اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
تجيب الوقائع والأرقام في مجال الاقتصاد والاستثمارات الحالية والمستقبلية على تكهنات السوريين بشأن مآل اقتصاد بلادهم، وتطلعاتهم إلى تعافيه، رغم التحديات الكثيرة والخسائر التي وصفت بأنها 'صادمة' والتي أورثها النظام البائد للحكومة الجديدة في مجمل القطاعات وانعكست على مختلف مناحي الحياة.
سوريا.. موارد غير مكتشفة
بهذا الصدد، كشف تقرير صادر في حزيران الماضي عن منصة 'الطاقة' المتخصصة، ومقرها في واشنطن، عن تقديرات أولية بوجود 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز 'غير مكتشفة' في سوريا، و الذي من شأنه وفق التقرير 'تغيير مسار الاقتصاد في البلاد وجعلها في عداد الدول المتصدرة عالمياً في مجال الغاز، يعززه بصورة كبرى اشتراك سوريا مع دول شرق المتوسط الأخرى في حوض ليفانت، الذي يضم احتياطياً ضخماً يقدَّر بنحو 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز'.
في السياق، يشير خبراء اقتصاديون إلى أن سوريا من الدول الغنية بالموارد الطبيعية من نفط وغاز وفوسفات، حيث نوه موقع 'أويل برايسز' المتخصص في الطاقة في تقرير نشره عام 2019 إلى أن احتياطي سوريا من النفط كان يبلغ نحو 2.5 مليار برميل، ما يمثل 0.2 بالمئة من إجمالي الاحتياطي العالمي، في حين بلغ الاحتياطي من الغاز الطبيعي، وفق الموقع، نحو 9 تريليونات قدم مكعبة، في نهاية عام 2010 ما شكل 0.1 بالمئة من إجمالي الاحتياطي العالمي وسط توقعات للهيئة الجيولوجية الأميركية بوجود احتياطات طبيعية أخرى لم يتم اكتشافها بعد.
القطاع الزراعي الواسع والشامل في سوريا، يقدم كذلك فرصاً كبيرة للاستثمار، فوفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة 'فاو' تعد سوريا واحدة من أهم الدول الزراعية في المنطقة مع أراضٍ شديدة الخصوبة ومناخ ملائم لزراعة معظم المحاصيل، والتي يتربع على رأسها القمح والزيتون والقطن.
على جهة موازية، تمتلك سوريا مقومات سياحية فريدة مع مواقع تاريخية وأثرية بالآلاف تحمل رائحة حضارات عديدة مثل الكنعانية، والفينيقية، والآرامية والرومانية وغيرها، إضافة إلى الموقع المتفرد عند ملتقى ثلاث قارات هي آسيا، أفريقيا، وأوروبا ما يجعلها نقطة وصل مهمة للتجارة والثقافة وبمنزلة حلقة وصل بين الشرق والغرب… كل هذه الأسباب وغيرها تجعل من سوريا وجهة جاذبة للاستثمار في أي من مجالات الطاقة والزراعة والسياحة والتجارة وغيرها من مجالات من شأنها تغيير مسار الاقتصاد في البلاد.
إجراءات حكومية داعمة
في إطار التحفيز على اندماج اقتصاد سوريا باقتصادات العالم، اتخذت الحكومة السورية إجراءات عدة داعمة من ضمنها سنّ التشريعات الجديدة وإطلاق المبادرات، حيث أقرت وزارة الاقتصاد والصناعة نظام الاستثمار الجديد في المدن الصناعية السورية، بهدف تعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار الصناعي، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، ونقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة الصناعية، كما أطلق المنتدى السوري وصندوق 'استثمر في سوريا' منتصف نيسان الماضي مشروع 'صندوق استثمر في سوريا' لجذب الاستثمارات، وإقامة مشاريع في العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية في كل المناطق السورية؛ للإسهام في عملية التنمية المستدامة.
