اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
حذر أستاذ القانون الدولي العام في مصر د. محمد مهران من تفاقم المجاعة في قطاع غزة، مؤكداً أن هذا الوضع يشكل جريمة إبادة جماعية وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.
وقال مهران في حديث لـ 'فلسطين أون لاين' أمس، إن تعمق المجاعة في غزة من الناحية القانونية يشكل انتهاكاً صارخاً للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، التي تحظر استخدام التجويع أسلوبا من أساليب الحرب، مؤكداً أن منع وصول المساعدات الإنسانية والغذاء والماء للمدنيين يعتبر جريمة حرب وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أن المجاعة المتعمدة تندرج ضمن الأفعال المشكلة لجريمة الإبادة الجماعية المنصوص عليها في المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والتي تشمل فرض ظروف معيشية يراد بها تدمير الجماعة الوطنية كلياً أو جزئياً.
وشدد مهران على أن استمرار تعنت الاحتلال الإسرائيلي في منع إدخال المساعدات لغزة يشكل انتهاكاً منهجياً لالتزامات (إسرائيل) بموجب القانون الدولي الإنساني، خاصة المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حرية مرور المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين.
وأكد أن هذا التعنت يكشف عن نية إجرامية لاستخدام التجويع كوسيلة ضغط وإبادة، مشيراً إلى أن القوة القائمة بالاحتلال ملزمة بموجب المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة بضمان التموين الكافي للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
وانتقد مهران الدور العربي تجاه ما يجري في غزة، معتبراً اياه دون المستوى المطلوب قانونياً وأخلاقياً، موضحا أن الدول العربية ملزمة بموجب المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بمنع هذه الجريمة وقمعها، وليس مجرد التنديد والشجب.
وحذر أستاذ القانون الدولي من أن استمرار هذه الأوضاع ينذر بكارثة إنسانية وقانونية لا يمكن السكوت عنها، مؤكداً أن المجتمع الدولي يقف على أعتاب جريمة إبادة جماعية ترتكب أمام أعين العالم دون اتخاذ إجراءات فعالة لوقفها.
كما بين أن الاستمرار في هذا النهج سيؤدي إلى انهيار مصداقية النظام القانوني الدولي وسيادة القانون، مما قد يفتح الباب أمام ارتكاب جرائم مماثلة في أماكن أخرى من العالم دون خوف من المحاسبة.
وطالب بإجراءات عربية ودولية عاجلة وحازمة، وليس فقط التنديد والشجب، بل اتخاذ خطوات قانونية وعملية فورية لوقف هذه الجرائم، مشددا على ضرورة قطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية مع (إسرائيل)، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية شاملة عليها.
ودعا إلى الانضمام إلى الدعوى القضائية المقامه أمام محكمة العدل الدولية من جنوب أفريقيا بشأن انتهاك (إسرائيل) اتفاقية منع الإبادة الجماعية، مطالباً بتطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم.
كما طالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ إجراءات فورية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، داعياً المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الجرائم المنظمة بحق مليونين من المدنيين الفلسطينيين.
وفي السياق ذاته، أكد خبير القانون الدولي أهمية الدور الشعبي في مواجهة هذه الجرائم، داعياً إلى تفعيل حركات المقاطعة الشعبية والأكاديمية والثقافية لـ(إسرائيل) على غرار نموذج مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سابقاً.
وشدد على أن القانون الدولي يعطي الشعوب الحق في مقاومة الاحتلال والعدوان، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يمارس حقه المشروع في المقاومة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وشدد مهران، على أن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة إبادة جماعية منظمة تتطلب استجابة دولية حازمة وفورية، والتاريخ سيحاسب جميع من تواطأ بالصمت أو الدعم مع هذه الجرائم، و العدالة الدولية لا تعرف التقادم وأن المحاسبة قادمة لا محالة.
مشاركة بالتجويع
إلى ذلك، أدان مهران، الدور 'المخزي' للاتحاد الأوروبي في المماطلة والتسويف في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة، معتبراً أن هذا الموقف يجعل كل من يتخاذل شريكاً قانونياً في جريمة التجويع الجماعي بغزة.
وقال مهران: إن المماطلة الأوروبية في تقديم المساعدات العاجلة تشكل انتهاكاً صارخاً لالتزامات الاتحاد الأوروبي بموجب القانون الدولي الإنساني، مؤكداً أن التأخير في تقديم المساعدات الإنسانية في حالة طوارئ يعتبر مشاركة سلبية في الجريمة.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي، الذي يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، يكشف عن ازدواجية معايير فاضحة في تعامله مع الأزمة الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذا السلوك يعكس موقفاً سياسياً منحازاً لـ(إسرائيل) على حساب حياة المدنيين الأبرياء.
وأشار إلى أن مبدأ الحياد وعدم التمييز في تقديم المساعدات الإنسانية، المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، يتطلب من الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات بناءً على الاحتياج الإنساني فقط وليس على أساس اعتبارات سياسية، مستدركاً 'لكن ما نشهده هو عكس ذلك تماماً، حيث تخضع المساعدات الإنسانية لحسابات جيوسياسية تخدم المصالح الإسرائيلية'.
وانتقد مهران البيروقراطية الأوروبية المفرطة في التعامل مع أزمة غزة، معتبراً أن هذه البيروقراطية تُستخدم كذريعة لتبرير التقاعس عن أداء الواجبات الإنسانية والقانونية.
وحذر من أن المماطلة الأوروبية تعطي الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة سياسة التجويع، مما يجعل الاتحاد الأوروبي متواطئاً في هذه الجريمة.
ودعا إلى محاسبة المسؤولين الأوروبيين الذين يتخذون قرارات تأخير المساعدات، مؤكداً أن المسؤولية الجنائية الفردية تطال كل من يساهم في هذه ذلك.