اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل …
ناصر شرارة
الجميع في لبنان ينتظر جلسة الثلاثاء الحكومية بوصفها جلسة مفصلية سينقل البلد من مكان إلى مكان ومن حال إلى حال..
هذه الطريقة بالتفكير تسمى وفق منهجية علم النفس 'بالانطباعية'؛ أي أن الأمور يتم قياسها بالانطباع السطحي أو الأولي عنها؛ فيما يوجد بمقابل المقاربة الانطباعية مجموعة مقارنات بينها المقاربة العقلانية أو الموضوعية أو حتى السياسية!!.
وإذا اتبعنا المقاربة العقلانية لقراءة ما سيحدث يوم الثلاثاء فإنه يمكن توقع سيناريو أن يصل طرفا الخلاف حول سلاح الحزب إلى 'حل' يقبله الجميع (الداخل والخارج) وليس إلى 'تسوية' لم يعد لها مؤيدون لا في الداخل والخارج.
ما هو الحل الممكن وفق منهجية المقاربة العقلانية أو العاقلة؟؟.
أن يقسم الحل إلى قسمين الأول سياسي والثاني عملياتي. مثلاً أن يقر جميع مجلس الوزراء بما فيهم الشيعة مبدأ ضرورة البدء بتحديد جدول زمني لإنهاء ملف سلاح الحزب.. فيما يحال جانب تحديد الآلية إلى مجلس الدفاع الأعلى على اعتبار أن هذا الجزء من الحل هو لبناني ويجب أن يكون من الأسرار العليا للأمن الوطني؛ بمعنى أن سلاح المقاومة سيتعامل معه الجيش اللبناني على أنه جزء من قوته العسكرية التي يجب عليه عدم كشف أسرار كيف سيستوعبها ضمن ترسانته.
ليس مضموناً أن ينجح مجلس الوزراء المشكل من أحزاب ترتدي طاقية الاخفاء رغم أنها مرئية، في انتاج حل عقلاني لموضوع سلاح الحزب؛ وذلك بالنظر لكون طرفي الخلاف يميلان لإنتاج حل انطباعي وانفعالي وحتى صدامي.
أحد الدبلوماسيين في لبنان نقل عن مسؤول بريطاني قوله أن الأفضل هو إيجاد سردية غير معينة لحل ملف سلاح الحزب..
وعندما سئل المسؤول البريطاني عن ماهية هذه السردية أجاب: بالواقع إنني لم أجدها بعد!!.
حتى الآن لا يبدو أن أحداً في لبنان وجد السردية التي ينصح بها المسؤول البريطاني؛ علماً أنه تجدر الإشارة هنا إلى أن لندن هي أعرق دبلوماسية في العالم وأذكى طباخ سياسية على وجه المعمورة..
وبغياب المقاربة العقلانية يصبح متوقعاً أن يتم خلال جلسة يوم الثلاثاء تقديم مقاربة سياسية لملف السلاح.. وترجمة هذه المقاربة تعني التالي: اتفاق على الخلاف.. اتفاق على انتظار كيف سيرد العالم وبخاصة واشنطن وتل أبيب على عدم الاتفاق اللبناني على حل لملف سلاح الحزب..
والمشكلة التي تواجه ما يمكن تسميته بأزمة لبنان مع سلاح الحزب، تعود بحسب وجهة نظر فريق داخلي وخارجي كبير، لكون كل من حارة حريك وطهران لا تريدان الإعتراف بموازين القوى الجديدة التي تميل بالكامل لصالح محور ترامب – نتنياهو المتفقان على ممارسة أقصى التشدد بخصوص كيفية معالجة ملفي حماس وحزب الله.
أما من وجهة نظر طهران والحزب فإن المشكلة تعود لكون لبنان الرسمي 'مستسلم' لموزاين القوى السائدة الآن؛ بينما المطلوب اللعب على تفاصيلها وشراء الوقت الصعب بالمناورات وذلك بانتظار تبدل الحال وتغير الظروف والمعادلات.
وبين هذين المنطقين يوجد فارق كبير؛ وهو يتمثل تحديداً بأن كلاً منهما ينتمي لثقافة سياسية مختلفة تماماً عن الأخرى..
وبصورة إجمالية يمكن القول بشيء معقول من الثقة أن يوم الثلاثاء لن يكون آخر الكلام بموضوع سلاح الحزب ولكنه سيكون أول محاكاة سياسية لبنانية جدية تجري بين الدولة ممثلة بالحكومة وبين حزب الله حول مصير سلاحه.. فهل يحتمل الوضع اللبناني محاكاة سياسية جديدة تخص مواضيع حساسة؛ سيما وأن لبنان اعتاد منذ إبرام اتفاق القاهرة أواخر ستينات القرن الماضي، على إجراء مخارج سياسية لتهريب المشاكل الجدية منها..