اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٩ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع الاتصالات في سوريا، برز الإنترنت الفضائي كحلّ تقني واعد لتجاوز ضعف البنية التحتية، وخاصة في المناطق التي تعاني من انقطاع متكرر أو غياب شبه كامل لخدمات الإنترنت الأرضي، ومع دخول أجهزة مثل 'ستارلينك' إلى السوق السورية، بدأ المواطن السوري يتساءل: هل يشكّل هذا الخيار قفزة نحو المستقبل أم عبئاً قانونياً واقتصادياً جديداً؟
واقع الإنترنت الأرضي: بطء وتكاليف متزايدة
يعتمد معظم السوريين على شبكة ADSL القديمة، التي تستخدم كوابل نحاسية عمرها أكثر من 20 عاماً، ما ينعكس على سرعة الاتصال وجودته، ورغم محاولات تطوير الخدمة عبر الفايبر إلا أن التغطية لا تزال محدودة جغرافياً، ولا تتجاوز بضعة آلاف من المشتركين، أما الإنترنت الخليوي عبر شبكات 3G و4G، فيعاني من ضعف التغطية وارتفاع الأسعار، حيث تصل تكلفة باقة 60 غيغابايت إلى أكثر من 80 ألف ليرة سورية.
الإنترنت الفضائي: سرعة عالية ولكن بسعر مرتفع
يوفر الإنترنت الفضائي سرعات تصل إلى 200 ميغابت في الثانية، مع إمكانية الاتصال في المناطق النائية دون الحاجة إلى بنية أرضية، إلا أن تكلفة الجهاز تتراوح بين 900 و1300 دولار، إضافة إلى اشتراك شهري يصل إلى 100 دولار، ما يجعله خيارًا بعيدًا عن متناول معظم الأسر السورية، كما أن تفعيل الخدمة يتطلب بطاقة ائتمان دولية، وهو أمر غير متاح في سوريا بسبب العقوبات المصرفية.
الإطار القانوني: تنظيم صارم ومهلة للتسليم
أعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد أنها تنظر في طلبات استخدام محطات الاتصال الفضائي من الجهات الحكومية والسفارات والمنظمات الدولية فقط، وفي الحالات الطارئة التي لا تتوفر فيها خدمة الإنترنت من المزودين المحليين، كما منحت الهيئة مهلة شهر لتسليم أي تجهيزات غير مرخصة، مؤكدة أن استخدامها دون ترخيص يُعد مخالفة قانونية تستوجب المساءلة.
صوت المواطن: بين الأمل والخوف
في استطلاع ميداني أجرته سانا، عبّر العديد من المواطنين عن رغبتهم في الحصول على إنترنت سريع ومستقر، وخاصة العاملين عن بعد والطلاب الجامعيين، يقول سامر، موظف في شركة خاصة: 'أحتاج إنترنت سريعاً للعمل، لكن لا أستطيع تحمل تكلفة ستارلينك، ولا أريد مشاكل قانونية'، بينما ترى هالة، طالبة جامعية أن 'الإنترنت الفضائي حلم، لكنه غير واقعي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية'.
بدائل قيد الدراسة
تعمل الهيئة على تنظيم خدمات WiFi خارجية، وتوسيع نطاق الفايبر، إضافة إلى دراسة إمكانية منح تراخيص مؤقتة لاستخدام الإنترنت الفضائي في الحالات الاستثنائية، كما أطلقت الحكومة مشروع 'سيلك لينك' لإنشاء شبكة ألياف ضوئية تربط سوريا رقمياً بالعالم، في خطوة تهدف إلى تحسين جودة الاتصال وخفض التكاليف على المدى الطويل.
هل يتحقق التوازن؟
بين الحاجة الملحّة لتحسين الاتصال، والضوابط القانونية التي تهدف إلى حماية الشبكة الوطنية، يبقى الإنترنت الفضائي خياراً محفوفاً بالتحديات، ومع استمرار النقاشات بين الجهات التنظيمية والمجتمع المدني، يأمل المواطن السوري أن يجد حلولاً واقعية تضمن له اتصالاً مستقراً دون أن يدفع ثمناً باهظاً أو يواجه مساءلة قانونية.