اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٤ تموز ٢٠٢٥
تقرير – شهاب
في الوقت الذي يتناول فيه العالم وجباته وطعامه مما لذ وطاب بسلام، تبقى وجبة 'الفلافل' في غزة، رغم ارتفاع سعرها، مطرزة برائحة الدم والبارود والوجع، حيث تحولت عربات بيع الأكلة الشعبية الأشهر بالقطاع إلى ساحة دم.
ومساء أمس، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي جريمة جديدة تضاف إلى سجله الأسود بحق المدنيين في قطاع غزة، حيث استهدفت طائرة مسيّرة بسطة فلافل شعبية تقع مقابل مستشفى العودة في مخيم النصيرات، ما أسفر عن استشهاد عددًا من المواطنين، بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 70 آخرين، بعضهم في حالات حرجة.
وشهدت المنطقة حالة من الذعر والفوضى، حيث كانت البسطة مقصدًا لعشرات المواطنين الذين تجمعوا لتناول وجبة بسيطة قبيل الغروب، قبل أن تتحول ساحة الطعام إلى ساحة دماء وركام.
وبحسب مصادر محلية وشهود عيان، فإن الطائرة الإسرائيلية بدون طيار أطلقت صاروخًا مباشرًا على بسطة الفلافل قرب مدخل مستشفى العودة، في منطقة تشهد عادةً كثافة بشرية، فيما لم يكن هناك أي نشاط عسكري في المكان، ما يطرح تساؤلات حادة حول دوافع هذا الاستهداف الصارخ.
ويأتي هذا القصف في ظل تصعيد عسكري إسرائيلي متواصل منذ عدة أيام على قطاع غزة، شمل استهداف أحياء سكنية ومدارس ومرافق طبية، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى بشكل كبير، وسط أوضاع إنسانية متدهورة، تتمثل بحصار خانق يمنع دخول الوقود والمستلزمات الطبية، ويهدد بحدوث كارثة صحية وبيئية.
'لا مكان آمن في غزة'
قبيل الغروب، وبينما كان العشرات من سكان المخيم يصطفّون قرب بسطة فلافل محلية، في أحد معالم الحياة الشعبية القليلة المتبقية وسط الحصار والموت اليومي، أطلقت طائرة مسيّرة إسرائيلية صاروخًا واحدًا، لكنه كان كافيًا ليمحو الضحكة من وجوه الحاضرين، ويحوّل البسطة إلى أشلاء متناثرة.
وما يثير الفزع هو أن الموقع لم يكن قرب أي هدف عسكري، بل بجوار مرفق طبي، في شارع معروف بازدحامه بالمدنيين.
'جئت لأشتري فلافل لعائلتي.. عدت إليهم وأنا مغطى بالدماء'.. بهذه العبارة التي اختلطت فيها الدهشة بالبكاء، وصف الشاب حسين المصري اللحظات الأولى بعد استهداف طائرة إسرائيلية بسطة فلافل شعبية أمام مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وقال المواطن عبد الله نصار، الذي أصيب بجراح إثر القصف: 'كنت واقفًا في الطابور لأشتري فلافل.. وفجأة سقط الصاروخ، سمعت صوت انفجار هائل، رأيت أجسادًا على الأرض، وبعضها تفحّم، لم أصدق ما رأيته، هذه ليست جبهة قتال، هذا بسطة فلافل!'.
كما أكد شهود عيان، على أن استهداف بسطة فلافل يعني أن كل تفاصيل الحياة العادية أصبحت أهدافًا محتملة، مشددين على أن 'في غزة، أصبح الخبز مقاومة، والضحك مقاومة، وحتى الزيت المغلي ووجبة الفلافل الشعبية صارت مشروع شهادة'.
وقال محمد الشوربجي، أحد شهود العيان في المكان، إن بسطة الفلافل في النصيرات لم تكن مشروعًا اقتصاديًا صغيرًا فحسب، بل كانت نقطة حياة يومية في منطقة أرهقتها الحرب والفقر، وأن تُقصف هذه البسطة، يعني أن الاحتلال لم يترك للناس حتى أبسط حقوقهم في البقاء والكرامة.
'الموت في كل مكان'
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، قالت: 'لا مفر لأهل غزة، فالموت يلاحقهم في كل مكان، فلا مكان آمن، والتقاعس واللامبالاة هما سمة الأحداث الجارية، كأننا نُطبّع نزع الإنسانية، ونتغاضى عن الجرائم التي بثّت مباشرةً أمام أعيننا، وتحت أنظار العالم، تُقصف العائلات في غزة، ويُحرق الأطفال أحياء، ويتضور الناس جوعا'.
ووصف المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، الوضع في قطاع غزة بـ'الجحيم' الذي يزداد سوءا، في ظل التدهور الكبير في الأوضاع الإنسانية بعد استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية، مؤكدا أنه لا مكان آمن إطلاقا في القطاع.
وأكد لازاريني، أن سكان غزة يواجهون القصف الإسرائيلي اليومي، إلى جانب 'المجاعة المتفشية والمتفاقمة، والأمراض، وظروف الحياة القذرة بشكل استثنائي'.
وجدد لازاريني الإشارة إلى تصريح سابق للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال فيه إن 'غزة تحولت إلى حقل موت'. وقال تعقيبا على ذلك: 'لا يوجد في غزة مكان آمن إطلاقا'.
وأشار إلى أن 'المساعدات الإغاثية في قطاع غزة شارفت على النفاد بشكل كامل، إذ لم يعد هناك مساعدات لتوزيعها في قطاع غزة، فقد أغلق المعبر منذ أشهر'.
وشدد المفوض الأممي على أن الأونروا تواصل 'الدعوة إلى إلغاء الحصار المفروض على غزة والمطالبة بتدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري'، مشيرًا إلى أن 'مرتكبي هذه الجرائم لم يُحاسبوا حتى الآن'.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.