اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاتب: السفير حكمت عجوري
لا ادري اذا كان ذوبان الثلج وظهور المرج كمثل ينطبق على موافقة حماس اخيرا على خطة ترمب بعد ان حول الاحتلال غزة الى انقاض وبدون ان تتطرق هذه الخطة الى اي نوع من المساءلة عن ذلك وكانها كانت رحلة صيد على شواطئ غزة الا انني و على الرغم من ذلك أُثمن وأُرحب بهذه الموافقة لسبب واحد فقط وهو الامل بوقف هذه الابادة الجماعية بايادي صهيونية التي ما زالت تدور رحاها على ارض غزة الطاهرة ولمدة سنتين.
ولكن ترحيبي هذا لا يمنع من الخوض في بحر ظلمات حرب الابادة هذه وما اسفرت عنه من تدمير للبشر والحجر في غزة هي جريمة العصر ضد الانسانية على الرغم من انها حصلت باسم المقاومة من جانب حماس وذريعة الدفاع عن النفس من جانب اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وهذه مزاعم لا اساس قانوني او شرعي لها كونها تفتقر لابسط القواعد المتعارف عليها في قانون الحرب او القانون الدولي الانساني الذي تمت اضافته للقانون الدولي لحماية الانسان وبنيته التحتية.
المقاومة تماما كما هو الدفاع عن النفس هي حقوق مقدسة للشعوب كفلتهماالشرعية الدولية وحصنتهما بقوانينها وتحديدا القانون الدولي الانساني مناجل ان يعيش الانسان سيدا على ارضه ولكن هذا لا يعني بالمطلق ان تُشِكل المقاومة وتُفِصل على مقاس اشخاص او فصيل او حزب وهو ما يعني ان ليس كل عمل مسلح هو مقاومة مشروعة ما يعنيان اي عمل مسلح هدفه خدمة مصالح هؤلاء الاشخاص او ذلك الحزب على حساب شعب باكمله فهذه لا يمكن اعتبارها مقاومة مشروعة بحسب القوانين الدولية التي ذكرتها وانما هي على النقيض من ذلك وهذا للاسف ما فعلته حماس في السابع من اكتوبر ومارسته سابقا ومنذ نشاتها والسبب انها فصيل اخواني مسلح هدفه خدمة مصالح حزب الاخوان المسلمين على حساب المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني.
وللتوضيح اكثر اقول بان حماس لو انها فعلا فصيل وطني فلسطيني هدفه تحرير الارض المحتلة لما تجرأت على التضحية بغزة وشعبها بطوفانها الذي جرف غزة ومن عليها بدلا من ان يجرف الاحتلال وبدلا من ان يعيد المندوب السامي البريطاني توني بلير لغزة وذلك بسبب قرارات قيادة حماس المتهورة والتي بسببها ايضا استمرت في هذه الحرب طيلة سنتين وهي تحت الارض تضحي بما هو فوقها مع انها كانت قادرة على وقفها بعد شهرين من بدايتها وبعد ان اتضح لقيادة حماس وللعالم كله بان المخطوفين الصهاينةالذين هم بحوزتها هم مجرد ذريعة استخدمها نتنياهو لاستمرار هذه الحربالمدمرة.
من جانب اخر فانا على يقين كما الملايين غيري بان ذريعة الدفاع عن النفس من جانب اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لشن حرب الابادة هذه كانت مجرد خدعة كبيرة اخترعها نتنياهو واقنع بها حلفاءه في الغربالرسمي وتحديدا امريكا مستخدما ابداعه في صناعة الكذب لكسب دعمهم وذلك على الرغم من انها تتنافى مع كافة القوانين البشرية بما فيها القانونالدولي والدولي الانساني التي لا يسمح اي منها للمحتل بان يدافع عن نفسه ضد من هم تحت احتلاله ليس ذلك فحسب ولكن نتنياهو اضاف الى ذلك حالة الذعرالتي خلقها في صدور الاسرائيليين بزعمه ان هولوكوست حمساوي حصل في مستوطنات غلاف غزة في السابع من اكتوبر وذلك من اجل ان يعيد تصويب بوصلة الشارع الاسرائيلي الغاضب جدا عليه ولغاية السادس من اكتوبر وادخاله الى السجن بسبب انقلابه على القضاء الذي ادانه باربع جرائم ولكنه وبفضل السابع من اكتوبر تمكن من اعادة توجيه هذه البوصلة باتجاه اخر معاكس وهو ضرورة تجنيد الشارع الصهيوني بما في ذلك المعارضة خلفه تحت شعار القضاء على حماس الارهابية وتحرير المخطوفين .
نتنياهو وعلى الرغم من قدرته الكبيرة على صناعة الكذب والخدع الا انه شخص نرجسي و مضطرب نفسيا وفي نفس الوقت هو جينيا مجرم حرب وهذه المكونات مجتمعة جعلت منه شخص متخبط ومتهور بحيث اسقط كل اوراق التوت التي كانت تغطي الطبيعة العنصرية والدموية وكره الاغيار للايدولوجية الصهيونية امام العالم كله وهو ما ادى الى سقوط اسرائيل اخلاقيا في نظر كل شعوب العالم الذين شاهدوا حرب ابادة يقودها نتنياهو والتي لا يمكن لعقل بشري ان يبررها وهي تمارس جهارا نهارا وبدون تمييز ضد البشر والحجر في غزة على ايدي احفاد واولاد الناجين من محرقة هتلر التي كانت السبب الوحيد في تعاطف الكل الغربي مع الكيان الصهيوني.
