اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
دمشق-سانا
بأسلوب قصصي بسيط، يحتفي كتيب 'نازك العابد' الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب بأول امرأة تُلقب بجنرال فخري في الجيش السوري عام 1920، سارداً للأطفال والناشئة حياتها وقصة كفاحها، كقامة نسائية تركت بصمة مضيئة في تاريخ سوريا النضالي.
الكتيب الذي يُعتبر واحداً من سلسلة 'أعلام ومبدعون' لـ إيمان النايف، يقع في 46 صفحة، ويهدف إلى تقديم هذه الشخصية كمادة شيّقة للجيل القادم، ويتوجه خاصةً لفتيات سوريا لتكون هذه السيدة وأمثالها نبراس نور يقتدينَ به.
– نازك العابد ونشأتها في حي الميدان الدمشقي
يأخذ الكتيب شكل الحكاية التي ترويها الأم لطفلها فارس، فتأخذه في رحلةٍ جذابة مع نازك العابد الأديبة والصحفية والناشطة الاجتماعية والسياسية، ليبدأ الطفل بالتعرف عليها منذ ولادتها عام 1887م في دمشق لأسرة سياسية عريقة تعود أصولها إلى مدينة معرّة النعمان في إدلب، سكنتْ حي الميدان العريق، ووالدُها مصطفى باشا العابد من أعيان دمشق، تولى محافظة الكرك وولاية الموصل أواخر الحكم العثماني، أما والدتها فريدة الجاد فمن النخبة المتنورة لنساء المجتمع الدمشقي.
العابد كانت واحدةٌ من روّاد النهضة الفكرية بالوطن العربي، ورمزٌ من رموز الحركة الوطنية، قاومت الانتداب الفرنسي بالكلمة والبندقية معاً، وقارعت الظلم والاستعمار، ولُقبت بالسيف الدمشقي وبـ جان دارك سوريا، وشاركت في معركة ميسلون إبان زحف الجيوش الفرنسية إلى بلادها جنباً إلى جنب مع يوسف العظمة، كما كانت تنظم المظاهرات للفتيات تنديداً بالاحتلال، وهو ما دفع سُلطاته لنفيها مرات عدة، دون أن يثنيها عن الاستمرار بالنضال، رغم أنها كانت خارج سوريا، لتعود بعدها وتشارك في ثورة عام 1925م.
الطموح كان أحد عناوين حياتها، فتعلمت العابد اللغتين العربية والتركية بدمشق، ومبادئ اللغتين الفرنسية والألمانية على أيدي مُدرّسين مختصّين، وحين نُفِيَتْ مع أسرتها إلى تركيا، تعلّمت التصوير الضوئي وفن الرسم والموسيقا والعزف على البيانو، واهتمّت بعلم التمريض والإسعاف، وكتبت بأسماء مستعارة ببعض الصحف، من خلالها راحت تتلمس لقضية بلادها آفاقاً واسعة، تنشر بها الحق في الحرية والاستقلال.
– ريادة في الصحافة النسائية السورية
ترك أثر إيجابي هو ما كانت ترنو إليه العابد دائماً وفق الكتيب، فأسّست عام 1919م جمعية نور الفيحاء للعناية بتعليم النساء وتثقيفهنّ، ثم أصدرت المجلة الأدبية الشهرية نور الفيحاء، وساهمت بتأسيس جمعية يقظة المرأة الشامية، التي قدمت فيها دورات تعليم اللغة الإنكليزية والخياطة للفتيات اليتيمات من ضحايا الحرب، ونظّمت ورشاتٍ مهنية لتعليمهنّ الصناعات اليدوية، تزامناً مع تأسيسها مدرسة بنات الشهداء ومكتبتها.
– نازك العابد والعمل التطوعي
لأن الوطن بوصلتها، عُينت العابد بحسب الكتيب رئيسة لجمعية النجمة الحمراء وهي فرعٌ للصليب الأحمر الدولي في سوريا، وتحولت بعدها إلى منظمة الهلال الأحمر، وتسلمت إدارة ملجأ اليتامى، كما وضعتْ حجرَ الأساس لمشفى يضمُّ مئةَ سرير، وأسهمتْ بإنشاء مصنع السجاد الذي كان يُخصِّصُ ريعَ المبيعات للأيتام، ما جعلها مناضلة حقيقة تستحق أن يخلد التاريخ اسمها بجدارة.
يُشار إلى أن الكاتبة والأديبة إيمان النايف من مواليد دمشق عام 1959، تحمل دبلوم دراسات عليا في علم الاجتماع، وعملتْ في مدارس دمشق، ولها عدة مقالات منشورة، كما قدّمتْ مُحاضراتٍ في شؤون التربية والمرأة، وأصدرَتْ كتابين'عاشقات الياسمين'، و'محطّات في حياة الفنّان محمد الحريري'.