اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
في وقتٍ يواصل فيه السودان غرقه في أتون صراع دموي طويل الأمد، أطلق محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي» قائد «قوات الدعم السريع» سلسلة من الرسائل التصالحية النادرة تجاه مصر، لكن هذه الرسائل لم تلقَ أي اهتمام رسمي في القاهرة، التي تواصل التشديد على ثوابتها في الملف السوداني، وفي مقدمتها احترام الشرعية والمؤسسات الرسمية.
حميدتي يظهر في دارفور برسائل تصالحية
في ظهور علني هو الأول من نوعه منذ نحو عام، ظهر حميدتي وسط جنوده في ما يبدو أنه معسكر تدريب ميداني بإقليم دارفور، حيث تحدث بنبرة تصالحية تجاه مصر، في مشهد بدا مناقضًا تمامًا لظهوره قبل أسبوعين فقط حين اتهم مصر، عبر مقطع فيديو، بدعم الجيش السوداني عسكريًا، وهي اتهامات نفتها القاهرة مرارًا وبشدة.
وقال حميدتي في خطاب مسجل بثّته قناته على منصة «تلغرام» مساء الأحد: «راجعنا حساباتنا، وتوصلنا إلى أنه يمكن أن نحل مشكلاتنا مع مصر عبر طاولة الحوار والنقاش، وليس بالمشاحنات».
وأكد أن قواته لا تُعادي أي دولة، وأنها تطمح للتعاون مع جميع دول الجوار من أجل تأمين الحدود المشتركة.
مصر تتمسك بالشرعية وتُعرض عن تصريحات حميدتي
مصدر مصري رفيع تحدث لصحيفة «الشرق الأوسط»، وأكد أن سياسة مصر تجاه السودان لم تتغيّر، وتقوم على احترام سيادة السودان ووحدته، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والتعامل فقط مع المؤسسات الشرعية والرسمية.
وأشار المصدر إلى أن القاهرة تنظر إلى الملف السوداني من زاوية تحقيق السلم الأهلي والاستقرار الشامل، لا من بوابة التعامل مع أطراف مسلحة.
مثلث حدودي يثير التساؤلات
جاء خطاب حميدتي بعد أيام قليلة من سيطرة قوات الدعم السريع على منطقة المثلث الاستراتيجية، وهي نقطة التقاء بين السودان وليبيا ومصر، عقب انسحاب الجيش السوداني منها ضمن ما أُطلق عليه «ترتيبات دفاعية».
وقال حميدتي في خطابه: «دخولنا إلى المثلث، لو ما كان إضافة للجيران فلن يكون خصماً عليهم».
وأضاف: «ذهابنا إلى الصحراء أمن لجيراننا المصريين والليبيين والتشاديين، نحترمهم ونحترم حدودهم، ونحن ما عندنا مشكلة مع أي دولة».
بكري: مصر لا تعبأ بتقلبات حميدتي
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر لا تبني سياساتها على نوايا غير ثابتة أو متقلبة، مشيرًا إلى أن حميدتي كان دائم الهجوم على مصر ويتهمها زورًا بدعم الجيش السوداني بالسلاح والطيران.
وقال بكري إن القاهرة لا تتعامل إلا مع السلطة الشرعية المعترف بها، معتبرًا أن التقارب مع حميدتي سيكون بمثابة تهديد لوحدة السودان، وهو ما يمثل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي المصري.
خبير أمني: حميدتي يحاول جر مصر إلى الصراع
وفي السياق ذاته، قال اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات المصرية الأسبق، إن حديث حميدتي لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لزج مصر في الصراع السوداني، وهي مناورة لتمرير ما تنفيه القاهرة بشدة عن دعمها لطرف بعينه.
وأضاف رشاد أن مصر قادرة على تأمين حدودها وأمنها القومي دون الحاجة لأي تعاون من طرف متمرد أو خارج على الشرعية، مشددًا على أن مصر لن تكون طرفًا في هذا النزاع، بل ستظل تعمل على دعم الاستقرار السياسي في السودان من خلال المؤسسات الرسمية.
مصر تراقب بحذر… دون استجابة علنية
يبدو أن القاهرة تتبع سياسة «الصمت المحسوب» تجاه تصريحات حميدتي، مُدركة أن الانجرار وراء خطابه المتبدل بين التصعيد والتهدئة لن يخدم هدفها الأهم: حماية حدودها وتحقيق استقرار السودان دون الاصطفاف مع أي فصيل مسلح.
رسائل حميدتي: مبادرة حقيقية أم مناورة سياسية؟
رغم نبرة التهدئة التي حملتها تصريحات حميدتي، إلا أن مراقبين يرون أنها لا تعكس تحوّلاً جوهريًا في استراتيجيته، بل مجرد مناورة خطابية لإضفاء الشرعية على موقعه العسكري والسياسي في إقليم دارفور، خاصة بعد سيطرته على مناطق استراتيجية كالمثلث.