اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١١ أب ٢٠٢٥
تصاعدت الإدانات الدولية لتهديد (إسرائيل) بإعادة احتلال قطاع غزة عسكريا، مع استمرار حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع منذ 22 شهرا. ورغم وضوح هذه المواقف المنددة من حكومات ومنظمات أممية وحقوقية، فإنها تبقى في إطار البيانات والتصريحات، دون أن تترجم إلى خطوات عملية توقف آلة القتل والدمار.
ويؤكد مراقبون أن ما يحتاج إليه الفلسطينيون اليوم ليس مزيدا من الكلمات، بل إجراءات فعلية تفرض على (إسرائيل) وقف عدوانها، مثل تفعيل المقاطعة الدولية، ووقف الدعم المالي والعسكري، وسحب السفراء العرب من (تل أبيب)، وإغلاق سفارات الاحتلال في العواصم العربية، والتراجع عن اتفاقات التطبيع، بما يعيد للقضية الفلسطينية زخمها السياسي والإنساني على الساحة العالمية.
خطر استراتيجي
وقال المحلل السياسي أحمد رفيق عوض لـ 'فلسطين أون لاين' إن 'إعادة احتلال قطاع غزة تشكل خطراً استراتيجياً ليس فقط على الفلسطينيين، بل على الاستقرار الإقليمي بأكمله، لأن هذا التصعيد سيشعل مواجهات أوسع وقد يؤدي إلى انفجار شامل في المنطقة'.
وأضاف عوض أن 'ردود الفعل الدولية حتى الآن اقتصرت على الإدانات الشفهية والتصريحات الدبلوماسية، وهي لا تكفي لوقف آلة الحرب الإسرائيلية التي تعتمد على الدعم المالي والعسكري الغربي، خاصة من الولايات المتحدة'.
وأوضح أن 'المطلوب اليوم هو الانتقال من الكلام إلى الفعل، وذلك عبر اتخاذ إجراءات عملية مثل فرض عقوبات اقتصادية صارمة على (إسرائيل)، ووقف كافة أشكال الدعم العسكري والمالي، بالإضافة إلى تحريك أدوات المقاطعة الدولية التي أثبتت جدواها في حالات سابقة مثل جنوب أفريقيا'.
وتابع قائلاً: 'كما أن على الدول العربية أن تتحمل مسؤولياتها، ويكون ذلك من خلال سحب السفراء وإغلاق السفارات الإسرائيلية في العواصم العربية، والتراجع عن اتفاقيات التطبيع التي أسهمت في إضعاف الموقف الفلسطيني'.
وختم عوض بالقول: 'إن هذه الخطوات ليست مجرد خيارات سياسية، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية لحماية المدنيين الفلسطينيين وإجبار (إسرائيل) على التراجع عن سياسات الحرب والإبادة، وإعادة إطلاق مسار سياسي حقيقي يؤدي إلى حل عادل وشامل'.
انقسامات إسرائيلية
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن 'التهديد الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة لا يمكن فصله عن الأزمة السياسية الحادة داخل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، التي تعاني من انقسامات عميقة بين مكوناتها'.
وأضاف عوكل لـ 'فلسطين أون لاين': 'رئيس الحكومة يسعى من خلال هذا التصعيد العسكري إلى استرضاء وزراء اليمين المتطرف مثل إيتمار بن غفير وسموتريتش، الذين يمارسون ضغوطاً مستمرة من أجل تبني سياسات أكثر تطرفا، ترمي إلى تكريس السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية بالكامل'.
وأوضح عوكل أن 'هذه التحركات تحمل في طياتها كثيراً من التضليل السياسي، إذ يتم استخدام مسألة احتلال غزة كأداة للحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي الذي يواجه تحديات خطيرة تهدد استقراره'.
وقال: 'نتنياهو يعرف جيداً أن أي تنازل عن هذه السياسات سيُفسر داخل حزبه وبين حلفائه على أنه ضعف، قد يؤدي إلى انهيار الائتلاف وسقوط الحكومة، لذلك فهو يلجأ إلى دغدغة وتغذية التطرف داخل حكومته للحفاظ على بنية الائتلاف الحكومي'.
وأشار عوكل إلى أن 'هذا النوع من التصعيد العسكري يأتي في وقت تتعثر فيه جهود التفاهمات الداخلية، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها (إسرائيل)، والتي تزداد مع استمرار التوترات السياسية'.
وقال: 'الخطاب العدائي الذي يروّج له وزراء مثل بن غفير وسموتيريتش لا يعكس فقط موقفهم المتشدد تجاه الفلسطينيين، بل هو أيضاً ورقة ضغط يستخدمها نتنياهو لإبقاء الائتلاف موحداً تحت سقف السياسة الأمنية الصارمة، حتى لو كان ذلك على حساب السلام والاستقرار الإقليمي'.
وختم عوكل بالتحذير من أن 'هذه السياسات قد تقود (إسرائيل) إلى مأزق أكبر، حيث إن تصعيد العنف لن يحقق أهداف اليمين المتطرف سوى المزيد من العزلة الدولية، وتصعيد المقاومة الفلسطينية، وربما تهديد استمرار حكومة الاحتلال نفسها'.