اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٢٧ أذار ٢٠٢٥
اصدر المنبر الوطني للإنقاذ بعد اجتماعه العادي، الذي جرى التداول فيه بمسائل تفاقم التهديدات الخطيرة، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة التي يتعرض لها لبنان، وتكرار خرق العدو المستمر واليومي لاتفاق وقف إطلاق النار. وقد حذر المجتمعون من تداعيات الهجمات الاسرائيلية ودعوا الى ضرورة تصدي الدولة اللبنانية بوسائلها كافة لدرء اطماع العدو وافشال مخططاته، وتضمن نقاش المنبر عدة أمور، وتم أصدار البيان الآتي:
«يعيش لبنان اليوم لحظات مفصلية تتعلّق برسم سياسته النقدية والمالية وتتمثّل بعزم الحكومة على تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وما يتفرع عن ذلك من خيارات مصيرية في ملفات مالية ونقدية واقتصادية كبرى، وهي قضايا أثقلت كاهل اللبنانيين وانماط ومستويات عيشهم، وكانت عنوانًا للانهيار الذي هدد جنى أعمار ثلاثة اجيال من شعب لبنان، ونتجت عن ممارسات متنوعة ومختلفة قامت بها اولا منظومة سياسية فاسدة، مارست هدر الاموال العامة والتربح من السلطة وإستباحة المرافق والاموال العامة، وتواطأت وساهمت بها ثانيا السلطات النقدية والمالية في مصرف لبنان من الحاكم، الى نوابه، الى المجلس المركزي وهيئاته الرقابية. ولم يكن لهذا الانهيار ان يتضخم ويطال كل المستويات في خزينة الدولة وماليتها العامة، وفي موجودات مصرف لبنان، ويبلغ الودائع المصرفية في القطاع المصرفي بكامله، لولا مشاركة وتواطؤ ادارات المصارف واعضاء مجالس ادارتها ومالكيها وحاملي اسهمها.
ففي الإنهيار اللبناني ثمة ازمة ناتجة عن تراكم طويل للمديونية المالية العامة، التي أدت الى تعاظم قيمة الدين العام وترافق ذلك مع عجز تراكمي في ميزان المدفوعات، لكن الازمة لاتختصر بذلك، بل ثمة ابعادٌ اخرى تتناول جرائم موصوفة حصلت متوازية مع الازمة، وادت الى تكبير الفجوة المالية، والى اعادة توزيع هائلة للثروة الوطنية، فتم افقار الأغلبية الكبرى من الشعب اللبناني، لصالح اثراء شريحة من النافذين في السلطات المالية والسياسية والقضائية والمصرفية، عبر جريمة التربح من الانهيار والاثراء من الازمة، وعبر عمليات مالية اجرامية كالافلاس الاحتيالي، والهندسات المالية، واعتماد دولار وهمي (لولار) وهو ما تم وصفه عالميا بـ ' بونزي سكيم'، والتربح عبر التداول من الداخل، وتحويل الودائع الى الخارج كاستثمارات مفتعلة ووهمية، او كسلع مهربة حظيت باموال دعم من احتياطي مصرف لبنان، وهي جرائم موصوفة في قانون النقد والتسليف ويعاقب عليها القانون اللبناني.
إزاء ذلك، وانطلاقًا من 'البرنامج' لا 'الشخص'، و من 'المعايير' لا 'الحسابات'، و من'الكفاءة' لا 'التوافق'، يؤكد المنبر على مجموعة ثوابت لا بد أن تُعتمد في اختيار رأس السلطة النقدية في لبنان، وهو المؤتمن على النقد الوطني الذي هو أساس الأمن الاجتماعي والاقتصادي وغيره.
انطلاقًا من تلك الثوابت، يشدّد المنبر أن الحاكم لا يجب أن يحكم 'بأمره'، بل بقوة القانون والحق والعدالة، مترفّعًا عن المصالح السياسية ومنظومتها الفاسدة، ولا يأتمر بأوامر اوليغارشيا المصارف وزبانيتها، ولا يقفز فوق المشكلة، ولا يصدر عفوا عن جرائم مالية مرتكبة، بل يتصدى لها انطلاقًا من مصلحة الوطن والدولة وماليتها، وفي الأهمية نفسها حقوق الناس اولا، التي هي أموال المودعين عبر إعادتها إليهم، وهو ما شدّد عليه الرئيس عون في خطاب قسمه، وأكّد عليه الرئيس سلام في كلمته قبيل تكليفه تشكيل الحكومة.
وإذ يحذّر المنبر من بعض التسريبات التي تترافق مع تعيين الحاكم، وتتضمن محاولة تحميل خسائر الانهيار والأموال المنهوبة للمودعين من خلال شطب ودائعهم، يؤكّد في الوقت نفسه على معالجة المشكلة من أساسها بما هي انهيار، رافقته جرائم مالية ارتكبت بحق الوطن والدولة وبحق المواطنين وأموالهم. هذه الجريمة التي ضاعفت الفجوة المالية وعمّقتها، لا يمكن أن تكون معالجتها مالية فقط، بل تشريعية وتطبيقية وسياسية وقضائية جزائية،
ولذلك لا بد ان يكون في اول مهام حاكم المصرف الجديد استكمال التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ورفع السرية المصرفية عنها بشكل كامل، كما الالتزام بتدقيق جنائي في حسابات المصارف ودفاترها وتسليفاتها منذ ٢٠١٥ ولغاية تاريخه.
وإذ يؤكد المنبر أن إصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته ورسملته لاتاحة ادخال مالكين ومساهمين جدد، لا يمكن أن تتم دون إعادة الودائع لأصحابها، وهو مدخل إجباري للإصلاح وإعادة ثقة الناس بالمصارف، وإذ يرفض المنبر بشكل قاطع ما يُروّج من استعمال أصول الدولة وتسييل الذهب لحل مشكلة الودائع، فإنه يدعو رئيسي الجمهورية والحكومة الى الإيفاء بعهودهما وعدم احباط الآمال والاحلام».