اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١ نيسان ٢٠٢٥
ما يحصل في كل من فلسطين ولبنان بعد إنهيار إتفاق وقف إطلاق النار في غزة، من عودة للوضع إلى ما كان عليه من قبل، ولكن من طرف واحد هو الطرف الإسرائيلي الذي يسرح ويمرح، ويقصف ويقتل ويستبيح كل من غزة والضفة الغربية ولبنان وكذلك سوريا أيضاً، من دون أدنى رد من حماس أو من حزب الله أو المحور بشكل عام بإستثناء صواريخ ' لقيطة ' تُطلق من جنوب لبنان، هي صواريخ ذات أهداف ومدلولات سياسية أكثر منها عسكرية، وصواريخ ' حوثية ' يدفع ثمنها الشعب اليمني غالياً من دمائه وإقتصاده وإستقراره، يُطرح سؤال صريح ومباشر بشأن كلٍ من حماس وحزب الله وهو إذا باتوا عاجزين حتى عن الرد على الإعتداءات.
رهانات خاطئة
فعلى ماذا يراهنون إذن بعد كل الذي جرى، وما حدث يعتبر هزيمة مكتملة الأركان لا تنفع معها المكابرة والتجاهل، التي لا تخلِّف سوى المزيد من الخراب والدمار للبلاد والعباد؟
هل يراهنون مثلاً على تعب نتنياهو وتراجعه ربطاً بمتاعبه الداخلية التي هي نقطة صغيرة في محيط متاعبنا الداخلية نحن أيضاً والتي لا تلقى لديهم آذاناً صاغية ؟ أم يراهنون على أن تشرب ' عرَّابتهم ' إيران صاحبة مدينة ' الملاهي الصاروخية ' الحديثة حليب السباع وتتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم ومن مشروعها في المنطقة وبرنامجها النووي؟أم يراهنون على أن يستفيق ضمير العالم الغارق في غيبوبته الطويلة كما ضميرهم هم الذي يبدو بأنه لم يستفق بعد تجاه شعوبهم فكيف بالحري ضمير من لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب؟
ما حدث يعتبر هزيمة مكتملة الأركان لا تنفع معها المكابرة والتجاهل، التي لا تخلِّف سوى المزيد من الخراب والدمار للبلاد والعباد
أم يراهنون على تحرك ولو متأخر للعالمين العربي والإسلامي اللذين حاربهما وخوَّنهما هذا المحور، هذا التحرك الذي بات يُعتبَر ' نكتة ' بعد أن طال ' صيام ' هذين العالمين عن الإحساس ، نتيجة حال الشلل وعدم الإدراك التي يعانيها، أو ربما ' الإدراك ' بما يحمله هذا التدخل من ضرر على مصالح دوله الخاصة، ما يدفعه للإستسلام للأمر الواقع؟
على ماذا يراهنون وماذا هم فاعلون؟ يتمسكون بالسلطة ويدَّعون أنهم مقاومة، ومنذ متى كانت المقاومة سلطة هي التي لطالما كان يُنظر إليها على أنها في موقع المناوىء، لأن لكل منها وظيفتها وآلياتها التي لا تتلاءم مع الأخرى. المقاومة هي في معناها فعلٌ سري تعمل تحت الأرض وليست سلطة لها مكاتب وثكنات ومؤسسات معروفة ومعلومة للعدو القاصي والصديق الداني.
نحو سياسة واقعية
في السياسة والمواجهة الإنتحار ليس حلاً، الحل هو في مقاربة الأمور بواقعية تضمن في حال إستحالة تحقيق إنجازات سياسية أو ميدانية ، أقله تخفيف الخسائر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة عندما تتحول الحرب إلى مذابح متكررة يرتكبها العدو بحق الناس العزَّل، والواقعية لم تكن يوماً نقيصة حتى ولو ادَّت إلى ما لا تهواه أنفسنا، خاصة إذا ما كنا نعتبر أنفسنا مجاهدين إستشهاديين في سبيل القضية وهل هناك قضية بدون شعب، لذلك فالتراجع والإصطفاف وراء السلطات الوطنية – على علاَّتها – والتسليم لها لحفظ أرواح الناس لا يُعتبر هزيمة ، بل قد يكون فضيلة وحفظٌ لماء الوجه في ظروف كالتي نعيشها، وبديلاً عن الإستسلام المذل للعدو،
اية الله الخميني عندما قرر بعد ممانعة طويلة وقف الحرب مع العراق عام 1988، عندما وجد بأن الأفق بات مسدوداً أمام ما يصبو إليه ويتمناه، ووصف موقفه هذا بتجرع ' السم '
ولنا في التاريخ عبرة وبسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، فعندما ضاقت عليه الأمور وتعقدت ظروف نشر الدعوة عمد إلى الصلح مع الكفَّار وهو ما عُرف بصلح الحديبية رغم رفض الأكثرية من أتباعه يومها وإحساسهم بالمذلة، ونحن لا ندعوهم للصلح ولكن للتبصر بحقيقة الأمور ببعض العقلانية،
وفي التاريخ الحديث نذكِّرهم بقرار ' مرشدهم ' آية الله الخميني عندما قرر بعد ممانعة طويلة وقف الحرب مع العراق عام 1988، عندما وجد بأن الأفق بات مسدوداً أمام ما يصبو إليه ويتمناه، ووصف موقفه هذا بتجرع ' السم '، وهي سابقة تسمح لهم بتكرارها وتعطيهم شرعية التراجع أمام مريديهم، فلا يُحمِّل الله نفساً إلا وسعها،
فمتى يرتقون إلى مستوى الأحداث والأوضاع الإستثنائية، ليكونوا قادة إستثنائيين يتجرعون ' السم ' ويختارون الحلول السلمية، فداءً لأرضهم وشعوبهم التي تحمَّلت معهم ما تعجز عن حمله الجبال، وذلك حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا ؟