اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يتابع الرئيس الأميركي ترامب مفاوضات شرم الشيخ بشأن وقف الحرب في غزة.. والواقع أن هذه المفاوضات تشبه احتفالية ترامبية في الشرق الأوسط بأكثر مما تشبه الذهاب إلى سلام مستدام لغزة وللفلسطينيين وحتى لأزمات المنطقة الأخرى. قال ترامب أمس – وهو محق بذلك – أن حجم دول المنطقة المنخرطة في مفاوضات شرم الشيخ غير مسبوق ولم يحدث مثيلاً له في الشرق الأوسط؛ وأضاف أنه يفكر بالمجيء إلى مصر حتى يرمي على نجاح المنطقة في تلبية ندائه لحل أزمة حرب غزة عباءته الشخصية، فيستحق بذلك لقب بطل السلم ما يقوده لنيل جائزة نوبل.
.. ولكن حتى الآن لا تزال ما يمكن تسميته بمفاوضات المنطقة في شرم الشيخ لوقف حرب غزة عالقة عند جزئية أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين ستطلقهم إسرائيل؛ فالأخيرة لا تريد إطلاق سراح أسماء فلسطينية (كمروان البرغوثي وآخرين) لها رمزية كبيرة؛ أو يمهد إطلاقها للاقتناع بفكرة أنه لا تزال هناك إمكانية لإيجاد شخصيات فلسطينية يوجد إجماع فلسطيني على أهليتها لتقود الساحة الفلسطينية، وتنقلها من حالة من التشرذم الفصائلي إلى حالة التوحد الوطني وراء خيار نيل هدف إقامة الدولة الفلسطينية.
في الظاهر تبدو مسألة اختيار أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين يجب إطلاق سراحهم؛ بمثابة خلاف تقني؛ ولكن بالعمق هي حرب لا تقل أهمية عن الحرب الدائرة في الميدان. ويمكن إيضاح معناها من خلال وضع الإصبع على الحقائق التالية:
أولاً- تدور كل حياة نتنياهو السياسية حول هدف أساسي وهو سعيه لمنع قيام دولة فلسطينية. وبالتالي فهو يعتبر أن إطلاق البرغوثي يخدم فكرة قيام الدولة الفلسطينية ويمهد لها ولو بنسبة ١٠ بالمئة؛ ولذلك فهو يقاتل من أجل منع إطلاق سراح شخصيات مثل البرغوثي.
ثانياً- تضمين حماس لإسم البرغوثي على لائحة الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بإطلاق سراحهم، يعطيها ميزة هامة تحتاجها بإلحاح، وهي إعطاء نفسها هوية فلسطينية جامعة وليست فئوية؛ وطرح نفسها بوصفها لا تمثل الانقسام الفلسطيني (غزة مقابل الضفة)، بل تمثل في مفاوضاتها الإرادة الوطنية الجامعة لكل الشعب الفلسطيني، ولا تتفرد بتمثيل تلاوين واقعه السياسي.
ثالثاً- مجرد نجاح حماس بفرض إرادتها على جزئية من ستطلق إسرائيل من الأسرى الفلسطينيين، فهذا يعطيها تعويضاً عن التنازلات التي قدمتها في نواحي أخرى من المفاوضات، كموافقتها مثلاً على إطلاق الأسرى الإسرائيليين جميعاً دفعة واحدة.
لا شك أن حماس تبحث في مفاوضات شرم الشيخ عن ربح واحد واضح لا يستطيع فلسطينيان إثنان أن يتجادلا بشأنه؛ فيما إسرائيل – وبخاصة نتنياهو – تبحث عن نتيجة لمفاوضات شرم الشيخ لا يوجد فيها خسارة واحدة لها؛ بحيث لا يستطيع إسرائيليان إثنان أن يتجادلا بأهمية هذا الاتفاق لوقف النار بالنسبة لإسرائيل.
.. قصارى القول أن حرب مفاوضات شرم الشيخ هي آخر جولة قتال ولكن بالسياسة بين إسرائيل وحماس من جهة وبين نتنياهو والتمثيل الوطني الفلسطيني من جهة ثانية، وبين ترامب من جهة ثالثة ورزمة أهداف يسعى لها، وبمقدمتها البحث عن نصر دبلوماسي واضح فوق خارطة العالم، وأيضاً البحث عن مدخل واسع يقوده لحصد جائزة نوبل!!