الى ما سبق اود ان اضيف بان نتنياهو وبدون ادنى شك كان على علم مسبق بطوفان حماس خصوصا وان هناك الكثير ليقال مستقبلا عن طبيعة المكالمات التليفونية التي كانت تتم بين نتنياهو والمرحوم السنوار والتي كشف عنها الاعلام الصهيوني في حينه ودليل اخر هو ما قالته بهذا الخصوص زوجة رئيس الاركان الصيهوني السابق هاليفي وبشهادات عدد من الضباط و الجنود الاسرائيليين في غلاف غزة عن ساعات الهدوء المصطنع التي سبقت طوفان حماس وخلاله وفتحت له الباب واعقبه نتنياهو بتفعيل بروتوكول هانيبال ليضاعف من خسائر الطوفان لتعزيز خديعته في الدفاع عن النفس .
ومن اجل ان نستفيد من دروس وعبر هذه الابادة الجماعية على مدار سنتين بامل ان لا تتكرر لا بد من القاء بعض من الضوء على ما جرى لعلنا نتمكن من رسم طريقا لنا كشعب يعيش تحت اسوأ احتلال عرفته البشرية ومن اجل ان تكون طريقا اكثر وضوحا تعيننا على تخطي صعاب الايام القادمة اخذين بعين الاعتبار ما كسبناه من تعاطف ومساندة ودعم من قبل كل شعوب العالم معنا بعد سقوط اسرائيل اخلاقيا وما تبع ذلك من اعتراف دولي بفلسطين الدولة .
حماس ليست مقاومة فلسطينية كون فلسطين ببساطة لا تعني لها اكثر من مسواك اسنان كما قال احد قادتها 'محمود الزهار' وانما هي حركة مقاومة اسلامية قامت لخدمة أهداف حزب الاخوان المسلمين باقامة دولة الخلافة الاسلامية من اندونيسيا الى موريتانيا ولهذا كان سهلا عليها التضحية بغزة بشرا وحجرا خدمة لهذا الهدف الوهم وهذا يفسر سبب تبني امريكا لحزب الاخوان المسلمين بعد ان كانت بريطانيا هي من رعاه منذ ولادته سنة 1928 وذلك نظرا لقناعة الدولتين باستحالة تحقيق دولة الخلافة هذه ولكن لما سيرتكبه الحزب من حمافات لتحقيق وهم الخلافة واستغلالها من قبل امريكا لخدمة مصالحها الاستعمارية وعلى راسها تدمير الحس القومي العربيليتبع ذلك تدمير المشروع الوطني الفلسطيني وهو ما عملت عليه حماس دون كلل منذ قيامها بدأ بعملياتها الانتحارية في تسعينات القرن الماضي ليلي ذلك الانقلاب سنة 2007 من اجل الاستفراد بحكم غزة واقامة دويلتهاالاخوانية هناك وهو الهدف الذي اسس له شارون بانسحابه الاحادي دون اي تنسيق مع السلطة الشرعية سنة 2005 ولتختم كل ذلك بطوفانها لجرف المشروع الوطني كون الطوفان اساسا يهدف لاعادة الهيبة لحماس بعد ان فقدت اي مبررلخطفها لغزة واستحالة ان تكون بديلا لمنظمة التحرير.
الى ما سبق اضيف بانه لم يعد سرا بان امريكا هي التي طلبت من قطر استضافة قيادات حماس وتوفير الحماية لهم وهو ما يجعلني ازعم بان موافقة حماس المتاخرة جدا على خطة ترمب لم تكن صحوة ضمير وانمااستجابة لرغبة ولي الامر ترمب الذي وجد نفسه معزولا بسبب الضغوط الدولية عليه وتحديدا بعد اعتراف كل اعضاء مجلس الامن الدائمين باستثناء امريكا بدولة فلسطين .
ولكل من لا يرى الشمس بغربال حماس اعيد واكرر ، ألم يكن هناك امكانيةكبيرة لدى حماس وربما واجب اخلاقي وديني لانهاء هذه الحرب بعد شهرين من اشتعالها بعد ان اتضح للقاصي والداني بان المخطوفين الصهاينة كانوا مجرد ذريعة استخدمها نتنياهو خدمة لاهدافه الشخصيةواستغلها لتكون بمثابة استثمار صهيوني لتحقيق هدف استراتيجي صهيوني فشل كل من سبقوا نتنياهو بتحقيقه وهو التطهير العرقي للفلسطينيين .
ختاما اقول بانه في سنة 2006 انتخب الشعب الفلسطيني حركة حماس ولاسباب غير ايدولوجية وانما نكاية بحركة فتح ولكن وهذه لكن كبيرة وبعد مسيرة قرابة عقدين من فشل حماس في الحكم والادارة والسياسة ومحاولاتها المتكررة كما ذكرت لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني كل ذلك يشجعني على القول بان انتخاب حماس كان عقاب للشعب الفلسطيني كله وليس لحركة فتح التي ما زالت العمود الفقري لمنظمة التحرير المعترف بها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفسطيني في كل دول العالم بمن في ذلك دولة الاحتلال .