اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
لم يكن خطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مجرد كلمة عابرة في مناسبة سنوية، بل جاء كاشفًا لحالة مأزق يعيشها الرجل داخليًا وخارجيًا، وفق مراقبين سياسيين.
فبعدما كان يتبجح باستعراض القوة وفرض الرواية الإسرائيلية، بدا هذه المرة مرتبكًا، مهزوزًا، يحاول استعطاف العالم أكثر من إقناعه، وغير قادر على الإجابة عن الأسئلة الكبرى حول مصير الأسرى الإسرائيليين ومستقبل الحرب على غزة، في وقت تتسع فيه دائرة الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية وتتعزز عزلة حكومته.
وألقى نتنياهو خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة في قاعة شبه فارغة بعد انسحاب معظم الوفود، في موقف احتجاجي ضد نتنياهو وحرب الإبادة في قطاع غزة التي توشك على دخول عامها الثالث.
صورة مهزوزة
الخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات رأى أن خطاب نتنياهو 'خطاب كاذب، مخادع، مهزوز ومعزول'، وهي أربع صفات –كما يقول– باتت تعكس صورة نتنياهو أمام العالم.
وأوضح بشارات لصحيفة 'فلسطين'، أن مقارنة خطاب نتنياهو الأخير بخطاباته السابقة أمام المتحدة، مثل تلك التي ألقاها في سبتمبر/أيلول 2023 و2024، تكشف تحوّلًا كبيرًا في شخصيته وأسلوبه، فبينما كان يحاول سابقًا الظهور بمظهر القوي القادر على الإقناع وامتلاك الحجة، بدا هذه المرة مرتبكًا، مستجديًا للعالم، ومحاولًا استعطافه لتبرير سياساته التي باتت غير مقنعة للعالم.
وأشار إلى أن ملامح نتنياهو على المنصة عكست حالة من الإرباك وفقدان القدرة على إقناع المجتمع الدولي، وهو توصيف لم يأت فقط من المراقبين العرب، بل حتى من كتاب وخبراء في الإعلام الإسرائيلي الذين سعوا إلى 'تجميل صورته المهزوزة في الأمم المتحدة'.
وبين بشارات أن نتنياهو، في ظل غياب أي رؤية سياسية واضحة، حاول أن يطرح نقاطًا أساسية، أبرزها: محاولة استعطاف العالم لمنحه شرعية إضافية في حرب الإبادة ضد غزة، لكنه فشل في إنكار ما يجري أو في تقديم حجج مقنعة، وتجاهل تراجع الدعم الدولي؛ فالقادة الغربيون الذين توافدوا إلى (تل أبيب) بعد 7 أكتوبر حاملين معهم الدعم العسكري والسياسي، هم أنفسهم الذين ابتعدوا اليوم عن نتنياهو، باستثناء الولايات المتحدة. وهذا –بحسب بشارات– دليل على تآكل حجته وانفضاض العالم من حوله.
كما اعتبر الخبير أن الخطاب موجه على مستويين: المستوى الأول: خطاب لذاته، إذ يحاول نتنياهو إقناع نفسه بأنه حقق إنجازات، متجاهلًا أن جميع ما يعتبره نجاحات إنما يعود للدعم الأميركي المباشر، بدءًا من الفيتو المتكرر في مجلس الأمن، مرورًا بتزويده بالأسلحة والذخائر، وانتهاءً بالغطاء السياسي والعمليات العسكرية في إيران واليمن ولبنان، أما المستوى الثاني: خطاب لقاعدته الداخلية، وتحديدًا اليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث سعى لإرضائهم وإظهار نفسه حاميًا لمصالحهم، من دون أن يقدم أي جديد للمجتمع الدولي.
وخلص بشارات إلى أن خطاب نتنياهو لم يخرج عن دائرة الذات، وجاء انعكاسًا لحالة عزلة سياسية يعيشها الرجل داخليًا وخارجيًا، في ظل تراجع قدرته على إقناع العالم باستمرار الحرب على غزة.
خطاب مأزوم
من جانبه، المحلل السياسي إبراهيم الدراوي اعتبر أن خطاب نتنياهو جاء 'سيكوباتيًا، منفصلًا عن الواقع، ومهزومًا'، بخلاف خطاباته السابقة التي كان يحاول من خلالها استعراض القوة والهيمنة.
وأوضح الدراوي لـ'فلسطين'، أن نتنياهو بدا هذه المرة مأزومًا وفي حالة انكسار واضحة، مشيرًا إلى أن حتى رحلته إلى نيويورك استغرقت ساعات إضافية بسبب تجنبه المرور في بعض الدول خشية اعتقاله، وهو ما يعكس حجم المأزق الذي يعيشه.
وأضاف أن خطاب نتنياهو افتقد إلى أي مضمون يتعلق بمصير الأسرى الإسرائيليين أو سبل إنهاء الحرب، رغم أن الداخل الإسرائيلي –بما في ذلك زعيم المعارضة يائير لابيد– بات يطرح هذه التساؤلات بحدة.
وفي المقابل، اعتبر الدراوي أن المشهد في الأمم المتحدة حمل 'انتصارًا للقضية الفلسطينية والإنسانية'، حيث تجلى ذلك في اعتراف دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين، إضافة إلى انسحاب وفود ودبلوماسيين من قاعة الجمعية العامة أثناء إلقاء نتنياهو كلمته.
كما أشار إلى أن نتنياهو استعمل مصطلح 'يهودا والسامرة' بدلًا من 'الضفة الغربية'، معتبراً ذلك امتدادًا لخطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يتبنّاه وزراء حكومته مثل بتسائل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وحتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إطار تكريس الرواية التوراتية ونفي الوجود الفلسطيني.
وخلص إلى أن الخطاب كشف حالة العزلة الداخلية والخارجية التي يعيشها نتنياهو، في وقت تتسع فيه دائرة الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني على المستويات العربية والإسلامية والدولية.