اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٧ أيار ٢٠٢٥
قلّل خبراء اقتصاديون من جدوى خطة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة عبر مناطق محددة، مؤكدين أنها محاولة مكرّرة لتكريس واقع إداري بديل، وتهميش الجهات الرسمية والدولية، في مشهد يعيد إنتاج الفشل بأساليب أكثر تكلفة.
وقال الخبير الاقتصادي محمد سكيك إن الخطة الإسرائيلية تقوم على توزيع المساعدات في مناطق منتقاة داخل القطاع، عبر طواقم محددة لا تنسّق مع المؤسسات الفلسطينية أو الهيئات الأممية، معتبرًا أنها 'تكرار لنهج قديم أثبت فشله، ومحاولة لخلق نموذج إداري يخدم الاحتلال سياسيًا وأمنيًا'.
وأوضح سكيك أن الاحتلال يحاول استغلال الأزمة الإنسانية في غزة لإعادة طرح مشاريع تفتيتية، كان أبرزها ما يُعرف بـ'روابط المدن والقرى'، وهي صيغة تهدف إلى إضعاف البنية السياسية والمجتمعية، وتحويل المساعدات من حق إنساني إلى أداة ابتزاز.
وأشار لصحيفة 'فلسطين' إلى أن تجارب سابقة أثبتت فشل هذه المقاربات، مستشهدًا بإسقاط المساعدات جوًّا عبر المروحيات، التي وصفها بأنها 'رمزية أكثر منها عملية'، حيث تتساقط بشكل عشوائي وتسبّب فوضى ميدانية، ولا تصل غالبًا إلى الفئات الأشد حاجة.
كما تطرّق سكيك إلى مشروع 'الممر العائم' البحري، الذي رُوِّج له سابقًا كحلٍّ مؤقت، لكنه انهار سريعًا أمام العقبات اللوجستية والأمنية.
وقال: 'الكميات التي تم إدخالها حينها لم تكن كافية، وكانت خاضعة لشروط سياسية أعاقت استمراريتها وفعاليتها'.
وشدّد على أن الحل الحقيقي يكمن في إعادة فتح المعابر البرية، وعلى رأسها معبر رفح، بما يضمن دخول المساعدات وتنظيمها عبر الجهات المختصة، ضمن آلية عادلة تحترم كرامة المواطنين وحقوقهم.
وحذّر من أن الضغوط المعيشية، خاصة الجوع، قد تدفع بعض الأهالي إلى اللجوء للمناطق التي حدّدها الاحتلال لتلقي المساعدات، 'لكن التجارب أكّدت أن هذا النوع من الخطط هشّ وقصير الأمد، ولا يمكن أن يوفر استجابة مستدامة في ظل الانهيار الإنساني'.
يعيش قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية في ظل الحرب المستمرة، حيث تزداد حدّة الجوع ونقص المواد الأساسية مع استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن مخزونه الغذائي داخل القطاع قد نفد، ما ينذر بتفاقم الأزمة وتهديد مباشر لحياة المدنيين.
وتشير تقارير أممية إلى أن مستويات الجوع وصلت إلى مرحلة 'شديدة للغاية'، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تفوق 1000% مقارنة بفترة ما قبل الحرب، مما جعل تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية أمرًا بالغ الصعوبة.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي خالد أبو عامر إن ما يجري هو محاولة ممنهجة لتقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي ظلّت لعقود الضامن الدولي الأساسي لإيصال الإغاثة إلى القطاع، ضمن ولاية قانونية وشرعية.
وأضاف لـ'فلسطين' أن الاحتلال يسعى إلى إفراغ المؤسسات الدولية من مضمونها، واستبدالها بكيانات محلية ضعيفة لا تملك القدرة على إدارة الأزمة، الأمر الذي سيقود إلى تهميش القضية الفلسطينية، خاصة ملف اللاجئين، وتحويل المساعدات إلى وسيلة للسيطرة والتوجيه.
وأشار إلى أن تجاوز الأطر الدولية وتهميش الأونروا لا يُمثّل فقط خطرًا إنسانيًا، بل يشكّل مدخلًا لفوضى شاملة، وسيطرة مباشرة من الاحتلال على مفاصل الحياة في غزة، في ظل غياب الرقابة والضمانات.
وقد حذّرت وكالة 'الأونروا' من أن القطاع بات على حافة كارثة غذائية، خاصة مع توقّف أكثر من 3000 شاحنة مساعدات عند المعابر، في انتظار إذنٍ إسرائيلي لإدخالها. وفي ظل هذا الواقع، تتزايد حالات الوفاة بين الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، وسط غياب أي أفق لحل شامل يُنهي المعاناة المتفاقمة.