اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٢٤ أيلول ٢٠٢٥
بيت لحم- معا- صدرت عن الدار الاهلية للنشر والتوزيع في عمان وبيروت الرواية الجديدة للدكتور وليد الشرفا، وهي الاصدار الخامس بعد رباعيته اللافتة' رباعية الشواهد 'التي سردت النكبة والنكسة والخيبة وتحولات الكينونة الفلسطينينة عبر مسيرة الصدمات باسوب سردي مغايرأو, ´برواية اخرى' .
تسيطر على الرواية اسلوبيات سردية جديدة حيث يشكل الحب المولد الاول للحكاية والمعنى باسلوب وبلغة تراجيدية، تدور احداث الرواية في مدينة نابلس في مرحلة ما بعد الانقسام الفلسطيني، وتصور حالة الارتباك النضالي بين السلطة والثورة وبين الانقسام وتشظي الهوية الوطنية.
امكنة الرواية مثل ازمنتها محطمة ومحاصرة، حيث التحول التراجيدي من احلام الحب حول موقد يطل على نابلس بكل ما يحمله الخيال الحميمي من تخيلات وعوالم افتراضية مؤجلة، وصولا عبر تحولات نضالية وصلت الى الاغتيال والاشتباك، ومن ثم الانتقال من احلام الدفء الى واقع الصقيع والبرد في ثلاجة الموتى بعد احتجتاز جثمانه.
تبدو الشخصيات النسائية الاكثر حضورا في هذه الرواية التي تدور احداثها في البلدة القديمة من مدينة نابلس وهي الثالثة التي تكون نابلس مكانها الرئيس بعد 'وارث الشواهد'و 'ليتني كنت اعمي' ويعكس السرد حميمية عالية بالعلاقة مع المكان، تسيطر اللغة التراجيدية والمضامين الاسطورية على الحكاية التي ترويها لماء، وهي خطيبة عماد التي تبقى على العهد حتى لاينكسر ظل الابطال.
تصور الرزواية هواجس الحب والموت والبرد والدفء بلغة شعرية عالية ومكثفة، تعتبر امتدادا لاسلوبية الشرفا السردية، لكنها تضيف اليها منعطفا خادا كون الحب هو من يحاكم الواقع في وطن يتفكك و' وثورة تتعفن'
تسيطر على الرواية لغة الاحلام والكوابيس والمفارقات والوصايا، وتتداخل فيها الاصوات كما الامكنة والازمنة بشكل يربك القاريء احيانا، لكن القارىء يكتشف صعوبة سرد الحكاية دون هذا التداخل وتلك التداعيات.
يشكل مشهد النهاية ذروة المحاكمة التاريخية للاسطورة وللقوة وللهزيمة والنصر، حيث الحوار الاخير بين الجندي المسيطرعليه في بيت عماد الذي اتخذ قرارا بهدمه، وبين تواريخ وحوارات الموت والولادة حيث لا تكون القوة دائما هي الحكم، فهذه المرة لن يهدم البيت علينا وحدنا.
يكمل الشرفا راية التجديد السردي في الرواية الفلسطينية باسلوب متفرد، لا يقلد احدا، حيث الاغاني واللوحات والدخان والهواجس وحتى الاستدراكات، تكمل الدلالة السردية في توليد مركب للمعني ينطلق من حساسيته الفنية وثفافته المعرفية الاكاديمية في هذا المضمار.
جاء في كلمة الغلاف الاخير.
في هذه الرواية المتلبسة بين الحلم بالحب الى جانب موقد لم يكتمل ولم يشتعل، وبين هواجس الصقيع في ثلاجة الموتى
وتصاوراتها التي تثير الارتجاف، يتداخل السرد بطريقة الهذيان، بتداخل مفزع بين الأمكنة والازمنة، بين حوار االحب الأخير
وتوقع الاشواق من الجسد، وبين الليلة الأولى للمحب في ثلاجة الموتى، يكون السرد على شكل وصايا ومراثي وسرد
اسطوري، يشبه الخلق في الأسماء.
في هذا العمل القاسي، وحب لم يعش وأصبحت امنيته بعد البيت قبر
دافئ، وامنتيات بذكريات للجسد تساعد الروح على مقاومة الانهيار، هذا سرد يشبه النحيب وصور تورث الارتجاف
والقشعريرة والخوف. لا يشكل قطيعة مع رباعيته المتفردة، سرديا، بل يشكل انعطافة يحاكم الحب فيها الوطن والثورة والرتب وحتى بعض الالهة!