائيل؛ وحينها سيصبح نتنياهو أمام الأمر الواقع الصعب.
الملاحظة الثالثة وهي ملاحظة ذات دلالة خاصة، ومفادها أن المحتجين الإسرائيليين المطالبين بإطلاق المحتجزين، باتوا يفهمون لماذا نتنياهو يماطل بعقد صفقة لإطلاق أبنائهم، بينما هم لا يفهمون لماذا اختفى ترامب عن ساحة مساعدتهم لإنهاء ملف المحتجزين(؟؟)؛ ولماذا أوقف ضغطه على نتنياهو لإرغامه على عقد صفقة؟؟!.
والواقع أن صرخة 'لماذا اختفى ترامب' التي تطلقها حركة الاحتجاج الإسرائيلية، إنما تخفي أبعاداً سياسية، تشي بوجود قناعة أن ترامب في العمق لا يضغط على نتنياهو بل يغطي كل سياساته انطلاقا من ضرب إيران وصولاً لإبقاء الحرب مشتعلة في غزة وذلك حتى تهجير أهلها تحت عنوان استكمال مهمة القضاء على حماس..