خطوات الحكومة السورية في اتجاه تشجيع الاستثمار أكدها تصريح وزير الاقتصاد والصناعة 'محمد نضال الشعار'، قبل أيام، بأن 'بيئة الاستثمار في سوريا أصبحت مهيأة لاستقبال الاستثمارات المحلية والخارجية، بفضل نظام الاستثمار الجديد الذي يوازي في مرونته وتحديثه القوانين المعمول بها في الدول المتقدمة'.
أبرز الاستثمارات في سوريا الجديدة
الإجراءات الحكومية التشجيعية آتت أكلها بزمن وجيز، حيث استقطبت شركات ضخمة نحو العمل في سوريا كان منها الاتفاقية التي وقعت بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مع الشركة الفرنسية' CMA CGM ' في نهاية شهر أيار الماضي، لإدارة وتشغيل محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية لمدة 30 سنة، بضخ استثمارات أولية بقيمة 30 مليون يورو خلال السنة الأولى، مخصصة لتطوير البنية التحتية والفوقية وصيانة المعدات الحالية والأرصفة، بالإضافة إلى إدخال أنظمة تشغيل وتكنولوجيا حديثة تعتمدها الشركة في موانئ عالمية أخرى، كما ستضخ في السنوات الثلاث التالية استثمارات إضافية تصل إلى 200 مليون يورو.
وفي مجال الطاقة، وقعت سوريا في الشهر نفسه اتفاقية ومذكرة تفاهم مع تحالف شركات دولية، بقيمة 7 مليارات دولار، بما يتيح توليد 5 آلاف ميغاواط من الكهرباء عبر أربع محطات غازية، إضافة إلى إنشاء محطة طاقة شمسية بسعة 1000 ميغاواط.
الصناعة الإعلامية أيضاً كان لها حصتها، إذ وقعت سوريا نهاية حزيران الماضي مذكرة تفاهم بين وزارة الإعلام وشركة 'المها' الدولية، لإنشاء مدينة 'بوابة دمشق' للإنتاج الإعلامي والفني والسياحي في سوريا، حيث يتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 4 آلاف فرصة عمل مباشرة، و9 آلاف فرصة عمل موسمية في مجالات متعددة 'وفقاً لوزير الإعلام السوري حمزة المصطفى.
وبالعودة للمجال الاقتصادي وقّعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا وشركة موانئ دبي العالمية اتفاقية استراتيجية بقيمة استثمارية تبلغ 800 مليون دولار أمريكي، لاستثمار وتشغيل وتوسعة وإدارة ميناء طرطوس، وتطوير بنيته التشغيلية واللوجستية بما يتوافق مع المعايير الدولية.
المجال الصحي، كان حاضراً أيضاً، حيث وقع وزير الصحة السوري مصعب العلي في حزيران الماضي اتفاقية تعاون مشترك مع نظيره التركي كمال ميميش أوغلو، في إطار تعزيز التعاون الصحي بين البلدين، حيث شمل الاتفاق تأهيل مشافٍ سورية منها مشفى الأورام في حلب ومشفى دمر لجراحة القلب في دمشق.
ومع استمرار تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية إلى سوريا، جاء لقاء الرئيس أحمد الشرع، قبل أيام بوفد من رجال الأعمال السعوديين برئاسة محمد أبو نيان وسليمان المهيدب، ليكون بشرى جيدة في علاقة استثمارية سورية-سعودية مرتقبة، ولا سيما أن اللقاء حمل أبعاداً إيجابية حول تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وتوسيع آفاق الشراكة في مختلف المجالات، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات الثنائية.
وبالرغم من التحديات الموروثة، تتجه سوريا نحو التعافي الاقتصادي عبر مجموعة خطوات أهمها سنّ القوانين المشجعة على تحريك عجلة الاستثمار بعد النجاح في التخلص من العقوبات، إضافة إلى عقد اتفاقيات استثمارية مع كبرى المؤسسات العالمية، الأمر الذي يفسح المجال لآفاق استثمارية واعدة يتوقع أن تنعش الاقتصاد بما ينعكس على معيشة المواطنين في سوريا.