اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران ثم الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية، تركز الاهتمام العالمي على طهران وتل أبيب وواشنطن.
وشكل ذلك خصما من الزخم الإعلامي الذي صاحب المأساة الجارية في غزة منذ 20 شهرا، وتوقف صدور البيانات الأوربية الرسمية المنددة بالممارسات الإسرائيلية في القطاع المحاصَر، وهي بيانات لم تتجاوز كونها كما وصفها ناشطون “جعجعة بلا طحين”.
وفي خلفية التنديدات الرسمية بالتوتر الإقليمي المتصاعد في الشرق الأوسط، استمر نزيف المدنيين بين أهالي القطاع بفعل الإبادة الإسرائيلية التي لم تتوقف لحظة، بل زادت حدّتها مع تحوّل الأبصار عنها، وتذيلها عناوين الأخبار الرئيسية.
ورغم سحب جيش الاحتلال قوات الفرقة 98 ولواء ناحال من قطاع غزة لإعادة نشرها في جبهات أخرى، فقد صعّد وتيرة القتل دون أدنى اعتبار لأي تنديد أو استنكار، وأسفرت مجازره عن أكثر من 600 شهيد منذ بدء الحرب على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري، وهو عدد يقارب حصيلة الضحايا الذين سقطوا في القصف الإسرائيلي على إيران.
واستغلّت حكومة الاحتلال الانشغال الدولي بالمواجهة مع إيران، واستثمرت حالة التكاتف الغربي معها، بعدما كانت على وشك فقدانها في حربها على غزة.
ويرى محللون أن تغييب غزة عن نشرات الأخبار كان أحد أهداف العدوان على إيران، إلى جانب إبراز صور المدن الإسرائيلية تحت القصف، في محاولة لتغيير الصورة الذهنية المتدهورة عالميًا عن إسرائيل، وتقديمها في هيئة الضحية.
وأقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، يوم الأحد، بأن خلفه بنيامين نتنياهو نجح في صرف الانتباه عن الحرب المتعثرة في غزة، واستمرار احتجاز حماس لنحو 50 أسيرًا إسرائيليًا، ومقتل جنود من الجيش، إلى جانب أعداد كبيرة من الفلسطينيين غير المتورطين، على حد تعبيره.
“America’s entry into the war was courageous and exceptional”—and the credit must go entirely to Binyamin Netanyahu, writes Ehud Olmert, the prime minister’s predecessor, in a guest essay https://t.co/9C1ritxoGN
كما قالت السيناتور الأمريكية إليزابيث وارن صراحةً إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعتقد أن أحدًا لن يلاحظ ما يفعله في غزة بينما يقصف إيران، وأضافت في تدوينة على منصة إكس “العالم يراك يا بنيامين نتنياهو“.
The world sees you, Benjamin Netanyahu.
ولم يتوقف ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي للمجازر عند نقاط توزيع المساعدات، مستهدفا الفلسطينيين المجوعين، ما أسفرت عن أكثر من 450 شهيدًا وآلاف الإصابات منذ بدء عمل مراكز التوزيع، التي باتت تُعرَف بأنها “مصائد الموت”.
وكالات الأمم المتحدة، مثل الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، أخذت على عاتقها مهمة التذكير بالمجاعة المستمرة في غزة، والتحذير من تداعياتها، والتنديد بآلية إيصال المساعدات، معربة عن رفضها لمقتل أو إصابة أشخاص يتضورون جوعًا أثناء سعيهم للحصول على مساعدة منقذة للحياة.
ولم تسلم الخدمات الطبيّة في غزة من وحشية العدوان، فقد توقّف عمل مركبات الإسعاف تمامًا في مدينة غزة نتيجة استمرار منع الاحتلال إدخال السولار للقطاع، كما انقطع إمداد الحليب العلاجي المخصص للرضع والخدّج في مجمع ناصر الطبي، ما يهدد سلامتهم وحياتهم بسبب اعتمادهم عليه كليًا في ظل معاناتهم من سوء التغذية.
لم تهدأ آلة الحرب الإسرائيلية الموجهة ضد أهالي غزة، حتى بعد تحوّل القطاع إلى جبهة ثانوية بالنسبة لجيش الاحتلال عقب عدوانه على إيران، ففي يوم 18 يونيو/حزيران وحده استشهد 140 فلسطينيًا خلال 24 ساعة، بينهم مدنيون قُصفوا في خيام وبنايات سكنية، من شمال القطاع إلى جنوبه.
وشنّ الاحتلال عمليات قصف ونسف مكثفة في محيط جسر وادي غزة وسط القطاع، وبحسب شهادات من الميدان، فقد دمر الجيش ما تبقى من منازل قرب نقطة توزيع المساعدات بمحور نتساريم، لتوسيع المنطقة العسكرية العازلة على طول المحور، بما يتيح له سيطرة أمنية ونارية أكبر.
كذلك تواصلت أوامر الإخلاء القسري للمدنيين، لتشمل عدة أحياء ومناطق، من بينها البلدة القديمة وحي التفاح بمدينة غزة، والجلاء ومدينة حمد في خان يونس، باعتبارها مناطق قتال خطيرة، ليستأنف سكانها رحلة نزوحهم التي لم تستقر منذ بدء الحرب.
قتل الاحتلال الفنان والناشط محمود خميس شراب، المعروف بالمبادرات الإنسانية، أثناء وجوده داخل خيمته بمواصي خان يونس يوم السبت الماضي، وكان آخر ما نشره قبل استشهاده بساعات تدوينة على موقع فيسبوك يعلن فيها توزيع 15 سيارة سقيا ماء لأهالي القطاع.
وفي مشهد مؤثر، ودّع فهمي شراب شقيقه محمود، الذي عاش معه يتيمًا بعد استشهاد والدهما في سنّ مبكرة، ورثاه قائلا “ربطوا إيديك يا حبيبي، إيديك اللي ياما عملت خير، إيديك اللي كانت تسند الجوعى والنازحين”.
وكان محمود قد صرح للجزيرة مباشر قبل استشهاده بأسابيع بأن القطاع “وصل إلى مرحلة لا توصف من شدة السوء”، وبأن الآباء باتوا محرجين من أطفالهم بسبب عجزهم عن سد جوعهم وتلبية رغباتهم.
“خنساء فلسطين” مرّتين
ودون ضجة إعلامية، تكرّرت مأساة الطبيبة آلاء النجّار التي فقدت 9 من أبنائها دفعة واحدة، فقد أعلن صحفيون في قطاع غزة، استشهاد 7 من أولاد إيناس فرحات، وإصابة والديهم بجروح في قصف استهدف منزلهم في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.
وبهذه الفاجعة، ترث إيناس فرحات عن والدتها، أمّ نضال فرحات، لقب “خنساء فلسطين” الذي اشتهرت به بعد استشهاد 3 من أبنائها بين عامي 2002 و2005.
وبلغت الحصيلة الإجمالية لعدد الشهداء في قطاع غزة نحو 56 ألف شهيد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق بيانات وزارة الصحة في غزة، في ظل تحذيرات متكررة من تفاقم كارثة إنسانية لا مؤشرات على قرب نهايتها.