اخبار سوريا
موقع كل يوم -الوكالة العربية السورية للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
دمشق-سانا
في أوقات الصراعات والحروب والأزمات، يتخذ دور المثقف شكلاً مختلفاً وجوهرياً، فكما رأى أنطونيو غرامشي، يصبح المثقف هو من يتحسس آلام الشعب ويستحق هذا اللقب، وكما وجده إريك فروم، فهو الأجدر على فهم أسباب الأزمات وتخفيفها.
وفي بلد كسوريا، عانى وطأة الحروب والأزمات المتلاحقة، يكتسب دور المثقف السوري أهمية استثنائية، ليتحول من مجرد شاهد على الأحداث إلى صوت للعقل ومرساة للوعي، حيث يحمل على عاتقه مسؤوليةً أساسيةً تتجاوز حدود الكلمة، لتشمل توعية الناس، وتعزيز الوحدة المجتمعية، والدفاع عن القيم الإنسانية والعدالة، وبناء جسور الحوار وقيادته.
الانطلاق من الإنسان البسيط لتصحيح الأفكار المنحرفة
المثقف إنسان عاقل، والفتنة منتشرة منذ الأزل، هذا ما أشار إليه الأديب الدكتور نزار أباظة في تصريح لـ سانا الثقافية، مؤكداً دور المثقفين في التخفيف أو الحد من خطابات الكراهية ونشر الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد، ومبيناً أنه لكبح جماح الفتنة لا بد من الانطلاق من الإنسان البسيط لتصحيح الأفكار المنحرفة، وصولاً إلى فئة المثقفين والمصلحين والعقلاء، الذين يقومون بإمساك العصا من الوسط، لتقريب وجهات النظر.
تفعيل سبل التواصل بين المثقفين والرأي العام
ويجد الدكتور أباظة أن في كل أزمة توجد أطراف غوغائية تطرق أبواب الفتنة بشكل مباشر وطرق خبيثة للإيقاع بمحيطهم، لذلك يؤكد ضرورة تفعيل سبل التواصل بين المثقفين والرأي العام من خلال المثقف المخلص الذي يأخذ دوره مع زملائه، ويشير إلى مواطن الفتنة عبر الكتابة، وإجراء المقابلات، ونشر الفيديوهات التي تنشر الوعي وتعزز الهوية المتنوعة والجماعية، التي هي كلوحة فسيفساء تتشوه عند إزالة قطعة منها.
من أدوار المثقفين المهمة عدم شيطنة الآخر
أما الباحث السياسي أنس الكردي فاعتبر أن دور المثقف السوري كبير، ولا يمكن الهروب منه، حيث تقع على عاتقه مهمة رفع وعي الناس من خلال التشديد على المشتركات الوطنية، ومواجهة كل ما يؤثر على الوحدة والهوية، وجمع الحقائق وعرضها أمام الرأي العام، باعتباره صوت الضمير والحكمة في المجتمع.
ومن أدوار المثقفين المهمة برأي الكردي عدم شيطنة الآخر، ونزع الصور النمطية عنه، وشرح وجهات نظره على وسائل الإعلام، والتواصل مع الجمعيات والمنظمات المعنية بالعمل المجتمعي، ليوضح من خلال ذلك معنى كلمة 'سوري' في ذاكرتنا جميعاً، لبناء هوية جامعة.
دور المثقف الاقتراب من الناس والانفتاح عليهم
محمد صوان دراسات عليا في الأدب العربي دعا المثقفين إلى التصدي لخطابات الكراهية، وكشف خطورة انتشار الفتنة بين أفراد المجتمع، ونشر الوعي والأفكار الإيجابية وخاصة في المساحات الرقمية والإعلامية بأساليب متنوعة كالمقالات أو الزوايا الإعلامية، واقتراح طرق الاقتراب من الناس وكسب ودهم والانفتاح عليهم، بهدف التأثير الإيجابي فيهم، مؤكداً ضرورة المساهمة الفاعلة في النقاشات التي تدور بين شرائح المجتمع.
وشدد صوان على أهمية تعزيز الهوية السورية من خلال أعمال أدبية تعكس الهوية الوطنية، مثل المسرحيات والندوات التي تحوي مضموناً جامعاً لا يقصي أحداً، مع فتح قنوات التواصل المباشر مع الجميع، ووضع المشكلات على طاولة النقاش بوضوح.