اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ تموز ٢٠٢٥
*﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُكُمْ أَن تَذبَحوا بَقَرَةً﴾* (البقرة: 67)
أيها العالم، ها هو التفاوض مع أحفاد حاخامات البقرة؛ غزة ليس سوى تكرار لأسطورة البقرة التي تسلّح بها أعداؤنا من القدم، مراوغات ومناورات ماكرة، تسويق أوهام وبيع زمن القتل تحت قناع الكلام. لكن غزة ليست مزادًا تُباع فيه الحقوق، ولا رقعة لعبة يحركها جبناء من خلف طاولات التفاوض. غزة هي نارٌ تشتعل في قلب التاريخ، روحٌ لا تُقهر، دم الشهداء يسيل في عروقها، وصبر الأمهات يُزيّن سماءها. إنها المقاومة التي وهبت نفسها لله، لا للمساومات الرخيصة، هي صوت الحق الذي لا يملّ ولا يضعف، وعقل الثبات الذي لا يلين. النتن ياهو الماكر يرقص على رؤوس الأفاعي، لا يدرك أن أمامه جدارًا من الإيمان والصمود، أن غزة ليست من يُقهَر، بل هي التي تقهر، حاملة شعلة النصر في زمن الظلم والدمار. غزة اليوم ليست مجرد مكان، بل ملحمة تكتب بدماء الأبطال، سيف الحقيقة الذي لا يصدأ، وعد الله الذي لا يخلف، نورٌ يهدي الجهادين في دروب الحرية. فلتعلموا أن الذي جاهد في سبيل الله لن يُضل أبداً، ولن تُكسر عزيمته، ولن يُهزم حُب الوطن في قلبه. غزة مدرسة المجد، وسليل الشهداء، ومنبع العز الذي لا ينضب، وصوت الصرخة التي لا تنطفئ حتى النصر، حتى الحرية.
تفاوض يهود مثلته مراوغتهم في قصة البقرة، حيث تجلّت طبيعتهم الجدلية الفاسدة حتى مع الله تعالى. خاطبهم موسى بأمر ربّه: 'اذبحوا بقرة'، فانطلقت سلسلة مناكفات وتكتيكات مراوغة لا هدف لها إلا التملص والتسويف، ينتهون إلى الذبح، {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} (البقرة: 71)، بعد أن خاضوا أطول مفاوضة في التاريخ على بقرة! هكذا فعل الأجداد، وهكذا يفعل الأحفاد. النتن ياهو ليس سوى امتداد لحاخامات البقرة، يتقن التلاعب بالمفاوضات ويجيد فن الإغراق في التفاصيل لقتل الزمن واستنزاف الخصم. وكما خدع الحاخامُ اليهوديَّ المسكين بقصة الخروف والبقرة والحمار، يمارس النتن اليوم فلسفة التضييق المصطنع ليبيع لاحقًا 'انفراجة كاذبة'. إنها حيلة قديمة: صناعة الأزمة، ثم بيع حلٍّ وهميٍّ لها.
غزة في قلب المأساة، والدماء لم تجف، لكن النتن ياهو لا يفاوض على هدنة، بل يفاوض على مصلحة انتخابية، وعلى شرعنة جرائمه، وعلى مزيد من الوقت لمواصلة القتل. وكلما اقتربت الصفقة، يعيد الجميع إلى المربع الأول، يفاوض على بنود تم الاتفاق عليها، ويضع شروطًا جديدة، ويتهم، ويتراجع، ويغيّر صيغ الوساطات، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} (المائدة: 41). وما فعله شامير من قبله كان أوضح تعبير: 'سوف أفاوض الفلسطينيين عشر سنين ولا أصل معهم لشيء'. إنها عقيدة صهيونية: تفاوض لأجل التفاوض، تفاوض كتكتيك للإنهاك، تفاوض لشراء الزمن وتكريس وقائع على الأرض. وفي النهاية، لا يُسلِّمون بشيء، لأنهم أصلاً لا يعترفون بشيء.
ورّط النتن ياهو الإدارة الأمريكية في جريمة كبرى عبر حيله التفاوضية. بايدن، وهو يحاول تثبيت صفقة هشّة بقرار أممي، لم يدرك أن شريكه لا يعرف الوفاء. وبدل أن يردّ الجميل، جرّ النتن ياهو بايدن إلى السقوط، كما يسقط كل من يثق بقتلة الأنبياء. فها هو الحزب الديمقراطي يترنّح، والإدارة تُحاسب شعبيًا وإعلاميًا على دعمها للإبادة، بينما يهود البقرة يسخرون ممن ظنهم حلفاء!
كلما اقتربت الصفقة، يبيع الإعلام تفاؤلًا مصطنعًا، يخدر العالم بشعارات 'اقتربنا'، 'نقترب'، 'وصلنا'، فيما تعود الدورة من جديد: نتنياهو يرفع سقف الشروط، يُعيد طرح الملف من بدايته، ويمضي الوقت لصالحه، ويمضي القتل بحق غزة. لكن ما علم النتن أن غزة لا تُفاوض لتبيع، بل تصمد لتنتصر.
رغم هذا العبث، غزة تدفع الثمن بدماء شهدائها، ودموع أمهاتها، وأشلاء أطفالها، وركام بيوتها، وصبر أهلها. ومع ذلك، لا تنكسر. لأن هذه الأرض ليست للبيع، وهذه الدماء ليست للتفاوض، وهذه القضية ليست بندًا على طاولة الاحتلال. وإن تفاوضت غزة، فهي تفاوض بنفس من جاهد، لا من ساوم، وبعقل من ثبت، لا من ارتجف. لأن من نصرها في الميدان، لا يخذلها في المفاوضات، ولأنها تعلم أن وعد الله لا يُكسر، وأن الطريق إليه لا يُقطع: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت: 69).
تفاوض يهود ليس جديدًا، لكن وعي غزة أكبر. فما بعد محرقتها، لا تفاوض عبثي، ولا وهم يُشترى، ولا هدنة بلا حرية. هذه معركة صمود سياسي، كما كانت معركة نصر ميداني. والميدان واحد، والعدو واحد، والهدف واضح. اللهم غزة وكفى... وسلامٌ على أهلها الذين اصطفى. اللهم ثباتًا في الميدان، وثباتًا على الموقف، وغلبة على الأعداء. وما النصر إلا من عند الله.